
طريق صنعاء - عدن يفتح بابا جديدا للوفاق اليمني
بشرى شعبية واسعة في اليمن ببوادر فتح طريق الضالع - صنعاء عقب 10 أعوام من الإغلاق الذي ألحق معاناة شديدة بآلاف المسافرين، الذين ظلوا يتخذون طرقاً بديلة وعرة يطوون فيها مسافات الزمن الصعب، والتعب المثقل للحرب التي استخدمت شرايين الطرق لتضخ أوار الصراع الذي أنهك البلد وأهله.
ويفتح هذا الطريق باباً واسعاً للأمل في نفوس الناس أخيراً بعدما كابدوا كثيراً من التعب والوقت والكلفة باتخاذ الطرق الجبلية غير الممهدة بديلاً للطريق الرسمي الضالع - عدن الذي يربط مناطق جنوب اليمن ، بالشمال بما في ذلك العاصمة صنعاء، وإب وباقي المحافظات الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي المتمردة.
ودشنت حشود من الأهالي ومعهم وفد رسمي مكلف من مجلس القيادة الرئاسي إضافة إلى ما يعرف بحملة الرايات البيضاء (جهات أهلية متطوعة) إعادة افتتاح الطريق الرابط بين مدينتي الضالع ودمت، في مسار الخط الدولي الرابط بين صنعاء وعدن على رغم استمرار وجود بعض العوائق الفنية على طول الطريق، أبرزها الجسور المدمرة والعبارات المفخخة والتربة الزاحفة.
استجابة إنسانية
وقال ناطق جبهة الضالع الموالية للحكومة اليمنية الشرعية، فؤاد الجباري، إنه تم الانتهاء أمس الجمعة من فتح طريق صنعاء الضالع وتبقى إزالة بعض المعوقات التي سببتها الحرب بتوجيهات من نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي كاستجابة إنسانية.
وأوضح الجباري أن العوائق تمثلت في تفجير جسور وعبارات مائية منعت مرور المركبات وجميعها تقع في مناطق الميليشيات الحوثية، ومنها الجسر الذي "يقع ما بين منطقتي الزيلة ودمت، وهو جسر ينتصب في مضيق جبلي يصعب ردمه بسرعة، كونه يحتاج إلى وقت طويل،
لكن هناك ردماً جانبياً للطريق تباشر به فرق الرايات البيضاء التي تتطوع لفتح الطرقات التي أكدت جاهزية الطريق ظهر اليوم السبت أمام حركة المسافرين".
من جانبها، نفذت جماعة الحوثي أعمال الفتح التي شملت تمهيد الخط ورفع الحواجز، وذلك بعد أسبوع من إعلان السلطة المحلية الموالية للحكومة الشرعية في الضالع نيتها فتح الطريق لدواع إنسانية وموافقة الحوثيين تحت الضغط والإلحاح الشعبي.
وأغلقت طريق الضالع – صنعاء التي توصل ما بين المدينتين الرئيستين اليمينيتين صنعاء (شمال) وعدن (جنوب) عام 2015 في أوج الحرب التي دارت رحاها بين ميليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني والحكومة اليمنية المعترف بها في المنطقة المحيطة بمدينة عدن التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة موقتة لها.
هل أغلق ملف الحرب؟
وعلى ما في الأمر من حاجة إنسانية قوبلت بارتياح الناس وترحيبهم في كل المناطق، إلا أن مراقبين عدوه مؤشراً إلى إغلاق ملف الحرب وهو تدشين للتوجه نحو حلحلة الأزمة بالشروع بالملفات الإنسانية الملحة كفتح الطرقات وتبادل الأسرى ثم الشروع في خطوات تالية لحل المسائل الخلافية، خصوصاً ما يلامس حاجات الناس الاقتصادية والمعيشية كتوحيد العملة وغيرها.
كما اعتبره يمنيون خطوة تفتح نافذة جديدة للتواصل والتنمية خصوصاً في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة وتوقف غالب المنافذ الحيوية وتنشيط حركة التجارة والخدمات وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
ولكن القيادات العسكرية الحاضرة لتدشين الطريق اليوم أكدت أن هذه "الخطوة تأتي تنفيذاً لتوجيهات نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء الركن عيدروس الزبيدي بدوافع إنسانية بحتة، خصوصاً بعد تضرر المنافذ البحرية والجوية نتيجة الضربات الجوية الأميركية الأخيرة"،
وأشارت إلى أن "لجنة فتح الطرق انتقلت إلى منطقة الفاخر بهدف استكمال فتح طريق قعطبة - إب، إلا أنها فوجئت برفض ميليشيات الحوثي التعاون، مما عوّق استكمال الربط الكلي للمسار".
طي الساعات الطوال
واستبشر اليمنيون بالخطوة التي جاءت عقب الاستجابة المتبادلة بين الطرفين، بعد نحو أسبوعين من التصريحات والتجاذبات أثمرت اتفاقاً فعلياً أعاد الحياة في واحد من أهم وأكبر شرايين الحركة اليومية لآلاف اليمنيين المتنقلين بين المدن الرئيسة،
كذلك بعث الأمل في نفوس اليمنيين لحلحلة الملفات الخدمية المعلقة وأولئك الذين يخشون الانقسام السياسي والإداري في البلاد جراء الصراع الدامي منذ 10 أعوام، نظراً إلى الترابط الاجتماعي والإنساني بين مختلف المناطق اليمنية شمالية وجنوبية.
وأعلن محافظ الضالع المعين من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً علي مقبل صالح، أمس الخميس، إعادة فتح طريق صنعاء - عدن عبر الضالع، التي كان المكتب التنفيذي للمحافظة قد أعلن موافقته على إعادة فتحه في الـ18 من مايو (أيار) الجاري.
وقال مقبل في تدوينة على منصة "إكس" إنه "في خطوة تم انتظارها بشغف من قبل آلاف المواطنين، تم وبشكل رسمي، فتح الطريق الدولي الذي يربط بين عدن وصنعاء".
وأضاف أن الخطوة "لاقت ترحيباً واسعاً وارتياحاً كبيراً بين المواطنين في كل من الشمال والجنوب، وذلك بعد فترة طويلة دامت سبعة أعوام من إغلاق هذا الطريق الحيوي، الذي أثقل كاهل كثير من الناس في شمال اليمن".
فيما قال محافظ الضالع المعين من ميليشيات الحوثي عبداللطيف الشغدري، إن الطريق مفتوحة من جهتهم منذ عام، ولا تحتاج إلى تجديد ذلك من جانبهم.وبافتتاح هذا الطريق سيتجنب المسافرون عبره بين صنعاء وعدن كثيراً من المشقة والمسافة من نحو 650 كيلومتراً إلى 360 كيلومتراً،
فضلاً عن الفارق الكبير في الطريق التي سيتم سلكها بدلاً من تلك الوعرة التي استحدثت بديلاً عن الطريق الرسمي، إذ كان يضطر العابرون إلى العبور عبر وديان جبلية وعرة تستنزف ساعات طويلة ناهيك بما تلحقه من حوادث مرورية مروعة راح ضحيتها العشرات.
من صور الحرب
وتسببت الحرب في اليمن منذ عام 2015 في إغلاق معظم الطرق والمنافذ الداخلية، فضلاً عما تضيفه النقاط الأمنية المنتشرة بكثافة على امتداد الطرق الرابطة بين المحافظات اليمنية، من انتهاكات إنسانية وتأخير وإرهاق كبير للمسافرين.
وعلى رغم نجاح اليمنيين في إيجاد شرايين عبور جديدة لتدفق حركة المجتمع وحاجاته، فإن المواطن يشكو الارتفاع المهول في كلف النقل وانعكاس ذلك على أسعار السلع والخدمات الأساس، مما ضاعف من معاناتهم التي تضاف إلى قصص المعاناة الأخرى وزادت معه أجور النقل البري الداخلي إلى نحو 350 في المئة،
سواء في نقل الركاب أو السلع التموينية والمواد الغذائية وغيرها، مع الإقبال المستمر والمتزايد على خدمات النقل وخصوصاً بعد توقف حركة الملاحة الجوية بين المطارات اليمنية الداخلية.
ومثالاً لحجم العناء اليومي، يضطر المسافرون الذين يقصدون التنقل بين العاصمة صنعاء ومحافظة مأرب عناءً ومشقة، فبدلاً من الاتجاه شرقاً عبر طريق "فرضة نهم" المغلقة وقطع مسافة نحو 70 كم فحسب،
عليهم الاتجاه جنوباً، وسلوك طرق أخرى في رحلات أقرب إلى المغامرة غير المحسوبة التي لا تنحصر أخطارها عند حوادث السير جراء وعورة الطرق، بل تتعدى ذلك إلى خطر الألغام والمواجهات العسكرية بين حين وآخر،
ولهذا يضطر المسافرون وعربات النقل الكبرى التي تنقل المواد الغذائية والوقود إلى المرور عبر محافظات عدة هي صنعاء وذمار والبيضاء، التي يقدر طولها بنحو 800 كم.
توفيق الشنواح
صحافي يمني