
هل يمكن وقف التجويع الإسرائيلي لغزة؟
أصدرت أكثر من 100 منظمة غير حكومية، بينها «أطباء بلا حدود»، و«منظمة العفو الدولية» و«أوكسفام» و«أطباء العالم» و«كاريتاس»، أمس الأربعاء، بيانا أكدت فيه انتشار المجاعة الجماعية في القطاع إلى درجة أن موظفيها، الذين يحاولون مساعدة السكان، وليس الغزيين فحسب، يعانون من الهزال،
رغم وجود مستودعات داخل وخارج القطاع مباشرة مليئة بأطنان الغذاء ومياه الشرب والإمدادات الطبية ومواد الإيواء والوقود لكن الجيش الإسرائيلي «يمنع المنظمات الإنسانية من الوصول إليها أو تسليمها».
تزامن البيان مع تقرير للمفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان يتهم جيش إسرائيل بقتل أكثر من ألف شخص عند نقاط توزيع المساعدات منذ نهاية أيار/مايو الماضي، سقطت غالبيتهم قرب مواقع تابعة لما يسمى «مؤسسة غزة الإنسانية»، التي يديرها «رجال أعمال» أمريكيون وإسرائيليون.
تداعت، نتيجة هذه الظروف، دول أوروبية وغربية لإصدار بيان، نُشر يوم الإثنين الماضي، ووقّعه وزراء خارجية 25 دولة أوروبية وغربية بالإضافة إلى اليابان والاتحاد الأوروبي، ثم أضافت دول أوروبية أخرى تواقيعها عليه. بين عناصر عديدة تضمنها،
أدان البيان عمليات قتل المدنيين، بمن فيهم الأطفال «بينما كانوا يسعون للحصول على أبسط حاجاتهم، لا سيما الماء والغذاء»، وعارض «خطوات للتغيير الديموغرافي والجغرافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وفي 16 من الشهر الجاري، حضر ممثلو أكثر من 20 دولة اجتماعا طارئا في العاصمة الكولومبية بوغوتا، قادته «مجموعة لاهاي» (تحالف يضم ثماني دول هي جنوب أفريقيا، وماليزيا، وكولومبيا، والسنغال، وبوليفيا، وكوبا، وهندوراس، وناميبيا)
وأقروا اتفاقا على إجراءات قانونية ودبلوماسية «للتصدي لانتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي في حربها على غزة والضفة الغربية».
تضمن الاتفاق عناصر عديدة منها منع توريد ونقل أسلحة وذخائر ورسوّ سفن تحملها إلى إسرائيل، ومنع المؤسسات والصناديق المالية من دعم الاحتلال الإسرائيلي، ودعم تفويضات الولاية القضائية العالمية.
حسب مسؤول كبير كولومبي فقد تمكنت الدول الحاضرة للاجتماع من «إثبات أننا نستطيع الانتقال من الخطب إلى الإجراءات العاجلة».
شملت هذه التحرّكات المناهضة لإسرائيل رفض المحكمة الجنائية الدولية طلب إلغاء مذكرات اعتقال وتعليق التحقيق ضد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت،
وكان لافتا، في هذا الصدد، إيقاف قاضية أمريكية، في 18 من الشهر الجاري، أمرا تنفيذيا أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستهدف الذين يعملون لدى المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة إياه انتهاكا غير دستوري لحرية التعبير.
تتضافر هذه التحرّكات الرسمية مع التحرّكات الشعبية، كالمظاهرات والفعاليات في دول العالم، ومحاولة سفينة المساعدات «مادلين» الوصول إلى غزة، وكذلك أعداد الناشطين الذين جاؤوا من العالم إلى مصر لعبور الحدود.
تستدعي تحرّكات الأمم المتحدة، والدول، والمنظمات غير الحكومية، وحتى القضاء الأمريكي وقرارات دول منفردة وشعبية، مقارنة مؤسفة مع ضعف واضح في تأثير الدول العربية التي عقدت قمتين،
الأولى في تشرين ثاني/نوفمبر 2023 وأعلنت فيها دعم الفلسطينيين ومصر،
وثانية بعدها بعام أكدت فيها على القرارات التي صدرت سابقا بقصد «التصدي للعدوان الإسرائيلي الغاشم»، «ومواصلة التحرك بالتنسيق مع المجتمع الدولي لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة».
الأسوأ من ذلك، على الصعيد العربيّ، هو ما حصل من أعمال القمع للنشاطات المؤيدة للفلسطينيين، في أكثر من بلد عربي، وفي مصر على وجه الخصوص التي سجنت العديد من المصريين ونكّلت بالناشطين القادمين من العالم.
في نقاش على راديو «بي بي سي 4» البريطاني، شارك فيه عديدون، بينهم رجا خالدي، مدير مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية الفلسطينية، وسيمون مكدونالد، السفير البريطاني الأسبق لتل أبيب، والبارونة ارمينكا هيليتش، عضو مجلس اللوردات، ويولي تامير، الوزيرة الإسرائيلية السابقة،
أكد العديدون أن الوضع في غزة وصل إلى مرحلة تحتاج وضع الخيارات كلّها على الطاولة، وخلص بعضهم إلى أن ما سيوقف إسرائيل عن تجويع الفلسطينيين يتعلّق أولا بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع وجود تأثير ممكن لبعض الدول العربية التي تطمح إسرائيل للتطبيع معها.
الخلاصة هي أن العالم يقف عاجزا أمام إسرائيل لكنّ الخلاصة الأخرى هي أن هذا الإحساس بالعجز هو أيضا، معطوفا على كل التحرّكات التي تحصل، يمكن أن يؤدي لتغييرات لم تتحسّب لها إسرائيل.