
حشود يمنية مهيبة تودع المفكر السياسي والأديب أحمد قاسم دماج الى مثواه الأخير في العاصمة صنعاء.
صنعاء - الرأي الثالث
شيع اليوم بالعاصمة اليمنية صنعاء جثمان فقيد اليمن المفكر السياسي والإديب أحمد قاسم دماج أحد أشهر مناضلي ثورة سبتمبر، بعد تاريخ حافل بالنضال يمتد منذ كان الكاتب رهينة ابان الحكم الإمامي كأحدى الوسائل التي استخدمها النظام الإمامي في تركيع الشعب اليمني وكان النظام الإمامي قد اخذه رهينة اثر انتقال عمه المناضل مطيع دماج إلى مدينة عدن ضمن الحركة الوطنية المعارضة لنظام الإمام يحي حميد الدين
و بعد اطلاق سراحه كواحد من اصغر رهائن النظام الامامي، اخضعه عمه الثائر مطيع دماج لبرنامج تعليمي صارم، ليتمكن الشاب المبدع من الالتحاق بالشباب المناهض للنظام المستبد. - في العام 1959 التحق احمد قاسم دماج بحركة القوميين العرب وكان أحد مؤسيسيها وقادتها البارزين، وصولا الى تأسيس وقيادة الحزب الديمقراطى الثوري. - عام 1961 كان الثائر اليساري ضمن المجموعة الوطنية، المكلفة بعملية اغتيال فاشلة للإمام أحمد في منطقة السخنة بالحديدة، تعرض اثرها ورفاقه لعملية ملاحقة واسعة من السلطات الامامية. - ساهم احمد قاسم دماج في تأسيس اول نقابة سرية للعمال في اليمن الشمالي انذاك، من خلال نقابة عمال النقطة الرابعة حيث كان يعمل.، في صبيحة 26 سبتمبر كان ضمن المجاميع الشعبية الزاحفة بقيادة عمه مطيع للسيطرة على لواء اب الذي كان فيه الحسم للجماهير دون دعم من قطاعات الجيش، بعد ثورة 26 سبتمبر ساهم دماج قي تأسيس صحيفة الثورة وإصدارها من مدينة تعز، مع عبدالله الوصابي و مالك الارياني واخرين. - كما ساهم في تأسيس الحرس الوطني، وكان ضمن اول الكتائب الوطنية بقيادة امين ابو راس، التي تمكنت من اقتحام تحصينات الملكيين في مدينة صعدة، اثر معارك حاسمة أصيب فيها دماج للمرة الاولى برصاص في الصدر بمنطقة حرف سفيان حيث استشهد هناك المناضل فيصل عوفان ضمن الطلائع الاولى لشهداء الثورة.
عين دماج كأول امين عام لمجلس الوزراء بعد الثورة، قبل ان يستقيل من المنصب احتجاجاً على مشاركة الحكومة في مؤتمر حرض.
تعرض الرجل للاعتقال بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967، ثم ذهب الى المشاركة بتأسيس وقيادة المقاومة الشعبية لفك الحصار عن صنعاء، وفي وقت لاحق انتقل لقيادة المقاومة الشعبية في محافظة اب حيث اصيب للمرة الثانية في منطقة كحلان يريم، قبل ان تعتقله السلطات الإنقلابية، في اعقاب أحداث أغسطس 68 لفترة طويلة. ساهم الرجل المفعم بروح الثورة والحراك المدني في تأسيس نقابة الصحفيين اليمنيين، وكان رئيس لجنتها التأسيسية، كما ساهم في تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كأول مؤسسة موحدة بين شطري اليمن، وكان ثاني رئيس للاتحاد بعد الأستاذ عبدالله البردوني، في مسيرة نقابية حافلة حظي بموجبها بثقة الادباء لرئاسة اتحادهم لثلاث دورات مختلفة.
رغم ابتعاده عن العمل الحزبي المباشر، ظل أحمد قاسم دماج ينشط بصفوف الحركة الوطنية في شطري اليمن على حد سواء، ومثلما كان عونا للرئيس ابراهيم الحمدي في الشمال، كان وسيطا نزيها وناصحا مخلصا، لافرقاء النظام في الجنوب، كما حذر مبكرا من النزعات، والتشوهات التي صاحبت قيام دولة الوحدة. - بعد سنوات من اعلان الوحدة، وتصدياً لاثار حرب صيف عام 1990، عاد دماج إلى قيادة اتحاد الأدباء والكتاب التي كان غادرها، عشية إعلان الوحدة فيما يشبه اعتزال العمل العام خلال تلك الفترة، التي سجل فيها رفضه منصب سفير في جمهورية التشيك، متمسكا بقيمه الراسخة المنحازة للعمل المدني وتجلياته الانسانية والعدالة الاجتماعية.
يغادرنا دماج اليوم وهو شاهد على وطن مثقل بالتشوهات والجروح التي لطالما حذر منها، " الرأي الثالث " يتقدم من اسرة الفقيد ومحبية ومن الشعب اليمني بخالص العزاء والمواساة.