
اليمن: دعوات إلى الإصلاح الاقتصادي بمعزل عن التسوية السياسية
الرأي الثالث
أكد خبراء يمنيون ودوليون ضرورة المضي قدماً في تنفيذ إصلاحات اقتصادية، وجبر الضرر، وتحقيق العدالة الانتقالية، حتى في ظل غياب تسوية سياسية شاملة.
أكد الخبراء أهمية الإصلاح الاقتصادي حتى في ظل عدم وجود تسوية سياسية (مكتب المبعوث الأممي)
وقال مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، في بيان، إن هذه النقاشات «تمثّل خطوة مهمة ضمن الجهود الرامية إلى الدفع نحو عملية سياسية بقيادة وملكية يمنية».
ووفقاً للمشاركين، ومن بينهم خبراء في الاقتصاد والإصلاح المؤسسي والقضاء والمجتمع المدني وحقوق الإنسان والبحث الأكاديمي، فإن الربط بين الاقتصاد ومفاهيم العدالة الانتقالية وجبر الضرر يمكن أن يشكّل مدخلاً لتحقيق تقدم حتى قبل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.
وأوضحوا أن التدابير المرتكزة على الاقتصاد، إذا ما صِيغت بعناية، قادرة على بناء الثقة، ومعالجة المظالم العاجلة، وخلق زخم لجهود المصالحة الأوسع نطاقاً.
وركزت المناقشات على سبل تعزيز الحوكمة الاقتصادية وتطوير الخدمات، إلى جانب استكشاف آليات تحقيق العدالة والإنصاف وضمان الموثوقية المؤسسية، وهو ما ينعكس بصورة ملموسة على حياة الناس اليومية.
أضرار اقتصادية ممنهجة
وأوضح المشاركون أن النزاع في اليمن خلّف أضراراً اقتصادية ممنهجة، من بينها الانخفاض الحاد في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وانهيار الخدمات، واستشراء الفساد، والازدواجية المؤسسية، وتدهور قيمة العملة، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي.
صورة للمشاركين في النقاشات التي نظّمها مكتب المبعوث الأممي لليمن (مكتب المبعوث)
وخلص المجتمعون إلى أن هذه الوقائع أسهمت في تسييس الاقتصاد واستخدامه أداةً للنزاع، ما عمّق انعدام الثقة العامة، وأسهم في تدهور ظروف المعيشة، لا سيما لموظفي القطاع العام، والأسر النازحة، والمجتمعات ذات الدخل المحدود. كما أشاروا إلى أن الانتهاكات التي تُدرج عادة ضمن الحقوق المدنية والسياسية -مثل الاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري- تترك بدورها تداعيات اقتصادية طويلة الأمد على الأسر والمجتمعات.
معالجة التداعيات الاقتصادية
وحسب مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، أكد المشاركون أن معالجة التداعيات الاقتصادية تمثّل ضرورة أساسية، لكنها غير كافية لتوفير أساس شامل للمصالحة والسلام العادل المستدام. وأشاروا إلى أن جبر الضرر لا ينبغي أن يقتصر على التعويض المالي، بل يجب أن يشمل أيضاً إعادة الممتلكات، والتأهيل النفسي والاجتماعي، والاعتراف بالضرر والاعتذار عنه، إلى جانب المبادرات المجتمعية وضمانات عدم التكرار.
النقاشات تدفع نحو عملية سياسية بقيادة يمنية (مكتب المبعوث الأممي)
وكشف المشاركون عن أن بعض التدابير يمكن تطبيقها على المدى القصير من دون التأثير على مخرجات التسوية السياسية المستقبلية، ومنها: تعزيز الشفافية، وتوثيق الأضرار وإنشاء سجلات خاصة بها، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا وأسرهم، وتوفير الحماية، واستعادة الخدمات العامة الأساسية مثل السكن والصحة والتعليم، فضلاً عن تطوير أدوات إدارية موحدة لتوجيه برامج جبر الضرر المستقبلية.
كما شددوا على أن تضمين هذه التدابير ضمن إطار قانوني واضح يُعد ضرورياً لمنع إساءة استخدامها، وضمان الحقوق، وتحقيق الاتساق في تطبيق مختلف أشكال سُبل الإنصاف