
خطة يمنية لزيادة الدولار الجمركي على السلع غير الأساسية
الرأي الثالث
في ظل استمرار تراجع الريال اليمني أمام الدولار، تخطط الحكومة اليمنية لرفع سعر الدولار الجمركي بهدف زيادة الموارد لتغطية العجز الناتج عن توقف تصدير النفط، بسبب منع الحوثيين لذلك منذ أكثر من عامين.
تزامن ذلك مع موافقة مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على منح جديدة لليمن بقيمة 30 مليون دولار، لتعزيز البنية التحتية المالية الرقمية، وضمان استمرارية حصول الأطفال على التعليم الأساسي في المناطق الأكثر حرماناً.
وبحسب بيان للبنك الدولي، ستُخصّص المنحة الأولى، البالغة 20 مليون دولار، لتمويل مشروع البنية التحتية، والشمول المالي في اليمن، الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
أما المنحة الثانية، وقيمتها 10 ملايين دولار، فستدعم مشروع استدامة التعليم والتعلم، والذي تنفذه منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
ونبّه البيان إلى أن اليمن، وبعد أكثر من عقد من الصراع، لا يزال من بين أكثر دول العالم هشاشة وفقراً. فقد أعاقت الأزمة تقديم الخدمات العامة، وتسببت في تجزئة المؤسسات، وساهمت في تآكل رأس المال البشري.
وقال البيان إن أكثر من 60 في المائة من الأسر أبلغت عن نقص في استهلاك الغذاء، في حين لا يزال الوصول إلى التعليم الجيد والخدمات المالية محدوداً، لا سيما للنساء، وسكان الريف.
وقالت دينا أبو غيدا، مديرة مجموعة البنك الدولي في اليمن، إن المنحة الجديدة «تعكس التزامنا المستمر بدعم الشعب اليمني في تلبية احتياجاته الأكثر إلحاحاً».
وأضافت: «من خلال الاستثمار في البنية التحتية الأساسية التي تُمكّن الأطفال من البقاء في المدارس، والأسر من الوصول إلى الخدمات المالية، نهدف إلى الحفاظ على رأس المال البشري، ودعم تقديم خدمات أكثر شمولاً، ومرونة».
استراتيجية مستدامة
بحسب البنك الدولي، سيدعم مشروع البنية التحتية والشمول المالي تطوير أنظمة الدفع الرقمية، بما في ذلك نظام الدفع السريع، ونظام التسوية الإجمالية الآنية، تحت إشراف البنك المركزي اليمني في عدن.
كما سيعزز المشروع قابلية التشغيل البيني بين المؤسسات المالية، ويدعم الامتثال للوائح مكافحة غسل الأموال، ويوسّع نقاط الوصول إلى الخدمات المالية في المناطق المحرومة، بما في ذلك رقمنة التحويلات النقدية والمدفوعات الحكومية.
وسيساعد مشروع استدامة التعليم -وفق البنك الدولي- في إبقاء المدارس مفتوحة في المناطق المعرضة للخطر، من خلال تمويل إعادة تأهيل البنية التحتية،
وبناء فصول دراسية ومرافق مياه وصرف صحي، وتوفير منح مدرسية تديرها المجتمعات المحلية، إلى جانب تعزيز أنظمة بيانات التعليم، وتحسين فرص حصول الفتيات على التعليم في المناطق الريفية.
وتُعد هذه المنحة جزءاً من استراتيجية البنك الدولي الأوسع للمساعدة في استدامة الخدمات الأساسية، وحماية رأس المال البشري، وتعزيز المؤسسات في ظل الهشاشة المستمرة.
تحسين الموارد
تخطط الحكومة اليمنية لرفع سعر الدولار الجمركي من 750 ريالاً إلى ما يعادل السعر في السوق، الذي تجاوز حاجز 2700 ريال.
وأكدت الحكومة أن هذه الزيادة لن تشمل المواد الغذائية الأساسية، مثل القمح، الأرز، السكر، حليب الأطفال، الأدوية، وزيت الطبخ. وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الحكومة لتحسين مواردها وتغطية التزاماتها، بما في ذلك رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها.
وذكرت مصادر حكومية يمنية أن القرار قد اتُخذ، لكن لم يُحدد موعد تطبيقه بعد، مشيرة إلى أنه سيتم اختيار وقت مناسب، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع أسعار السلع، وتدهور خدمات الكهرباء والمياه.
وكانت الحكومة قد أقرت مطلع عام 2023 رفع سعر الدولار الجمركي على البضائع غير الأساسية بنسبة 50 في المائة من 500 ريال إلى 750 ريالاً، مع تأكيد أنها لن تمس السلع الأساسية المعفاة أصلاً من الرسوم الجمركية.
في السياق ذاته، خفّضت الحكومة أجور نقل البضائع إلى مناطق الحوثيين بنسبة 20 في المائة، في محاولة لتقليل تكلفة النقل، وتخفيف الأعباء على المواطنين.
من جهته وجه رئيس الحكومة اليمنية سالم بن بريك وزارة المالية بمضاعفة الجهود للحفاظ على الاستقرار المالي، واتباع سياسات لترشيد الإنفاق وتعزيز الإيرادات، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وضمان الشفافية والمحاسبة، في ظل ما وصفه بـ«الظرف الاستثنائي».
كما أمر بن بريك باستمرار تنفيذ السياسات والإصلاحات النقدية والمالية، واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لتعزيز الإيرادات، وترشيد الإنفاق، وانتهاج الشفافية، وتفعيل مبدأ المحاسبة ومكافحة الفساد، وتخفيف معاناة المواطنين المعيشية.
وأكد ثقته في دعم شركاء اليمن من الدول والمنظمات المانحة لخطة التعافي الاقتصادي الحكومية، خاصة في هذا الظرف الاستثنائي، والتدخل العاجل للمساهمة في تعزيز موقف العملة الوطنية، وانعكاساتها الكارثية على معيشة المواطنين اليومية.