زمن بلا نوعية... زمن العدمية الوطنية
في زمن صار فيه رفع العلم الوطني تهمة، والاحتفال بعيد الثورة و الوحدة "جريمة"، نكتب من عمق الوجدان لا من باب التحدي...
اليمن وطننا الكبير، وثوراته ومناسباته الوطنية محفورة في القلوب، وإن مُنعت الأعلام من أن ترفرف في الساحات، فهي ستظل ترفرف في أرواحنا.
نعيش في زمن اختلطت فيه المعايير، وتراجعت فيه القيم، حتى باتت المناسبات الوطنية التي كانت توحّد اليمنيين وتُنعش فيهم الأمل والكرامة، تُقابل اليوم بالتجاهل وأحيانًا بالتجريم.
ثلاثون مليون يمني يتطلعون إلى حياة كريمة، وإلى دولة مواطنة متساوية دولة عادلة، يعيشوا بوطنهم ،مواطنون لارعايا .
وإلى لحظة يحتفلون فيها بوطنهم بحرية، دون أن يشعروا بأنهم ارتكبوا جرمًا برفع علم بلادهم، أو إعلان فرحتهم بثورة أو عيد وطني.
أصبحت الأعلام الوطنية التي كانت تُرفع بالمناسبات والاعياد الوطنية على الجبال والسهول، وعلى أسطح البيوت والمدارس، تُعامل وكأنها رايات غريبة، تُرصد وتُسحب وتُحظر، ويُساءل الناس لمجرد التلويح بها. كم هو مؤلم أن يتحول الانتماء الوطني إلى تهمة، والاحتفاء بتاريخ اليمن إلى شبهة.
في الذكرى ال٣٥ للوحدة اليمنية 22 مايو، نستعيد روح تلك اللحظة الاستثنائية التي حلم بها اليمنيون طويلًا، وتحققت رغم العوائق. قد تعترضها اليوم صعوبات، وتتنازعها التحديات، لكن الأمل في استعادتها كقيمة حية في وجدان الشعب لن يموت.
حتى وإن مُنع الشعب من الاحتفال بثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر وعيد الوحدة اليمنية 22 مايو، وحتى وإن جُرِّمَ عمليًا رفع العلم الوطني في هذه المناسبات، فإن العلم سيظل منقوشًا في جدران القلوب، وتاجًا على رؤوس اليمنيين.
وستبقى هذه المناسبات خالدة في أعماق وجدان ثلاثين مليون يمني ويمنية، وسيتحطم على صخرة وعي الشعب وضميره الوطني، كلّ مشروع لطمسها أو النيل منها أو طيّ صفحتها.
أما من يحاولون تحقيرها أو تجريم إحيائها أو معاقبة من يعبّر عن حبّه لها، فـأبعد عليهم من عين الشمس أن ينالوا منها، فهم غرباء على ذاكرة وطنٍ لا ينسى أبناءه ورموزه ومناسباته.
سجّل أيها التاريخ أن رفع العلم الوطني، والاحتفال بالمناسبات الجامعة، سيظل فعل انتماء لا جريمة، وحقًا أصيلًا لا يجوز مصادرته، وذاكرة جمعية لا تُمحى بتقادم الزمن أو تغيّر الظروف.
الوطن فوق الجميع، والمستقبل لا يُبنى بالخوف، بل بالحرية والوعي والإرادة المشتركة.