
التدخل الخارجي وتعطيل قوانين الصراع في اليمن
كغيرهم، تصارع اليمنيون على السلطة عبر التاريخ، وكان الصراع محكوماً بقانون الغلبة، الذي يتوقف فيه الصراع عندما يحسم أحد أطرافه المواجهة لصالحه، او عندما لا تستطيع أطرافه تحمل تكاليف الاستمرار فيه، أو عندما تجد فوائد التوقف أعلى من تكاليف الاستمرار.
لكن هذا القانون يتعطل عندما تتدخل أطراف خارجية. حدث ذلك، مثلاً، في المناطق الجنوبية والشرقية بين عامي 1839 و1967، أي في فترة الاحتلال الإنجليزية.
في هذه الفترة دفعت سياسة الإنجليز المجال السياسي في تلك المناطق إلى الدخول في حالة من الجمود.
وقد لاحظ البريطاني فريد هاليداي أن السياسة الإنجليزية عمقت الانقسامات العشائرية وجمدت العلاقات بين القبائل والعشائر وبعضها.
وهذا يصح أيضا على الكيانات السياسية. فالإنجليز بتمويلهم لزعماء هذه الكيانات والدعم الذي كانوا يقدمونه لهم، والذي كان يصل أحياناً حد التدخل العسكري لصالحهم والقيام بحملات تأديبية ضد خصومهم.
كل ذلك ساهم في تأسيس نوع من توازن القوة الذي أوقف الدورة الصراعية المعتادة، التي كانت تؤل في النهاية إلى بروز مشروع سياسي يستطيع الاستيلاء على الأشكال السياسية القائمة وتكوين كيان سياسي كبير.
والدليل على كل ما سبق أن حالة السيولة المفرطة في عدد الكيانات السياسية انتهت عشية مغادرة الانجليز عدن.
الشاهد هنا، أن تدخل أو تحكم الأطراف الخارجية بالمشهد اليمني وأطرافه، وسياساتها في اليمن سيؤول إلى نفس النتيجة.
فهي تكرر اليوم ذات السياسة الإنجليزية، الأمر الذي يكرس حالة من توازن قوى غير صحي وغير حقيقي يحافظ على حالة التفكك ويكرسها ويطيل أمد الصراع.
بكلمات أخرى، هذا التدخل الخارجي غير المسبوق يحافظ على حالة صراعية مستدامة من خلال خلق شبكة متداخلة من الصراعات الفرعية القابلة للانقسام العمودي، في حالة يتميع فيها الصراع ويفقد أي اهداف وطنية.
أحمد علي الأحصب
باحث يمني