
الرئيس الشرع في باريس اليوم... العقوبات والأقليات عناوين حاضرة
الرأي الثالث - وكالات
بدأ الرئيس السوري أحمد الشرع زيارة إلى باريس، اليوم الأربعاء بدعوة من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أول زيارة له إلى دولة أوروبية فاعلة في المشهدين الأوروبي والدولي.
وأفادت الرئاسة الفرنسية في بيان، بأن ماكرون سيستقبل أحمد الشرع وسيؤكد خلال الاجتماع دعم فرنسا لبناء "سورية حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم جميع مكونات المجتمع السوري".
ومن المتوقع حضور العديد من الملفات على طاولة التباحث بين المسؤولين السوريين والفرنسيين، فدمشق تبحث عن رفع كامل للعقوبات التي يفرضها الأوروبيون منذ أيام النظام المخلوع.
وفي المقابل، من المتوقع أن يطالب الفرنسيون بمزيد من الخطوات باتجاه توسيع دائرة تمثيل الأقليات في إدارة الدولة، وإيقاف تجاوزات حصلت أخيراً بحق العلويين والدروز،
فضلاً عن ملف المقاتلين الأجانب في سورية والذي يؤرق الغرب عموماً، ويضغط على الإدارة السورية الجديدة للقيام بإجراءات عملية لحسم هذا الملف وإبعاد هؤلاء المقاتلين عن مفاصل القرارين الأمني والعسكري في الجيش السوري الجديد.
توقعات أوروبية من سورية
وتتوقع الدول الأوروبية خطوات أكثر جدية من الإدارة السورية حيال العديد من الملفات الأخرى، ومنها الوجود الروسي العسكري في الساحل السوري، فالغرب يريد إنهاء هذا الوجود في شرق المتوسط.
ويبدو أن الإدارة السورية تريد انفتاحاً أكبر ورفعاً للعقوبات الغربية، في مقابل التعامل مع الرغبة الأوروبية في الحد من النفوذ العسكري الروسي في الساحل، غربي البلاد.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان، قال في مارس/آذار الماضي، أن "الانتهاكات التي وقعت أخيراً في سورية لا يمكن التهاون معها"، مطالباً بـ"ضرورة تحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم".
كما أوضح أن "الغرب يراقب قادة سورية عن كثب للتأكد من أنهم يسيرون على طريق الإصلاح"، مضيفاً أن "وقف تجاوزات الجماعات المتشددة يعد شرطاً جامعاً بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة".
وتعليقاً على زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى باريس، اليوم الأربعاء، أشار الباحث السياسي رضوان زيادة إلى أنها "أول زيارة إلى دولة أوروبية يقوم بها الرئيس أحمد الشرع"،
مضيفاً: فرنسا دولة قائدة على مستوى أوروبا ومؤثرة على الصعيد العالمي.
وتابع: زيارة فرنسا ستفتح آفاقاً مهمة على المستويين الأوروبي والدولي، لا سيما فيما يتعلق برفع العقوبات على المستوى الأوروبي وزيادة المساعدات الدولية بما يتيح بدء مشروعات إعادة الإعمار على المستوى الوطني ويحسّن الخدمات الرئيسية للمواطنين من قبل الدولة.
ولم يستبعد زيادة زيادة حضور الملف الكردي على طاولة التباحث بين الشرع وماكرون، مشيراً إلى أن الدولة السورية قامت من طرفها بخطوات لعل أبرزها الاتفاق الذي وقعته في مارس الماضي مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
من جانبه، رأى السفير السوري السابق في السويد، بسام العمادي، أن الزيارة بالنسبة للشرع هي "انفتاح أوروبي عليه كونه رئيساً للبلاد"، معتبراً أنه: بالنسبة لفرنسا هي فتح باب للضغوط السياسية عليه.
وأشار إلى أن اللقاء الذي أجراه الرئيسان عبر الفيديو والذي جرى في مارس الماضي، بالاشتراك مع الرئيس اللبناني جوزاف عون "حمل ضغطاً فرنسياً على سورية لعدم ترسيم الحدود البحرية مع تركيا".
وأعرب عن اعتقاده أن الجانب الفرنسي سيضغط على الشرع بشأن المشاركة السياسية للأقليات في السلطة ولـ"فتح باب نفوذ سياسي فرنسي طويل الأجل في سورية"،
مستدركاً: مهم جداً التعامل مع الفرنسيين لأنها قد تكون الفرصة الأخيرة لسورية، لنيل المساعدة من الأوروبيين في المستقبل بعد خسارة فرص سابقة.
ويبدو أن الجانب الفرنسي يتطلع لتأدية دور أكثر أهمية على الساحة السورية، لارتباط باريس ودمشق تاريخياً بعلاقة تُوصف بـ"المتميزة"، رغم أن باريس فرضت انتداباً على سورية بين عامي 1920 و1946،
وكان لها حضور كبير في المشهد السوري على المستويات كافة، خصوصاً الثقافية والاقتصادية.
ورفعت فرنسا علمها على سفارتها في العاصمة السورية دمشق في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أكثر 12 عاماً من الإغلاق بسبب رفضها نهج النظام المخلوع في مواجهة الثورة التي خرجت ضده في عام 2011.
وفور سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، أرسلت باريس فريقاً من الدبلوماسيين إلى سورية، لتقييم الوضعين السياسي والأمني، وهو ما مهّد الطريق أمام زيارة وزير خارجيتها جان نويل بارو إلى العاصمة دمشق.
زيارة أحمد الشرع الاستراتيجية
وبرأي الباحث السياسي أحمد القربي ، فإن هناك العديد من "المصالح المشتركة بين سورية وفرنسا"، مضيفاً: باريس ترى أن تثبيت العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة أمر مهم جداً من الناحية الاستراتيجية، ففرنسا تاريخياً كانت صاحبة حضور ووجود في المشهد السوري على مختلف الصعد.
وتابع: باريس تريد من دمشق الانفتاح على الأوروبيين وتأمين مصالحهم في سورية، سواء اقتصادياً أو أمنياً، تحديداً بما يتعلق بملف المقاتلين الأجانب في سورية.
في المقابل، رأى القربي أن زيارة أحمد الشرع إلى فرنسا في سياق استراتيجية الإدارة في دمشق القائمة على مبدأ "صفر مشاكل" مع كل دول العالم، وهو ما صرّح به الشرع أكثر من مرة منذ توليه السلطة في البلاد.
وتابع: اليوم سورية بحاجة إلى كل الدول للوقوف إلى جانبها لمواجهة التحديات، بما فيها روسيا التي لطالما قتلت سوريين. الإدارة الجديدة تريد الانفتاح على الأوروبيين لرفع العقوبات أو على الأقل تخفيفها والإسهام في ملف إعادة الإعمار، وتقديم مساعدات تقنية أوروبية.