
قيود حوثية قاسية على طريق حيوي أعيد فتحه بين عدن وصنعاء
بعد نحو 3 أسابيع من عودة الحركة إلى طريق دمت مريس في محافظة الضالع (273 كيلومتراً جنوب صنعاء)، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ إجراءات قاسية لمنع السكان من حرية التنقل والشراء، وفرضت أنواعاً مختلفة من الجبايات على مشترياتهم، وعلى البضائع والسلع المنقولة.
وذكرت مصادر محلية في الضالع أن الجماعة استحدثت نقاط تفتيش جديدة جنوب مدينة دمت، ودفعت بتعزيزات من مقاتليها، ونشرتهم على مختلف الطرق الفرعية المؤدية إلى الأرياف المحيطة بالطريق؛ حيث يمارسون عمليات رقابة وتفتيش دقيقة، في إجراءات تحدُّ من تنقلاتهم، وتتسبب في تعطيل مصالحهم.
ومنذ أيام، قال عدد من سكان المنطقة ممن ذهبوا للتسوق في منطقة مريس الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية إن مسلحي الجماعة الحوثية منعوهم من العودة بمشترياتهم وصودرت منهم، أو أجبروا على دفع رشى وإتاوات مقابل السماح لهم بالعودة بها.
ولم يُقدم المسلحون الحوثيون مبررات لهذه الممارسات، لكن المصادر المحلية ترجح أن يكون السبب وراءها فارق الأسعار المنخفض في مناطق الحكومة عن مناطق سيطرة الجماعة.
ويفرض مسلحو جماعة الحوثي على سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتهم قيوداً عند حيازتهم عملات أجنبية، مثل الدولار أو الريال السعودي، أثناء تنقلهم نحو مناطق سيطرة الحكومة.
ولا يُسمح لهم بالمرور بهذه العملات ما لم يقدّموا مبررات مقنعة لحيازتها، مثل السفر إلى خارج البلاد أو شراء بضائع وسلع بالجملة، بشرط إثبات أنهم يعملون في التجارة.
ويوضح محمد حسن، وهو أحد سكان تلك المناطق، أنه، وبمجرد فتح الطريق، طلب من ابنه الذي يقيم في السعودية إرسال المبلغ الشهري الذي تعوّد منحه للعائلة لمساعدتها في مواجهة ظروف المعيشة الصعبة، إلى مدينة الضالع بدلاً عن مدينة دمت، وذلك بسبب فارق الصرف، وهو الأمر الذي قلَّده فيه الكثير من أهالي قريته.
وإلى جانب فارق الصرف بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فإن التسوق في مناطق الأولى أكثر جدوى، ويساعد في توفير الكثير من السلع.
فوارق سعرية
وبمجرد فتح الطريق، سارع سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية إلى التسوق في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بسبب فارق الأسعار الكبير، إلى جانب فارق سعر العملات الأجنبية لمن يحوزها.
ويبلغ سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية ما يعادل نحو 25 دولاراً، في حين يبلغ سعره في مناطق سيطرة الحكومة ما يعادل 20 دولاراً.
ويوضح حسن أنه اشترى بمبلغ 100 ريال سعودي وصلته بالحوالة من ابنه في منطقة مريس التي تُسيطر عليها الحكومة 10 كيلوغرامات من الأرز، ومثلها من السكر، وزجاجة زيت عبوة 5 لترات، في حين سيحتاج إلى 125 ريالاً سعودياً لشراء السلع نفسها من مدينة دمت التي يُسيطر عليها الحوثيون.
ويجري تداول العملات الأجنبية بشكل واسع النطاق بسبب تدهور العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين تُشدد الجماعة الحوثية إجراءاتها لمنع تسرب كميات كبيرة من تلك العملات خارج مناطق سيطرتها.
ويرى جابر اليزيدي، وهو اسم مستعار لأحد الناشطين المجتمعيين في مدينة دمت أن الجماعة الحوثية تخشى من نقل العملات الأجنبية والحوالات المالية الخارجية إلى مناطق سيطرة الحكومة، ما يفقدها أحد أهم الموارد.
ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مندوبي تحصيل الجبايات الحوثيين شددوا من رقابتهم على المحلات التجارية في المدينة وتفتيشها للتحقق من إمكانية دخول سلع أو بضائع دون علم الجماعة، أو عن طريق التهريب، من مناطق سيطرة الحكومة.
استحداثات جمركية
وبعد أقل من أسبوع من إعادة فتح الطريق؛ استحدثت الجماعة الحوثية نقطة جبايات جديدة تحت مسمى «جمارك» جنوب مدينة دمت.
وكانت قيادات حوثية قد وصلت إلى المدينة رفقة قوات أمنية خاصة وطاقم فني تابع ومعدات خاصة بالجمارك، وشرعت في استحداث نقطة الجبايات التي تولت فرض مبالغ مالية على مختلف السلع والبضائع القادمة من مناطق سيطرة الحكومة، بما فيها المتعلقات الشخصية للمسافرين.
واستبشر سكان مديريتي دمت ومريس والمناطق المجاورة بإعادة فتح الطريق لتخفيف معاناتهم بعد أكثر من 7 أعوام من إغلاقه، ما اضطرهم إلى استخدام طرق طويلة تمر عبر 4 محافظات للتنقل بين المديريتين، وتستمر لساعات طويلة، في حين لا يستغرق التنقل بينهما عبر هذا الطريق أكثر من ربع ساعة.
ويرى مراقبون أن موافقة الجماعة الحوثية على إعادة فتح هذا الطريق جاءت عقب ما تعرض له ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها على الساحل الغربي للبلاد من خراب بسبب استهداف الطيران الإسرائيلي، إلى جانب العقوبات الأميركية عليها التي أقرت بمنع وصول الوقود إليه.
وتحاول الجماعة، من خلال إعادة فتح هذا الطريق، تعويض خسائرها مما لحق بميناء الحديدة، باستيراد البضائع والسلع إلى مناطق سيطرتها، وفرض رسوم جمركية غير قانونية، وجبايات مضاعفة عليها.