
الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. استمرار تبادل القصف وترقب لقرار ترامب
الرأي الثالث - وكالات
شهدت العاصمة الإيرانية طهران ووسط "إسرائيل" جولة جديدة من التصعيد العسكري، فجر الأربعاء، وسط تبادل الضربات الصاروخية وتحذيرات أمنية للسكان في مناطق حيوية.
ويأتي هذا التطور بعد سلسلة من الهجمات المتبادلة بين الطرفين منذ اندلاع الحرب، يوم الجمعة الماضي.
وأفادت الإذاعة الإسرائيلية بسقوط 30 صاروخاً إيرانياً على دفعتين وسط البلاد خلال 20 دقيقة بعد منتصف الليل، ما أدى إلى اندلاع حريق طال نحو 20 سيارة، بحسب القناة 12 الإسرائيلية.
وأوضحت القناة أن هذه الضربة تأتي ضمن موجات هجومية متتالية بلغ عددها 17، استخدمت فيها إيران نحو 400 صاروخ باليستي منذ بدء المواجهات.
في المقابل أعلنت "إسرائيل" تنفيذ غارات على العاصمة الإيرانية طهران ومواقع عسكرية في أصفهان ونهاوند وتبريز.
وأكد الجيش الإسرائيلي تدمير عشرات بطاريات الدفاع الجوي الإيرانية، محذراً سكان حي مربع 18 في وسط طهران بضرورة الإخلاء الفوري.
ونقلت وكالة أنباء "فارس" أن الحرس الثوري الإيراني قصف قاعدة ميرون الجوية في شمال "إسرائيل"، إضافة إلى مقر استخبارات "أمان" في هرتسيليا، وموقع استراتيجي في تل أبيب قالت إنه يُستخدم للتخطيط لعمليات اغتيال.
من جهتها أشارت "واشنطن بوست" إلى تقييم استخباري أمريكي إسرائيلي يفيد بأن تل أبيب قادرة على التصدي للصواريخ لمدة 12 يوماً دون دعم خارجي، مع تراجع متوقع في كفاءة المنظومات الدفاعية في حال استمرار الهجمات.
ورغم الخسائر المعلنة، أقر الجيش الإسرائيلي بأن إيران لا تزال تحتفظ بقدرات هجومية كبيرة، في حين أعلنت طهران أن دفاعاتها الجوية أسقطت 28 هدفاً معادياً خلال 24 ساعة.
و في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، تدخل الحرب بين إسرائيل وإيران مرحلة جديدة من الخطورة، مع اتساع رقعة الضربات المتبادلة وتزايد المؤشرات إلى احتمال تدخل أميركي واضح في النزاع.
فبينما تواصل إسرائيل استهداف مواقع إيرانية داخل إيران، وتردّ طهران بهجمات صاروخية على العمق الإسرائيلي، تتزايد المخاوف من تحول الصراع إلى مواجهة أوسع، تشمل قوى إقليمية ودولية، وسط حالة تأهب قصوى على الجبهتين.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يواجه لحظةً حاسمةً، إذ أعلن البيت الأبيض أن ترامب عقد اجتماعاً مع فريقه للأمن القومي في "غرفة الأزمات" لمناقشة احتمالات التدخل العسكري المباشر إلى جانب إسرائيل.
ووفق ما نقله موقع أكسيوس عن مصادر مطلعة، فإن ترامب يدرس تنفيذ ضربات تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، وعلى رأسها منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم، ما قد يشكّل نقطة تحول حاسمة في مجريات الحرب.
وفي المقابل، يرى مسؤولون إسرائيليون أن انخراط واشنطن بات قريباً، وهو ما تُراهن عليه حكومة بنيامين نتنياهو في سعيها لتوسيع العمليات ضد إيران.
إلى ذلك، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي، أن بلاده "لن تستسلم" للعدوان والأميركيين، محذرا الإدارة الأميركية من أي تدخل في الحرب وقال إن ذلك سيجلب لهم "أضرارا لا يمكن تعويضها".
كما قال مصدر مسؤول في إيران ، إن العمليات العسكرية الإيرانية تجري وفق "مخطط متدرج مرحلي بعيدا عن انفعالات مضرة مع الأخذ في الحسبان طبيعة الهجمات الإسرائيلية، حيث تؤثر ذلك في طبيعة ردودنا واختيار نوع الأهداف"،
وأكد أن طهران لم تستخدم إلا جزءًا من قدراتها العسكرية، متوعدًا بـ"مفاجئات ثقيلة قادمة بالتدرج وفق المخطط العسكري".
وأضاف المصدر نفسه أن إيران مررت رسائل "عسكرية قوية" إلى جهات غربية وإقليمية، بعد إصدار إسرائيل إنذارات بإخلاء مناطق بالعاصمة، ورد طهران بتوجيه إنذارات مماثلة بإخلاء تل أبيب وحيفا، بأن "ردودنا ما زالت تقتصر على أهداف عسكرية وأمنية خاصة،
وفي حال استهداف أحياء سكنية إيرانية، ستطاول هجماتنا المناطق السكنية الإسرائيلية في تل أبيب من دون أي اعتبارات".
وأكد المصدر ، تلقي رسائل أميركية خلال اليومين الأخيرين تهدف إلى معرفة مدى تأثير الهجمات الإسرائيلية في قرارات طهران والقبول باتفاق استسلام وليس من أجل إحياء الدبلوماسية ووقف العدوان،
مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن جهات إقليمية تمارس تحركات دبلوماسية مكثفة لضبط الأمور ومنع وقوع مواجهة شاملة في المنطقة، لكنها لم تحقق بعد اختراقا في الضغط على الجانب الأميركي لكبح جماح إسرائيل.
وبشأن الحديث عن المفاوضات، قال إن طهران أكدت رفضها أي مفاوضات قبل وقف العدوان الإسرائيلي، وأنها حذرت بشدة من أي تدخل أميركي مباشر بالمشاركة في العدوان".
واستطرد قائلا "أبلغنا الجهات المعنية الوسيطة خلال الساعات الماضية بأن ردودنا على أي مشاركة أميركية مباشرة في العدوان ستكون بلا أي قيود أو سقف".
وأكد المصدر الإيراني المسؤول ، تلقي طهران تأكيدات وصفها بـ"المطئنة" من دول في المنطقة (لم يسمها) بعدم السماح للولايات المتحدة الأميركية باستخدام قواعدها على أراضيها في أي عدوان على إيران،
مضيفًا "أبلغنا هذه الدول بأن هذه القواعد ستصبح هدفا مشروعا للقوات المسلحة الإيرانية إذا ما تعرضنا لأي عدوان أميركي من أي منطقة تنطلق منها الهجمات الأميركية، سواء من داخل الخليج أو خارجه".
واختتم المسؤول حديثه بالتأكيد على عدم إلحاق أضرار كبيرة في المنشآت النووية الإيرانية رغم تعرضها للهجمات، مؤكدًا أن منشأة فوردو تعمل.
و مع تصاعد الهجمات الصاروخية الإيرانية، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية عن موجة هروب غير مسبوقة لمئات الإسرائيليين، الذين لجؤوا إلى البحر للفرار من البلاد عبر موانئ متعددة، أبرزها هرتزليا وحيفا وأسدود ونتانيا، باتجاه جزيرة قبرص، رغم التحذيرات الأمنية والتقلبات الجوية.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه الرحلات تُدار بسرية تامة بواسطة يخوت وسفن صغيرة، بعضها مملوك لأفراد، فيما تدير شركات خاصة يومياً ما بين 4 إلى 5 رحلات، تنقل ركاباً من أعمار مختلفة، بينهم أطفال، دون إفصاح رسمي عن وجهتهم أو أسباب مغادرتهم.
ويؤكد بعضهم أنهم "رجال أعمال"، فيما يعترف آخرون علناً بالهرب من "كابوس الصواريخ" الإيراني، قائلين: "لقد سئمنا الحرب"، وفق الصحيفة.
وتتراوح كلفة هذه الرحلات بين 600 و1200 دولار أمريكي (2,250 إلى 4,500 شيكل)، حسب نوع اليخت ومواصفاته، إذ تختلف اليخوت بين ما يحتوي على غرف نوم وما يعمل بمحركات ديزل سريعة، تتيح الوصول إلى قبرص خلال 8 ساعات.
كما أكد قبطان بحري يدعى موشيه أنه رفض طلبات عديدة للهروب "خشية التعرض للملاحقة من السلطات"، بينما اشتكى بحارة آخرون من أن "الهاربين يسببون مشاكل على متن القوارب، مثل التقيؤ أو إتلاف المراحيض".
وأفاد بعض الهاربين بأنهم تلقوا نصائح من مسؤولين في وزارتي السياحة والنقل باستخدام معابر شرم الشيخ في مصر أو الأردن، خاصة لمن يحملون جنسية أجنبية، لكن كثيرين فضلوا البحر رغم خطورته، إذ وصف أحدهم الرحلة بأنها "غثيان وأمواج وقروش".
وسرعان ما تحولت المرافئ الصغيرة، خاصة في هرتزليا، إلى نقاط انطلاق شبه يومية للرحلات، وسط صمت رسمي، وقلق متزايد داخل "إسرائيل" من موجة "نزوح جزئي" غير منظمة، بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع استعدادها لتنفيذ عمليات عكسية لإعادة جنود وموظفين من الخارج إذا اقتضت الحاجة.
وفي تطور لافت، أعلنت مواقع إسرائيلية إجلاء نحو 1,500 مشارك في برنامج "تاغليت" (Birthright Israel)، حيث نُقلوا براً إلى ميناء أسدود، ومن ثم أبحروا على متن سفينة إلى لارنكا في قبرص.
ومن هناك تولت طائرات خاصة –استأجرتها حكومة ولاية فلوريدا بالشراكة مع برنامج "Birthright"– نقل المشاركين الأمريكيين جواً إلى الولايات المتحدة، بالتنسيق مع السلطات القبرصية والأمريكية.
وتُعد هذه الظاهرة مؤشراً على ارتفاع حدة القلق الشعبي من احتمال توسّع الحرب مع إيران، وسط تحذيرات أمنية متزايدة من السفر البري أو البحري غير المنظّم، خاصة عبر مناطق مثل سيناء، التي شهدت في السنوات الماضية حوادث اختطاف وهجمات.