حراك أميركي مصري في بيروت للتهدئة وتعبيد طريق التفاوض
الرأي الثالث - وكالات
يشهد لبنان حراكاً خارجياً مكثفاً على وقع التصعيد الإسرائيلي للعمليات العسكرية على أراضيه، أميركياً، على مستوى زيارة الموفدة مورغان أورتاغوس التي تلتقي المسؤولين اللبنانيين اليوم الثلاثاء، وتشارك غداً الأربعاء في اجتماع لجنة الإشراف على وقف العمليات العدائية (ميكانيزم)، ومصرياً، من خلال جولة مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد في بيروت، إلى جانب الزيارة التي يقوم بها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وينظر لبنان بتفاؤل إلى الحراك العربي الدولي تجاهه، وإمكانية أن يُحدث خرقاً في المشهد، وخصوصاً لجهة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية، وانطلاق مسار التفاوض، معوّلاً كذلك على دور مصري في هذا الإطار، إلى جانب الأميركي والفرنسي، خصوصاً لما تلعبه مصر من أدوار في لبنان والمنطقة، وما لعبته سابقاً على صعيد ملف المساعدة في ملء الشغور الرئاسي.
وإلى جانب ما تكتسبه زيارة أورتاغوس من أهمية في هذه المرحلة الدقيقة، خصوصاً أنها آتية من تل أبيب، وفضّلت في آخر زيارتين لها إلى لبنان الاكتفاء بحضور اجتماع الميكانيزم، من دون لقاء المسؤولين اللبنانيين، ما يوحي باحتمال نقلها رسائل مهمة أو مقترحات جديدة.
وتكتسب أيضاً زيارة رشاد لبيروت أهمية كبرى، فهو كان قبل أسبوع في القدس المحتلة، حيث أجرى مباحثات مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ما يطرح كذلك علامات استفهام حول رسائل قد تكون بحوزته.
وبالتزامن مع الحراك لحلّ الصراع دبلوماسياً، تواصل إسرائيل تكثيف غاراتها جنوباً وبقاعاً، وقد أدت اعتداءاتها أمس إلى استشهاد شقيقين، ليرتفع بذلك عدد الشهداء خلال أسبوع واحد فقط، إلى 15 شهيداً.
وقالت مصادر رسمية لبنانية ، إن "المسؤولين اللبنانيين ينتظرون من أورتاغوس أن تحمل معها أجواءً إسرائيلية، خصوصاً حيال موضوع التفاوض ومساره، ولكنهم لا يعرفون حتى الساعة ما تحمله، وهم سيؤكدون لها نيات لبنان في عقد مفاوضات على غرار تلك التي حدثت إبّان ترسيم الحدود البحرية عام 2022، وضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية ليبدأ هذا المسار".
وأشارت المصادر إلى أن "على المجتمعين، العربي والدولي، أن يضغطا بشكل مكثف على إسرائيل كي توقف اعتداءاتها، إذ لا يمكن إجراء مفاوضات وهي تستمر يومياً في الاعتداء على لبنان، فعليها أن تلتزم اتفاق وقف إطلاق النار، وتوقف خروقاتها، ولبنان يتمسّك بضرورة انسحاب إسرائيل من الأجزاء التي تحتلها،
كما وإطلاقها سراح الأسرى، وعلى العالم أن ينظر بعين الاعتبار إلى الجهود التي يقوم بها على صعيد حصر السلاح بيد الدولة، وهو ملف لا يمكن أن يُحل بين يوم وآخر، وهناك عراقيل تحول دون تنفيذه كاملاً، على رأسها تلك الإسرائيلية".
ولفتت المصادر كذلك إلى أن "لبنان لم يُبلَّغ بمهل معينة لتنفيذ حصرية السلاح، بل وصلت رسائل بضرورة حلّ هذه المسألة سريعاً، كما لم يتلقَّ تهديدات أو إنذارات،
لكن في الوقت نفسه، لم يحصل على ضمانات بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما يريده لبنان اليوم"،
مشيرة إلى أن "هناك تعويلاً على الزيارة التي سيجريها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، خصوصاً لما لمصر من دور في المنطقة ومن علاقات واسعة مع الجميع يمكن أن تؤثر إيجاباً".
ولفتت المصادر إلى أن "مصر تؤيد الموقف اللبناني، وهو ما سمعه الرئيس جوزاف عون أمس خلال لقائه مع السفير المصري علاء موسى، وتؤيد الخطوات التي يقوم بها عون، وهذا أمر إيجابي جداً، ويمكن الركون إليه،
وهناك تفاؤل مصري رغم المخاوف في ظل التصعيد الإسرائيلي، من أن تنعكس تجربة غزة إيجاباً على لبنان"،
نافية أن تكون مصر حملت أي إنذارات إسرائيلية للبنان، بل هي تحمل نيات جدية بمساعدته، وستسعى لبذل جهود للتهدئة في ظلّ تصاعد العمليات الإسرائيلية.
وأردفت: "قد يكون رشاد يحمل معه أجواءً إسرائيلية، خصوصاً أنه كان قد التقى نتنياهو، وهو سبق أن التقى مسؤولين عسكريين لبنانيين في القاهرة قبل أسابيع، لكن لم نتبلغ بمقترح مصري معين،
وما نعرفه أنه يحضر للتنسيق السياسي، وكذلك الأمني، فهو صاحب خبرات عسكرية طويلة، ويمكن أن يعرضها على لبنان، خصوصاً في ظلّ المهام العسكرية الكبرى المطلوبة من الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية في هذه المرحلة الدقيقة، ولبنان يحتاج إلى دعم مؤسساته الأمنية بكل الوسائل"،
مشيرة إلى أن "الزيارة في غاية الأهمية، فهي الأولى لمسؤول أمني مصري بارز، وسنحيطه بالوضع في لبنان، وخطة الجيش اللبناني لحصر السلاح، والخروقات الإسرائيلية، وسيستمع لبنان إلى آرائه، وقد تكون هناك اقتراحات لاحقاً ربطاً بنتائج اللقاءات".
على صعيد متصل، قالت مصادر رسمية لبنانية ، إن "لبنان لم يتبلغ حتى الساعة بزيارة سيقوم بها الموفد الأميركي توماس برّاك غداً الأربعاء، لكن هناك معلومات عن أنه سيزور بيروت في وقت قريب"،
مشيرة إلى أن "هناك ترقباً أيضاً لمجيء السفير الأميركي الجديد، صاحب الأصول اللبنانية ميشال عيسى في الأيام المقبلة إلى بيروت، لتولي مهامه في السفارة الأميركية، لكن لم يتبلغ لبنان بعد بموعد رسمي لذلك".
وعما إذا كانت زيارة برّاك ستكون الأخيرة، وفق ما ألمحت إليه وسائل إعلام لبنانية، قالت المصادر: "لم نتبلغ بأي شيء بهذا الخصوص".
وبحسب معلومات ، فإنّ دور عيسى سيكون مختلفاً عن أدوار السفراء الاميركيين السابقين، وسيكون متابعاً أكثر للملف اللبناني، ولا سيما الملف اللبناني الإسرائيلي، وكذلك العلاقات اللبنانية الأميركية، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول ما إذا كان سيحلّ محلّ برّاك، خصوصاً أن مهام الأخير في لبنان تُعدّ مؤقتة.