
لحم اليمن الحي
من جديد وللمرة الألف، تتجه الولايات المتحدة إلى الطريق الصواب، ولكن بعد أن تكون كالعادة قد جربت كل الطرق الخطأ!..
لقد أعلن الرئيس الأمريكى ترمب وقف هجمات بلاده على الحوثيين، وأضاف وهو يستقبل رئيس وزراء كندا فى واشنطن، أنه حصل على وعد من جماعة الحوثى بالتوقف عن استهداف السفن فى البحر الأحمر!.
وإذا كان هو قد أعلن ذلك يوم 6 من هذا الشهر، وإذا كانت هجماته التى أمر بوقفها قد بدأت فى 15 مارس، فمعنى هذا أن الهجمات استمرت شهرين تقريبًا، وأننا إذا شئنا أن نضع لها عنوانًا فالعنوان سيكون كالآتى: الهجمات العبثية التى لا ضرورة لها.
حديث ترامب عن وقف الهجمات جاء بعد ضربات إسرائيلية دمرت ميناء الحُديدة اليمنى على البحر الأحمر، ومطار صنعاء بطائراته المدنية، وكل ما استطاعت يد حكومة التطرف فى تل أبيب أن تطوله فى أرض اليمن السعيد..
وكان ذلك ردًا على صاروخ أطلقه الحوثيون على مطار بن جوريون الإسرائيلى، رغم أن الصاروخ سقط فى محيط المطار، ورغم أن أقصى ما نتج عنه مجرد حفرة فى الأرض، ورغم أنه لم يقتل أحدًا ولم يهدم جدارًا.
ولأن ميناء الحُديدة هو الميناء اليمنى الأكبر على البحر الأحمر، ولأنه كان هدفًا أساسيًا للهجمات الأمريكية منذ 15 مارس، فإن إسرائيل دمرت ما بقى فيه!..
فإذا أُضيف ذلك إلى ما أصاب مطار صنعاء ومحيطه وطائراته، فالمعنى أن الهجمات الأمريكية توقفت لا لأن ترامب حصل على وعد حوثى بعدم استهداف السفن، وإنما لأنه لم يعد يوجد فى اليمن ما يمكن تدميره!.
كانت هجمات بلا معنى منذ البداية، وكانت أقرب إلى طواحين الهواء، لأن الحوثى متحصن فى الجبال، ولأن الهجمات الجوية بالنسبة له لا تعنى أى شيء، إلا أن تطارده أمريكا بريًا وهذا ما لم يكن واردًا فى الأساس.
القصة كلها كانت غامضة منذ 15 مارس، ولو أن فى الولايات المتحدة جهات تحاسب لكان عليها أن تسأل ترامب: لماذا بدأت الهجمات، ولماذا أنهيتها، ولماذا كان الذهاب إلى هناك، ولماذا كان الإياب إلى هنا؟.
وكما كانت القصة غامضة فى بدايتها، فهى أشد غموضًا فى نهايتها، لأن ما يقوله ترامب عن وعد حوثى بوقف استهداف السفن، أو حتى عن استسلام الحوثى، كلام لا يهضمه العقل السليم،
ويبدو وكأنه ستارٌ يُخفى وراءه الكثير مما سوف تكشف عنه الأيام.. ولكن المؤكد أن اليمن هو الذى دفع الثمن من لحم الحى لا الحوثى بأى معيار!.
سليمان جودة
صحفي وكاتب مصري