
جماعة الحوثي تفرض خريجي مذهبها على الجامعات
بدأت جماعة الحوثي بصنعاء ترتيباتها لنشر خريجي الكليات الدينية ذات الطابع المذهبي على الجامعات وكليات المجتمع، الحكومية والأهلية، كمدرّسين للمتطلبات الجامعية التي فرضتها منذ عام 2017 تحت مسمى "المقررات الثقافية"، والتي تحوي أغلب مفرداتها مضامين أيديولوجية، وذلك ابتداءً من العام الأكاديمي القادم، الذي سيبدأ بحلول العام الهجري الجديد.
وتشمل هذه المقررات ثلاث مواد أساسية: "الثقافة الإسلامية"، "الصراع مع العدو الإسرائيلي"، و"الثقافة الوطنية"، وقد فُرض تدريسها كمقررات إجبارية في مختلف الجامعات منذ عدة سنوات.
ومؤخرًا، عمّمت وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي، التابعة للجماعة، على مختلف الجامعات وكليات المجتمع بضرورة الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة قبل تكليف أي عضو هيئة تدريس لتدريس هذه المقررات.
وكشف مصدر في قطاع التعليم العالي ، أن الهدف من هذا التعميم هو التمهيد لتوزيع خريجي الدفعة الأولى من "الأكاديمية العليا للقرآن الكريم" على الجامعات، لتدريس هذه المقررات، عبر مرحلة أولى طوعية، يتم من خلالها بناء قاعدة بيانات بالأسماء، تمهيدًا لإحلال الخريجين لاحقًا.
وتضم الأكاديمية، التي تُدرّس مناهج تُعبّر عن فكر الجماعة، أربعة أقسام هي: دراسات قرآنية، إدارة ثقافية تربوية، إعلام ثقافي، وشريعة وقانون.
ووفقًا لمصدر مطّلع على سياق إنشاء الأكاديمية وصدور قرارها في 2021، فإن ثلاثة من الأقسام صُممت خصيصًا لتأهيل كوادر لتدريس المقررات الثقافية في الجامعات، بينما خُصّص قسم الشريعة والقانون لرفد الجهاز الإداري للدولة بخريجين يتولون مهام قانونية ويضمنون ولاء المؤسسة القانونية للجماعة.
وأكد مصدران في موقعين إداريين بوزارة التربية والتعليم والبحث العلمي أن الوزارة ستقوم بتحديد الأجور الخاصة بمدرّسي هذه المواد، تمهيدًا لتثبيتهم لاحقًا ضمن الكادر الأكاديمي، ثم ابتعاثهم مستقبلاً إلى الأكاديمية لاستكمال دراساتهم العليا، عند فتح برامج الماجستير والدكتوراه.
ورغم عدم حسم قيمة الأجور حتى اللحظة، إلا أن المصدرين رجّحا أن لا تقل عن 100 ألف ريال يمني شهريًا لكل مدرّس.
وفي التعليم العام، أشارت معلومات من أربعة مصادر تربوية، اثنان منها يعملان في إدارة التعليم الأهلي، والآخران في مكاتب الوزارة بصنعاء والحديدة، تفيد بصدور توجيهات تقضي بمنع المدارس الأهلية من تدريس اللغة الإنجليزية للصفوف من الأول إلى الثالث الأساسي، واستبدال حصصها بتدريس مواد كالقرآن الكريم والقراءة والكتابة.
غير أن أحد المصدرين العاملين في الوزارة أشار إلى وجود نقاش داخل الوزارة حول تأجيل تطبيق القرار مؤقتًا، في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي واعتراض المدارس، لا سيما في ظل غياب رؤية واضحة لمضامين المواد البديلة. بينما أكد المصدر الثاني أن هناك إصرارًا من الوزير وأحد الوكلاء على التنفيذ، حتى دون اكتمال التصورات.
وفي السياق نفسه، كشف مصدر في الوزارة عن توجه لتكليف خريجي "الدورات الثقافية" التابعة للجماعة بتدريس هذه المواد في المدارس الحكومية كمتطوعين، وفي المدارس الأهلية بمقابل مادي.
وتمتلك الجماعة مدارس خاصة تسميها "نموذجية"، منتشرة في مراكز المحافظات، وتخضع إداريًا لمشرفي الجماعة في القطاع التعليمي، بينما تقتصر سلطة الوزارة على اعتماد الشهادات فقط. وتُدرّس هذه المدارس مناهج دينية وأيديولوجية وتوفر سكناً داخليًا، ويُطلق عليها وصف "مدارس التعبئة الجهادية".
أما فيما يخص مادة "الإرشاد الثقافي" التي تُقدّم على شكل محاضرات في الطابور الصباحي ويُختبر فيها الطلاب دون أن تُحتسب درجاتها ضمن التقييم العام، فقد كشف مصدر تربوي وجود نقاش داخل الوزارة حول تحويلها إلى مادة رئيسية تُدرّس ضمن الجدول الأسبوعي للمدارس الحكومية، مع الإبقاء على تقديمها كمحاضرات فقط في المدارس الأهلية.
وتدلّ هذه التوجهات المتسارعة على مضي جماعة أنصار الله في مشروعها لفرض هيمنتها الأيديولوجية على قطاعي التعليم العام والعالي، وتحويل المؤسسات التعليمية إلى أدوات لتنشئة جيل يحمل فكر الجماعة ومفردات خطابها، وهو ما يفسر دمج وزارات التربية والتعليم والتعليم الفني والتعليم العالي في وزارة واحدة تحت إدارة موحّدة، ذات توجه مذهبي واضح.
وفي سياق متصل اتهم طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء سلطتي الأمر الواقع في صنعاء وعدن بتحميل الطلاب الجامعيين تبعات نزاعاتهما والزج بهم في صراع لا علاقة لهم به، مشيرين إلى أنهم أصبحوا ضحايا نظام تعليمي منقسم على وطن واحد.
وقال طلاب الجامعة في مناشدة وجهوها إلى "العالم وكل الأحرار": "نحن طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا – صنعاء - اليمن، نُعاني من قرارات جائرة تهدد مستقبلنا الأكاديمي، وتُحمّلنا تبعات نزاعات لا علاقة لنا بها".
وأضافوا: "يُطلب منا إعادة سنوات دراسية ودفع رسوم باهظة، فقط لأننا ننتمي لفروع مختلفة في بلد واحد! هل يُعقل أن يُعاقَب الطالب لأنه اختار أن يتعلم؟".
وأكد الطلاب أنهم "ضحايا صراع لا علاقة لنا به... ضحايا نظام تعليمي منقسم على وطن واحد"، مطالبين بحقهم في التعليم دون ظلم أو تمييز.
وختم الطلاب مناشدتهم بالقول: "أصواتنا بحاجة إلى من يسمعها... ومستقبلنا يحتاج من ينقذه".
وكان طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء تفاجؤوا مؤخرا بقرار يقضي بعدم اعتماد شهائدهم ورفض تعميدها من قبل فرع الجامعة في عدن.
وبحسب الطلاب فإن قرار إلغاء شهاداتهم وعدم اعتمادها من قبل فرع عدن هو قرار كارثي مجحف تتحمل الجامعة وسلطتي الطرفين المسؤولية عنه،
مؤكدين أنه قرار غير قانوني ولا منطقي ودون وجه حق، باعتبار أنهم قد درسوا سنوات ودفعوا مبالغ طائلة بالدولار كرسوم دراسية ثم تأتي الجامعة نفسها عبر أحد فروعها لتقرر عدم اعتماد شهائدهم.