
تفاؤل روسي حذر بمخرجات مفاوضات إسطنبول مع أوكرانيا
الرأي الثالث - وكالات
"الجانب الروسي راضٍ عن نتائج الجولة الثانية من المفاوضات مع أوكرانيا"، هكذا لخص رئيس وفد المفاوضين الروس، معاون الرئيس الروسي، فلاديمير ميدينسكي، تقييمه لمخرجات المفاوضات الروسية الأوكرانية المباشرة التي احتضنتها مدينة إسطنبول التركية أمس الاثنين، وشهدت تسليم روسيا مسودتها لمذكرة السلام للوفد الأوكراني.
وأفضت المفاوضات أيضاً إلى الانفراج في عدة ملفات إنسانية، مثل تبادل الأسرى وجثامين القتلى وإعادة الأطفال المهجرين إلى ذويهم.
إعلامياً، هيمنت حالة من التفاؤل الحذر على عناوين الصحافة الروسية الصادرة اليوم الثلاثاء، إذ لفتت صحيفة كوميرسانت الروسية إلى أن عملية تبادل الأسرى المتفق عليها ستكون الأكبر منذ بدء الحرب، مقرة في الوقت نفسه بـ"استحالة مناقشة التسوية المستديمة"، نظراً لاحتواء مذكرتي السلام الروسية والأوكرانية على "سيناريوهين متعارضين" لإنهاء النزاع،
وواصفة مقترحات كييف بأنها "إنذار لموسكو"، ورسالة مفادها أن كييف لا تعتبر نفسها طرفاً خاسراً.
وفي مقالتها الرئيسية بعنوان "فقد تحدثنا. روسيا وأوكرانيا عقدتا الجولة الثانية من مفاوضات التسوية"، ذكّرت "كوميرسانت" بأن كييف شنت قبل يوم واحد من المفاوضات ضربات على مطارات عسكرية روسية وضعت انعقاد المحادثات من أساسه على المحك، ولكنها عُقدت في نهاية المطاف، ولو استمرت لساعة واحدة فقط وبلا مصافحة بين أعضاء الوفدين.
بدورها، أقرت صحيفة إزفيستيا هي الأخرى بأن الضربات على المطارات العسكرية والأعمال التخريبية في المناطق الحدودية الروسية أثرت بسير المفاوضات ومخرجاتها.
ونقلت الصحيفة عن الخبير بالمعهد المالي التابع للحكومة الروسية دينيس دينيسوف قوله: "يجب الإشارة إلى أن تشكيلة الوفد الأوكراني بيّنت على الفور أنه لا مجال للحديث عن أي اختراقات.
كان 11 من أصل 12 من المشاركين من الجانب الأوكراني عسكريين محترفين مع وجود ممثل عن وزارة الخارجية الأوكرانية، باعتبار أنه من ضروريات مثل هذه المفاوضات لا أكثر.
ونتيجة لذلك، كان واضحاً منذ البداية أنه لن يجري حديث جدي عن أي قضايا سياسية".
من جهتها، اعتبرت المحللة السياسية الروسية ذات التوجهات الليبرالية، مؤسسة نشرة "إر بوليتيك" المعنية بالشؤون الروسية تاتيانا ستانوفايا، أن المدة الزمنية القصيرة للقاء لا تعكس المستوى الكبير للخلافات بقدر ما تدل على "السعي لعدم الدخول في المشاحنات مقابل التركيز على قضايا يمكن تسويتها".
وخلصت ستانوفايا، التي تصنفها وزارة العدل الروسية "عميلة للخارج" منذ نهاية العام الماضي، في منشور على قناتها على "تليغرام" إلى "حتمية التصعيد العسكري من الجانبين".
وبعد انتهاء المفاوضات، تداولت وسائل إعلام روسية النص الكامل لمسودة مذكرة السلام الروسية، وجددت فيها موسكو تمسكها بالسيطرة على شبه جزيرة القرم ومقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون التي ضمتها روسيا بشكل أحادي الجانب،
وحياد أوكرانيا وإحجامها عن نشر قوات وعناصر لبِنية تحتية عسكرية أجنبية على أراضيها، وتحديد الحد الأقصى لعدد أفراد جيشها، ومنح صفة اللغة الرسمية للغة الروسية، ورفع القيود عن الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة تاريخياً لبطريركية موسكو، وغيرها من الشروط.
وتبدو هذه الشروط متعارضة تماماً مع المذكرة الأوكرانية التي ترفض كييف - وفق أحكامها - تحمّل الالتزامات بعدم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مطالبة بهدنة فورية مدتها 30 يوماً تحت مراقبة الولايات المتحدة وغيرها من الدول الثالثة، رابطة مناقشة القضايا الحدودية بـ"الوقف الكامل وغير المشروط" لإطلاق النار.
واللافت أن الجولة الثانية من مفاوضات إسطنبول انعقدت بعد موجة من التصعيد العسكري، إذ استهدفت أوكرانيا عشية اللقاء، مطارات عسكرية تحتضن قاذفات استراتيجية بعيدة المدى في خمس مقاطعات روسية، بما فيها مقاطعة إركوتسك الواقعة في سيبيريا، ما شكل سابقة تمثلت بتمكن أوكرانيا من شنّ هجوم في العمق الروسي على بعد يزيد على أربعة آلاف كيلومتر عن الحدود.
القوات الروسية تسيطر على قرية في سومي
وبالتزامن مع المفاوضات السياسية، يبقى صوت الميدان عالياً، حيث قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الثلاثاء إن قواتها سيطرت على قرية أندرييفكا في منطقة سومي بأوكرانيا،
وجاء ذلك فيما قُتل شخصان، وجُرح نحو 20 الثلاثاء بغارة روسية على سومي في شمال شرق أوكرانيا، حيث تخشى كييف شنّ القوات الروسية هجوماً جديداً واسع النطاق.
وقال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في سومي، أوليغ غريغوروف: "للأسف، لقي شخصان حتفهما" و"أُصيب نحو 20 آخرين نتيجة هجوم معاد في سومي".
وأضاف أن سومي استُهدفت "قرابة الساعة التاسعة صباح اليوم" الثلاثاء بخمسة صواريخ روسية ألحقت أضراراً "بمنشأة طبية وسيارات ومنازل".
وأفاد غريغوروف على فيسبوك بأن بعض المصابين "في حالة حرجة"، وبينهم شاب يبلغ 17 عاماً. ونشر مكتب المدعي العام الإقليمي صوراً على تليغرام لسيارات محترقة بالكامل في شارع رئيسي.