تآكل معيشة اليمنيين بسبب صراع الحوثيين مع تل أبيب
تتعرض معيشة اليمنيين لضغوط متواصلة في ظل تواصل الصراع بين الحوثيين وإسرائيل وتوجيه ضربات جوية متبادلة.
ويأتي ذلك رغم توقف المعارك بين الحوثيين وأميركا إلا أن العدوان الإسرائيلي ما زال متواصلا ويواصل استهداف منشآت مدنية واقتصادية.
وفي هذا السياق، يؤكد المواطن نصر مارش، أنه استنفد كافة الخيارات والمدخرات لتوفير احتياجات أسرته المعيشية من المتطلبات الغذائية الضرورية ولم يعد قادرا على تحمل أي تبعات في ارتفاع الأسعار ومواجهة أي تبعات قد تنتج مما يجري من صراع متأجج ومتواصل.
بدوره، يشير المواطن، أحمد إسماعيل، إلى عدم قدرته على إيجاد عمل؛ قائلا: "لم تعد هناك أي فرص عمل متوفرة على الإطلاق ولم يعد باستطاعتنا الاستمرار في الاعتماد على ما يرسله أقارب مغتربون في السعودية حيث هم أيضاً متأثرون بالإجراءات التي يتم تنفيذها في سوق العمل هناك".
تآكل سبل المعيشة
مع احتدام الأزمة الاقتصادية، يتعامل عدد أكبر من الأسر في اليمن مع تآكل سبل عيشهم مثل بيع الأصول الإنتاجية عبر وسائل بديلة، منها الاعتماد بشكل كبير على المساعدات وتحويلات المغتربين.
علاوة على ذلك، تعاني الأسر بشكل متزايد من دورة دين مفرغة؛ كما تتعرض العديد من الأسر للعديد من المخاطر منها صدمات مفاجئة بمستويات غير مسبوقة للأسعار من شأنها أن تزيد من تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد إلى مستويات قصوى.
وأكد مواطنون يعيشون في مناطق سيطرة الحوثيين ولا سيما في صنعاء، أنهم استنفدوا ما كان متاحا لهم من مدخرات حتى الأثاث والمواشي، إلى جانب بيع الأراضي لمن كان يمتلك قطعة أرض، لاستخدامها في مواجهة الاحتياجات الضرورية من غذاء وصحة ودواء بالدرجة الأولى بنسبة تتجاوز 70%،
في حين توزعت النسبة الباقية على التعليم ودفع متأخرات إيجارات المساكن ورسوم توفير الكهرباء والماء.
حرمان من الخدمات الأساسية
في حين، لا يزال الحرمان من السلع والخدمات الأساسية مستمرا في اليمن بعد 10 سنوات من الصراع الذي ازداد بشكل كبير عقب دخول صنعاء طرفا في الصراع بين إسرائيل وغزة، ويأتي ذلك في وقت يعاني فيه أكثر من نصف اليمنيين من الجوع وفق تقارير أممية.
الباحث في الاقتصاد الاجتماعي، علي ردمان، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن الأوضاع المعيشية في اليمن وصلت إلى الحضيض، وهذا ألقى بتبعات اجتماعية واقتصادية واسعة على المجتمع الذي فقد دورته الاقتصادية المعتادة حيث تكاد الطبقة الوسطى تختفي، ولم يعد لها أثر بعد ما فقدت كل سبل العيش المتاحة لها، بسبب تصاعد الحرب.
وتقول الأمم المتحدة إن دورة العنف والصراع المتصاعدة من الضربات والضربات المضادة أعاقت آفاق السلام وحولت الانتباه والموارد الحاسمة بعيداً عن اليمن،
موكدةً أن اليمن يشهد زيادة مقلقة في الهجمات ضد البنية التحتية المدنية الحيوية التي يعتمد عليها ملايين الأشخاص في الكهرباء والحركة الآمنة واستيراد المواد الغذائية الأساسية والإمدادات الطبية.
ويلفت ردمان إلى نقطة مهمة في سياق ما يحدث من تصاعد للأزمات ومستجداتها كما يحدث من تجدد تأجيج الصراع بالتأكيد على انعكاس تبعاته وتأثيره على الأسواق في أهم موسم تجاري سنوي، حيث يسود قلق واضح لدى التجار والباعة والمواطنين من تداعيات تواصل الصراع.
تأخر صرف الرواتب
ويفيد موظفون في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بتأخر صرف نصف الراتب الذي أعلنت صنعاء الانتظام في صرفه نهاية العام الماضي، في حين تشير توقعات إلى تأثير تجدد الصراعات على الاقتصاد اليمني الذي يعاني من أزمات مالية خانقة.
وشهد اليمن مؤخراً هجمات مقلقة ضد البنية التحتية المدنية الحيوية التي يعتمد عليها ملايين الأشخاص في الكهرباء واستيراد المواد الغذائية الأساسية والإمدادات الطبية.
الباحث الاقتصادي اليمني نبيل الشرعبي، يرى أن التصعيد المتواصل والمتأجج يلحق أضرارا بالغة في البنية التحتية وخطوط الاستيراد والمنشآت العامة، ما سيلقي بظلاله على تدفق الاستيراد للسلع الرئيسة،
كما سترمي هذا الأحداث والتغيرات بثقلها على القائمة السعرية للمواد الاستهلاكية على اليمن كافة، ولن يقتصر على مناطق سيطرة الحوثيين بل سينال أيضا مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
وحذر مسؤول أممي مؤخراً من خطورة الوضع الذي يشهد منحى مقلقا لمسار الأحداث المتصاعدة، مؤكداً أن الناس في اليمن لا يزالون يواجهون "أزمة حادة في مجالي الحماية والوضع الإنساني".
وتعتزم الأمم المتحدة إطلاق النداء الإنساني الموحد لعام 2025، والذي سيتم إصداره قريباً.
يأتي ذلك في ظل تعقيدات الأوضاع حيث الأزمة تزداد سوءاً، إذ إن هناك ما لا يقل عن 19.5 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية هذا العام 2025.
وأكد البنك الدولي أن نسبة الفقر في اليمن وصلت إلى أكثر من 52% من عدد السكان، وهو ما يساوي أكثر من 12 مليون فقير من إجمالي عدد سكان البلد المقدر بـ24 مليون نسمة.
وقفز معدل البطالة بين الشبان اليمنيين إلى نحو 60%، من 14% قبل الحرب في اليمن، حسب بيانات حديثة.