
جولة جديدة من محادثات بين أوكرانيا وروسيا على وقع هجمات متبادلة
الرأي الثالث - وكالات
تحتضن مدينة إسطنبول التركية، اليوم الاثنين، الجولة الثانية من المفاوضات الروسية الأوكرانية بعد استئنافها في منتصف مايو/أيار الماضي، وسط تصعيد متبادل على مدى أسبوع مضى يقلل من واقعية الانفراجة السريعة في النزاع الدائر بين البلدين منذ أكثر من ثلاث سنوات، إلا أن مفاوضات اليوم تختلف عن سابقتها من جهة إعداد كل طرف مذكرة تتضمن رؤيته لشروط التسوية.
وفي وقت تسلمت فيه روسيا نص المذكرة الأوكرانية قبل أيام عدة، تمسكت موسكو بأن يتم تسليم النسخة الروسية للوفد الأوكراني خلف أبواب مغلقة أثناء مشاورات اليوم، مما زاد من ضبابية آفاق انعقادها من أساسها إلى أن حسمت كييف في نهاية المطاف أمرها لصالح المشاركة،
مع وصول الوفد الأوكراني برئاسة وزير الدفاع رستم عمروف، إلى إسطنبول صباح اليوم، بعد الوفد الروسي برئاسة معاون الرئيس الروسي، فلاديمير ميدينسكي، الذي وصل مساء أمس.
ولم تكشف روسيا عن فحوى مذكرتها، باستثناء حديث كبار مسؤوليها عن شروط حياد كييف ونزع سلاح أوكرانيا.
وتبدو هذه الشروط متعارضة مع المذكرة الأوكرانية التي تداولت وكالة رويترز فحواها أمس الأحد، ومن بين أحكامها "الوقف الكامل وغير المشروط" لإطلاق النار برا وبحرا وجوا، وتبادل الأسرى وفق معادلة "الجميع مقابل الجميع"،
وتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا من قبل المجتمع الدولي وعدم إجبارها على الحياد، ورفض الاعتراف الدولي بالسيادة الروسية على أراضي جنوب شرق أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم، واستخدام الأصول المجمدة الروسية لإعادة إعمار أوكرانيا، وغيرها من الأحكام.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تحدث هاتفياً مع نظيره الأميركي ماركو روبيو، أمس الأحد، وناقشا بشكل خاص الجولة الجديدة من المحادثات مع أوكرانيا، وتبادل الوزيران وفق الخارجية الروسية "وجهات النظر حول مختلف المبادرات الرامية إلى التوصل لتسوية سياسية للأزمة الأوكرانية، خصوصا خطط استئناف المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول".
وتأتي مكالمة الوزيرين غداة هجوم أوكراني غير مسبوق بطائرات مسيرة على عدة مطارات عسكرية روسية.
ومن المقرر أن تعقد روسيا وأوكرانيا محادثات ثنائية في إسطنبول، اليوم، بعد اجتماعهما الأول غير الناجح في 16 أيار/مايو الماضي.
ويحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء النزاع بسرعة، دفع الجانبين للتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن، ولكن رغم الجهود الدبلوماسية، فإن مواقف روسيا وأوكرانيا تبدو متباعدة.
وكان لافروف قد قال إن موسكو أعدت مذكرة حول شروط التسوية السلمية مع أوكرانيا، تلخص الموقف الروسي من كافة جوانب تجاوز "الأسباب الجذرية" للأزمة، بما فيها مطلب حياد أوكرانيا،
وأضاف لافروف، الأربعاء الماضي، أن روسيا لن تعدل عن إصرارها على إلغاء كافة "القوانين التمييزية" بحق سكان أوكرانيا الناطقين باللغة الروسية، رابطاً تسوية النزاع بعودة أوكرانيا إلى وضع دولة محايدة وغير نووية.
هجمات متبادلة بين أوكرانيا وروسيا
ميدانياً، قال مسؤولون، اليوم الاثنين، إن هجمات شنتها أوكرانيا بطائرات مسيّرة على منطقتي كورسك وفورونيج الروسيتين تسببت في إشعال حرائق في مناطق سكنية، وعطّلت حركة المرور على طريق سريع رئيسي.
ودمّرت وحدات الدفاع الجوي الروسية 162 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليل، وأسقطت 57 منها فوق منطقة كورسك الحدودية مع أوكرانيا.
وأشار القائم بأعمال حاكم كورسك ألكسندر خينشتاين إلى أن الحطام المتساقط من الطائرات المسيّرة المدمّرة في كورسك تسبب في إشعال حرائق في عدة منازل وإلحاق أضرار بوحدات سكنية.
وفي منطقة فورونيج، جنوب روسيا، حيث دمّرت الوحدات الجوية الروسية 16 طائرة مسيّرة أوكرانية، قال حاكم المنطقة ألكسندر جوسيف إن حطام الطائرات المسيّرة قطع خطوط الكهرباء التي سقطت على الطريق السريع الرئيسي إم-4.
وأضاف جوسيف أنه تم إغلاق جزء صغير من الطريق السريع، الذي يربط مدن موسكو وفورونيج، وروستوف أون دون، وكراسنودار.
وأضاف عبر "تليغرام" أن الحطام المتساقط من الطائرات المسيّرة ألحق أضراراً بواجهات عدة منازل. وأكد حكام المنطقتين عدم وقوع إصابات.
إلى ذلك، قال المسؤول في مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني أندريه كوفالينكو، اليوم الاثنين، إن أوكرانيا دمّرت 13 طائرة على الأقل خلال هجوم على قواعد جوية روسية.
وذكر كوفالينكو، وهو رئيس مركز مكافحة التضليل الإعلامي في المجلس، في منشور على تطبيق "تليغرام" أن أضراراً لحقت أيضاً ببعض الطائرات الأخرى خلال الهجوم.
واستبقت أوكرانيا محادثات الاثنين بتنفيذ عملية نوعية طاولت عدة مطارات روسية، أمس الأحد، إذ أعلنت كييف عن استهداف مطارات دياغيليفو وأولينيا وإيفانوفو وبيلايا في العملية وتدمير أكثر من 40 طائرة عسكرية روسية.
وقال جهاز الأمن الأوكراني إن الهجوم نُفذ بالمسيّرات وألحق أضراراً بالطيران العسكري الروسي تقدّر كلفتها بسبعة مليارات دولار، وطاول ما نسبته 34% من القاذفات الروسية الاستراتيجية التي تحمل صواريخ كروز.
وكتب الجهاز عبر تطبيق تليغرام "7 مليارات دولار: هذه هي الكلفة المقدّرة (لخسائر) الطيران الاستراتيجي للعدو الذي ضُرب اليوم في العملية الخاصة لأس بي يو" التي حملت اسم "شبكة العنكبوت".
ومع ذلك، اعتبر المحلل في مركز الاتصال الاستراتيجي والأمن المعلوماتي في كييف، مكسيم يالي ، عشية مفاوضات إسطنبول، أن التصعيد المتبادل لا يعني بالضرورة أن روسيا وأوكرانيا عازمتان على مواصلة الحرب إلى ما لا نهاية،
مشيرا إلى أن التصعيد العسكري في المراحل الختامية من الحروب أمر طبيعي يعكس سعي كل طرف لتحسين مواقفه قبل المفاوضات وإحلال السلام.
من جانب آخر، شكك الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قسطنطين بلوخين، في واقعية إحداث انفراجة في تسوية النزاع الروسي الأوكراني في الأفق القريب، مرجعا موافقة كييف على مفاوضات إسطنبول إلى إدراكها شح الدعم الأميركي تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب.