
ما فرص التوصل إلى «اتفاق إنساني» في غزة لتفادي تعثر «الهدنة»؟
الرأي الثالث - وكالات
وسط تعثر بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، مع تمسك كل طرف بمطالبه، يلوح بالأفق حديث محتمل عن إبرام «هدنة إنسانية» قبيل زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للمنطقة بعد أسبوعين، ووسط ظروف إنسانية كارثية يشهدها القطاع.
ذلك الحديث المتصاعد عن هدنة إنسانية جاء بالتزامن مع مناقشة أميركية - إسرائيلية في هذا الصدد في ظل منع الدواء والغذاء منذ انهيار الهدنة 18 مارس (آذار) الماضي، وهو ما يراه خبراء احتمالاً وارداً، وقد يكون أقرب في ظل الأوضاع الإنسانية الخطيرة، ويعزز ذلك الزيارة المرتقبة لترمب.
ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مسؤولين إسرائيليين ومصدر أميركي، أن الولايات المتحدة وإسرائيل وممثلين عن مؤسسة دولية جديدة لم يسمّها، على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية استئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة، من دون سيطرة «حماس» عليها،
وسط تأكيدات أن «النظام الجديد لتوزيع المساعدات سيضعف الحركة، لأنه سيحرمها من الإيرادات ويقلل من اعتماد السكان عليها»، وهو ما يتوافق مع رغبة نتنياهو وهدف ترمب الجديد باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية.
والأسبوع الماضي، تحدث ترمب مع نتنياهو هاتفياً وحثه على السماح بدخول الغذاء والدواء لقطاع غزة، بحسب «أكسيوس»، وذلك بعد إيقاف إسرائيل كل إمدادات المساعدات الإنسانية من الغذاء والماء والأدوية إلى القطاع منذ انهيار الهدنة، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
الكشف عن الآلية المقترحة يتزامن مع ما ذكره مسؤولون لـ«تايمز أوف إسرائيل»، بأن حكومة نتنياهو تعتزم تغيير طريقة توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بشكل جذري، عندما تبدأ السماح بدخول المساعدات مجدداً «الأسابيع المقبلة»، بعد تجميد دام عدة أسابيع.
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا علي أحمد حسن، قال إن هذه المحاولة تأتي للضغط على «حماس»،
وتأتي في أجواء غير إيجابية تشهدها المفاوضات، غير مستبعد أن تتم هدنة إنسانية في ظل تلك الآلية الجديدة قبل زيارة ترمب.
ويرى أنه مهما كانت فرص الهدنة الإنسانية أكبر في التحقق، فإنها لن تكون مرضية لكل الأطراف العربية أو الوسيطين المصري أو القطري، أو «حماس»، وكان الأفضل ممارسة ضغط أميركي بعيداً عن التحيزات الواضحة تجاه إسرائيل لإبرام اتفاق تبادل ولو مؤقت.
ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن الذهاب لهدنة إنسانية عبر ذلك المخطط الأميركي - الإسرائيلي الجديد في أقل تقدير، محتمل الفترة المقبلة ستكون «محاولة لتبريد الأجواء الساخنة لحين مرور زيارة ترمب من المنطقة»،
مشيراً إلى أن الأخطر من تلك الهدنة المؤقتة أن يقتصر الاتفاق لإدخال المساعدات على إسرائيل وأميركا فقط دون أي طرف عربي فلسطيني، وهذا يحمل مؤشرات سلبية بخصوص اليوم التالي للحرب يجب وضعها بالحسبان في ظل التعثر الحالي بالمشهد.
ووسط أجواء الغموض بشأن مستقبل الهدنة، أكد القيادي في «حماس»، عبد الرحمن شديد، الجمعة، أن الحركة قدمت في 17 أبريل (نيسان) الماضي،
رؤية واضحة ومسؤولة تقوم على اتفاق شامل يتضمن وقفاً دائماً للحرب، وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية ورفضته إسرائيل، وأصرت على تجزئة الملفات، بالمقابل جدد مكتب نتنياهو عبر منصة «إكس» اتهاماته إلى «حماس» بأنها وراء عدم التوصل إلى اتفاق، قائلاً إن «(حماس) ما زالت العقبة أمام إبرام اتفاق».
بينما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، بأن نتنياهو صادق على خطة للجيش تأخذ بالحسبان البقاء في قطاع غزة حتى نهاية السنة على الأقل، وسيطرحها على المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية السبت،
وذلك غداة إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن «هزيمة (حماس) أهم من إطلاق سراح الأسرى». وتوعَّد رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، بزيادة شدة العمليات في غزة قريباً إذا لزم الأمر.
ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي غداة تعهد ترمب، في خطاب، بالعمل على «إخراج الأسرى من غزة بأسرع وقت»، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) الحالي، حسب إعلان سابق للبيت الأبيض.
ويرجح رخا تمسك «حماس» بموقفها بعدّه الأفضل للفلسطينيين، فضلاً عن أنه تنحاز له استطلاعات إسرائيلية مؤخراً تنادي بوقف الحرب أيضاً، معتقداً أنه قبل زيارة ترمب يتوقع أن تذهب الأمور لهدنة أياً كان شكلها؛ إنسانية أو مؤقتة أو دائمة، لتفادي واشنطن أي توتر بالمنطقة وقتها.
بينما يرى مطاوع أن «حماس» ونتنياهو «لا يريدان اتفاقاً بهدف استمرار بقائهما ومصالحهما»،
موضحاً أن الحركة تراهن على الوقت، وأن يدفع قرب زيارة ترمب لتغير موقفه منها، ويجعلها في اليوم التالي للحرب، ونتنياهو لن يوقف الحرب حتى مجيء الانتخابات العام المقبل، وسيعمل على كل شيء يطيل الحرب من أجل الحفاظ على بقائه السياسي، وعدم محاسبته في القضايا التي تلاحقه.
ويعتقد أن نتنياهو قد يقبل هدناً مؤقتة استجابة لترمب، لكن دون أن يكون الاتفاق الشامل مطروحاً مع استمراره في القتل البطيء للشعب الفلسطيني من أجل إنهاء حكم «حماس»، وهذا قد يستمر لحين انتخابات العام المقبل بإسرائيل.