
الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات عن سورية ويبحث معاقبة إسرائيل
الرأي الثالث - وكالات
وافق الاتحاد الأوروبي على رفع كلّ العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، اليوم الثلاثاء، ومن المنتظر أن يعلن وزراء خارجية الاتحاد عن ذلك في وقت لاحق،
كما سيناقش الوزراء فرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ يُطالب وزراء خارجية أوروبيون المفوضيةَ الأوروبية بإعادة النظر في اتفاقية الشراكة مع تل أبيب.
وأفاد دبلوماسيون أوروبيون بأن دول الاتحاد الأوروبي أعطت، الثلاثاء، الضوء الأخضر لرفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، في محاولة لدعم تعافي دمشق عقب الحرب المدمرة التي شهدتها سورية وإطاحة نظام بشار الأسد،
وأشارت المصادر إلى أن سفراء الدول الـ27 الأعضاء في التكتّل القاري توصّلوا إلى اتفاق مبدئي بهذا الشأن، ومن المتوقع أن يكشف عنه وزراء خارجيتها رسمياً في وقت لاحق اليوم، بحسب فرانس برس.
وقالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قبيل بدء اجتماع وزراء الخارجية، إنّ الاتحاد ليس لديه خيار سوى رفع العقوبات عن سورية،
وأضافت: "آمل أن يسفر اجتماع اليوم عن قرارات جديدة بخصوص رفع العقوبات التي فرضت على سورية في عهد النظام السابق، وإلّا فإنّ الوضع سيتطور إلى وضع مماثل لما حدث في أفغانستان"،
وأشارت بحسب الأناضول إلى أنه "هناك مخاوف بشأن ما إذا كانت حكومة دمشق تسير في الاتجاه الصحيح، لكنّني أعتقد أنه لا خيار أمامنا. إما أن نمنحهم الفرصة لتحقيق الاستقرار في البلاد، وإلّا سنواجه وضعاً مشابهاً لما حدث في أفغانستان"،
مؤكدة أن القرار الأميركي برفع العقوبات عن سورية خطوة إيجابية.
الاتحاد الأوروبي يدرس تطبيق ضغوط على إسرائيل
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الثلاثاء، إن "فرنسا تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل تحترم التزاماتها تجاه حقوق الإنسان".
ومع أن الاحتلال أعلن عن السماح بدخول بعض المساعدات، إلا أن الأوروبيين يتابعون حجمها واعتبر بارو أن "تسهيل إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة غير كاف".
ويرى بعض وزراء الخارجية الأوروبيين أن الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة "أصبح خطيراً وحرجاً"، لدرجة أن بعض الدول الأوروبية ترى ضرورة ممارسة ضغوط اقتصادية وسياسية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبقية أعضاء الحكومة الإسرائيلية.
وعلى ضوء حرب الإبادة الجماعية وفرض الحصار والتجويع ضد سكان قطاع غزة، التي وصفها وزير خارجية الدنمارك لارس لوكا راسموسن، الثلاثاء بأنها "كارثة إنسانية تتكشف أمام أعيننا "، باتت مسألة فرض عقوبات اقتصادية موضوعة على طاولة الأوروبيين.
ويترافق ذلك مع تغطيتهم الإعلامية للجرائم الحاصلة في قطاع غزة، وبتفاصيل غير مسبوقة، ويبرز الأوروبيون بصورة خاصة الحصار الذي دام 80 يوماً ومنع فيه الاحتلال دخول شاحنات المساعدات الطارئة.
ومنذ دخول اتفاقية الشراكة مع تل أبيب حيز التطبيق، عام 2000، يتمتع الاحتلال الإسرائيلي بإعفاء معظم السلع الصناعية التي يصدرها إلى السوق الأوروبية من الرسوم الجمركية، وبصورة أساسية سهلت الاتفاقية تجارة المنتجات الزراعية مما عزز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الطرفين.
ويدور النقاش في بروكسل وعواصم أوروبية "حول ما إذا كان ينبغي استغلال اتفاقية الشراكة مع إسرائيل لدراسة الخيارات المطروحة، وإذا كان هناك توجه عام نحو ذلك، فهو بالطبع أمر يمكن للدنمارك أن تتصوره"، كما قال وزير الخارجية الدنماركي لوكا راسموسن.
ويعكس هذا التوجه مناشدة مشرعين لحكوماتهم بضرورة اتخاذ إجراءات ضاغطة على الاحتلال، وسط تنامي امتعاض شعبي من تباطؤ مواقف حكومات أوروبية بشأن معاقبة دولة الاحتلال.
ويرغب مشرعون وساسة أوروبيون بمراجعة المادة الثانية من الاتفاقية التجارية، التي تربط التعاون بالالتزام باحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، دعت الحكومة الهولندية مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، للتحقيق في ما إذا كان الإسرائيليون لا يزالون ملتزمين بالاتفاق.
واعتبر وزير خارجية هولندا كاسبار فيلدكامب أن "من المهم للغاية في هذا الوقت توجيه إشارة مفادها أننا نشعر بقلق بالغ إزاء استمرار حصار وصول المساعدات الإنسانية، وقرار إسرائيل بتكثيف المجهود الحربي".
وأشار إلى أنه كان يمكن للمفوضية الأوروبية أن تختار مراجعة الاتفاق بنفسها إذا رغبت في ذلك، لكن هذا لم يحدث بعد.
ويأمل الهولنديون أن يتمكنوا من الحصول على دعم نصف الدول الأعضاء على الأقل للمقترح، معتقدين أن ذلك قد يوجه إشارة سياسية قوية، وبضرورة مراجعة قمة الاتحاد الأوروبي الاتفاق مع إسرائيل.
وبالإضافة إلى هولندا، تبدي دول أخرى رغبة في "إلقاء نظرة نقدية على الاتفاق"، وبين تلك الدول من يرغب، مثل فرنسا وإسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا وانضمت إليها أخيراً الدنمارك وربما السويد، في الضغط من أجل فتح هذا الملف الذي يعتبر حساساً لبعض السياسات الأوروبية، مثل الألمانية والمجرية، المستمرة في التعاطي بحذر بشأن فرض عقوبات تجارية-اقتصادية على الاحتلال الإسرائيلي.
ومن غير المؤكد ما إذا كانت الجهود ستنجح إذا قررت المفوضية الأوروبية إعادة النظر في الاتفاق، وما إذا كان سيجري تعليقه أو إلغاؤه.
مع ذلك، فإن مجرد مناقشة مطالب الضغط على إسرائيل يمكن أن تحرج الدول الأكثر تأييداً وحماية دبلوماسية للاحتلال الإسرائيلي مثلما تفعل النمسا والتشيك،
بالإضافة طبعاً إلى المجر التي يترأس حكومتها يميني قومي محافظ مثل فيكتور أوربان الذي استقبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في بودابست رغم مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالقبض عليه،
وكذلك حكومة ألمانيا بمستشارها المحافظ فريدريش ميرز، السائرة على ذات نهج حكومة الائتلاف السابقة برئاسة المستشار السابق أولاف شولتز، الذي انبرى هو ووزيرة خارجيته أنالينا بيربوك في الدفاع عن الاحتلال، ومحاولة تجريم أعمال متضامنة مع فلسطين منذ اندلاع الحرب على غزة قبل أكثر من عام ونصف بقليل.
ويحتاج المعسكر المؤيد لفلسطين لحالة إجماع للاتفاق على مجالات السياسة الخارجية، ورغم ذلك فإن توسع الوحشية وجرائم قتل مدنيي غزة بات يفرض نفسه اليوم لإيجاد قواسم مشتركة،
إذ لا يستطيع الاتحاد الأوروبي مواصلة سياساته التي كانت سائدة في السابق، فحتى برلين وباريس صارتا تنتقدان سياسات الاحتلال، ليس في غزة فحسب بل حتى في الضفة الغربية، وتكثفان دعواتهما لحل الدولتين.
وأصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أمس الاثنين، بياناً مشتركاً أكدوا فيه أنهم "لن يقفوا مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الأعمال غير المقبولة على الإطلاق"،
إذ وصف ماكرون حصار غزة بأنه "مخز وغير مقبول".
على كل، وبغض النظر عن قدرة الأوروبيين على التوصل لقواسم مشتركة إزاء معاقبة دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإن مجرد مناقشة القضية بهذه الطريقة ولو أنها ليست على الأجندات رسمياً اليوم، وترافقها مع استمرار الدعم الشعبي والحزبي الأوروبي لقضية فلسطين،
يعكسان الكثير من المتغيرات التي طرأت منذ بدء حرب الإبادة على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي ستضطر بعض الأوروبيين لانتهاج سياسات مختلفة مع جيرانهم في جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط، حتى مع غياب عوامل ضغط عربي أو استغلال لحاجات أوروبا في الحفاظ على مصالحها.
كالاس تنتظر من واشنطن إجراءات تجاه روسيا
وبخصوص الحرب الروسية على أوكرانيا، قالت كايا كالاس إن الاتحاد يأمل أن تتخذ الولايات المتحدة "إجراءً قوياً" في حال استمرت روسيا في رفض وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وأضافت قبيل بدء اجتماع وزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الثلاثاء، إن "الولايات المتحدة قالت إنه في حال لم تقبل روسيا وقفاً غير مشروط لإطلاق النار، فسيكون لرفضها تبعات. ونحن نريد أن نرى إذن هذه التبعات"، بحسب فرانس برس.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرى أمس الاثنين اتصالاً هاتفياً مع بوتين أعلن بعده أن روسيا وأوكرانيا "ستبدآن على الفور مفاوضات وقف إطلاق النار، والأهم مفاوضات إنهاء الحرب"،
وأضاف في بيان على صفحته في "تروث سوشال": "أنهيت للتو مكالمتي التي استغرقت ساعتين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين... سيتم التفاوض على الشروط بين الطرفين، وهو أمر لا مفر منه لأنهما يعرفان تفاصيل المفاوضات التي لا يعلمها أحد سواهما"،
فيما وصف بوتين المحادثة بأنها "مفيدة".