
تحركات جادة في الكونغرس لتصنيف "الإخوان" تنظيما إرهابيا
الرأي الثالث
يبدو أن أعضاء الكونغرس الأميركي يرغبون في اتخاذ خطوات جادة نحو تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، بعد سنوات من محاولات سابقة غير مجدية.
فواحدة من عواقب هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أصبحت مزيداً من السياسيين بما في ذلك الديمقراطيين في الكابيتول هيل، مستعدون لتصنيف التنظيم الذي تمثل حركة "حماس" إحدى فروعه في المنطقة.
فالأسبوع الحالي، شهد الكونغرس بغرفتيه الشيوخ والنواب، التنسيق للعمل على اثنين من مشاريع القوانين المدعومة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتصنيف المنظمات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية على قوائم وزارتي الخارجية والخزانة الأميركية.
غير أن التطور اللافت فيما يتعلق بالمقترحات المقدمة هو تسمية المنظمات والجماعات الخارجية التي تشكل فروع لتنظيم الإخوان المسلمين، لتجنب تصنيف فروع التنظيم غير المتورطة في العنف.
فقدم النائبان الجمهوري ماريو دياز بالارت والديمقراطي جاريد موسكوفيتز، مشروع قانون يهدف لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.
وفي حين جرت محاولات مماثلة سابقاً، لكن التشريع المقترح تم تحديثه بشكل كبير ويركز على الفروع المختلفة لجماعة الإخوان المسلمين المسؤولة عن ممارسات إرهابية.
ويشير إلى أن حركة حماس هي فرع تابع لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تم تصنيفها منذ فترة طويلة كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة،
وتتلقى دعماً مادياً من الإخوان، كما يسلط الضوء على جهود زعزعة الاستقرار التي تقوم بها فروع أخرى من الجماعة في عدة دول عربية شريكة للولايات المتحدة.
ووفق بيان دياز-بالارت الثلاثاء، فإنه "للجماعة فروع إقليمية متعددة، بما في ذلك منظمات إرهابية مثل حماس، وهي تنشر العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ولهذا السبب، من الضروري لمصالح الأمن القومي الأميركي أن نمنع تدفق الدولارات الأميركية التي تمكّن أنشطة الإخوان المسلمين الخطرة، وأن نضمن عدم دخول أعضاء الجماعة إلى الولايات المتحدة".
وذكر زميله الديمقراطي موسكوفيتز في البيان أن "لجماعة الإخوان المسلمين سجلاً موثقاً في دعم الإرهاب ضد الولايات المتحدة، وحلفائنا، ومجتمعنا... دول مثل البحرين ومصر والنمسا والأردن والسعودية والإمارات وفرنسا قد اتخذت خطوات مهمة للتحقيق والحد من نشاطات جماعة الإخوان المسلمين وفروعها.
يجب أن تمتلك الحكومة الأميركية السلطة نفسها للحد من التهديدات الخطرة التي تمثلها هذه الجماعة". وأضاف "لهذا السبب، أنا أنضم إلى النائب دياز-بالارت والسيناتور كروز لتقديم قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.
هذا القانون يبني على دعوتي إلى التحقيق في تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية، ويضمن اتخاذ خطوات حاسمة لحماية أمننا القومي."
تصنيف الفروع
ومطلع الأسبوع، قدم السيناتور الجمهوري تيد كروز تشريعا موازياً في مجلس الشيوخ ينص على أن تقوم وزارة الخارجية بتحديد جميع فروع جماعة الإخوان المسلمين العاملة على الصعيد العالمي،
وتحديد ما إذا كان كل فرع من هذه الفروع يستوفي متطلبات التصنيف كمنظمة إرهابية أجنبية. ويستخدم التشريع هذه التحديدات لتصنيف منظمة الإخوان المسلمين العالمية كجماعة إرهابية، نظراً لدعمها لهذه الفروع.
ويسعى مشروع القانون المقدم من السيناتور الأميركي الرفيع، إلى ثلاثة طرق لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية، وهى تعديل قانون مكافحة الإرهاب، الذي كان موجهاً في البداية لمنظمة التحرير الفلسطينية ليشمل جماعة الإخوان المسلمين، والسعي إلى الحصول على تصنيف وزارة الخارجية لها كمنظمة إرهابية أجنبية،
وكذلك الحصول على تصنيف وزارة الخزانة كجماعة إرهابية عالمية خاصة.
وتمنح هذه التصنيفات الثلاثة الحكومة الفيدرالية صلاحيات فرض عقوبات مختلفة وتحظر دعم الأميركيين لهذه الجماعات. كما سيجعل مشروع القانون أعضاء جماعة الإخوان المسلمين غير مؤهلين لدخول الولايات المتحدة وقد يفرض عقوبات مالية عليهم.
اليمن وليبيا والأردن
و توقع المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر، أن يشمل التصنيف أفرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن وليبيا والأردن، قائلاً إنهم "مرشحون جيدون للتصنيف في البداية، فهذه الدول لديها تاريخ من العنف والتعاون مع جماعات عنيفة أخرى".
مضيفاً أنه في حال تمرير مشروع القانون فسيشمل جماعات في الشرق الأوسط وأوروبا وما بعدها.
وتوقع شانزر ردود فعل رافضة للتصنيف من قبل بعض الحكومات التي ترعى جماعات الإخوان المسلمين بما في ذلك تركيا، قائلاً "أنا متأكد من أن النظام في أنقرة سيُصاب بالغضب من الجهود الأميركية لاتخاذ إجراءات ضد هذه الشبكة الخبيثة."
وأضاف "الحقائق تبقى حقائق. إما أن هذه الجماعات تشارك في سلوك إرهابي أو لا. من الناحية المثالية، يجب ألا يكون للسياسة دور في هذه المعادلة على الإطلاق".
وكانت المحاولات السابقة لتصنيف الجماعة تركز على الإخوان المسلمين ككل، بدلاً من البدء بتحديد فروع معينة، وكانت تقتصر على طلب تصنيف منظمة إرهابية أجنبية فقط. ووفق صحف أميركية،
تشير ورقة معلومات صادرة عن رعاة التشريع المقدم إلى أن الاستراتيجية السابقة "من الأعلى إلى الأسفل... فشلت لأن ليس كل فروع الجماعة عنيفة حالياً وبالتالي لا تستوفي معايير التصنيف". ووصفوا النهج الجديد بأنه "من الأسفل إلى الأعلى".
وأفادت مصادر في الكونغرس لمواقع أميركية أن هذا النهج يستند إلى نهج الرئيس دونالد ترمب الناجح في عام 2017 لفرض عقوبات على فيلق الحرس الثوري الإيراني الذي يستخدم أساليب مشابهة لتلك التي تعتمدها جماعة الإخوان المسلمين.
فقد أسست إدارة ترمب الأساس القانوني لتصنيف فيلق الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية عبر استهداف الفروع العنيفة التابعة له.
ربما هذا التعديل البارز في مشاريع القوانين المقترحة يجنبها فشل المقترحات السابقة التي ركزت على تصنيف تنظيم الإخوان بجميع فروعه بما في ذلك غير المتورطة في العنف.
وسابقاً، شنت تركيا حملة ضغط واسعة داخل واشنطن لعدم تمرير مشاريع قوانين مماثلة، إذ يُعد حزب العدالة والتنمية الحاكم حزباً إسلامياً محافظاً يربطه تقارب أيديولوجي وسياسي مع جماعة الإخوان المسلمين.
وتفيد وثيقة كروز أن "المحاولات السابقة فشلت لأن ليس كل فروع جماعة الإخوان المسلمين عنيفة حالياً، وبالتالي لا تستوفي معايير التصنيف".
وينص مشروع القانون الجديد على أن "يقوم وزير الخارجية بتصنيف فروع جماعة الإخوان المسلمين التي تم تصنيفها كمنظمات إرهابية وتصنيف فروع إضافية تستوفي المعايير ذات الصلة، ويُلزم بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين العالمية لدعمها لتلك الجماعات الإرهابية."
ويحظى تشريع كروز بدعم واسع بين الجمهوريين في مجلس الشيوخ، كما يحظى بدعم من مجموعات مثل اللجنة الأميركية للشؤون العامة الإسرائيلية (إيباك) والمسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل، والذراع الدعائية لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
ويتوقع مراقبون أن يحظى مقترح كروز بغالبية واسعة من الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ، ويعتقدون أن أية دولة في الشرق الأوسط سبق لها تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية سترحب بقرار مماثل من الولايات المتحدة.
ويمنح مشروع القانون وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو 90 يوماً بعد تمرير القانون لتقديم تقرير إلى الكونغرس يتضمن "جرداً لكل فروع جماعة الإخوان المسلمين" حول العالم،
ويتم تصنيف أي مجموعة تستوفي المعايير. ويخول مشروع القانون تصنيفاً رسمياً للعمليات العالمية للإخوان المسلمين بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 1987، مما يفرض "حظراً أساسياً" يمنع الأميركيين من إجراء تعاملات مالية مع الجماعة أو تقديم خدمات لها.
حصان طروادة
من جانب آخر، قدم النائب الجمهوري راندي فاين، مشروع قانون منفصل لتصنيف مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) كمنظمة إرهابية أجنبية.
ونشر فاين على موقعه الإلكتروني تفاصيل مشروع القانون قائلاً إن "هذا الإجراء يُعتبر خطوة طال انتظارها لمواجهة التهديد الإرهابي الذي يمثله كير"، والذي وصفه فاين بأنه "حصان طروادة للإرهاب يعمل داخل حدودنا".
وكان تم تسمية "كير" كمتآمر غير مُتهم في محاكمة مؤسسة الأرض المقدسة، المتعلقة بدعم الإرهاب ودور مؤسسي المنظمة في تحويل أكثر من 12 مليون دولار لحركة حماس، وهى المحاكمة الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة من حيث تمويل الإرهاب.
ويقول "لا يزال مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية يحتفظ بعلاقة مباشرة مع حماس، المنظمة الإرهابية الوحشية التي قتلت أكثر من 1200 شخص، بينهم أكثر من 40 أميركياً، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)".
وأضاف فاين في بيانه: "كفى. لقد سمحنا لمثل هذه الجماعات، كـ‘كير’، بالعمل في بلادنا وعلى جامعاتنا لفترة طويلة جداً، حيث تروّج لأيديولوجيات متطرفة عنيفة وتدافع عن ما لا يمكن الدفاع عنه.
لا مكان لـ‘كير’ في المجتمع الأميركي. هذه منظمة احتفلت بالمجزرة التي وقعت في 7 أكتوبر، وقالت إنها جعلتهم يشعرون بـ‘السعادة’."
في إشارة لمقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي في ديسمبر (كانون الأول) 2023، يتحدث فيه نهاد عوض المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية، مرحباً بهجمات أكتوبر.
وقال النائب الأميركي "لقد كنت فخوراً بقيادة فلوريدا في تصنيف ‘كير’ كواجهة للإرهاب، وسأكون ‘سعيداً’ عندما يفعل الكونغرس الشيء ذاته".
ومع ذلك، استبعد المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن يتم في الوقت الحالي تصنيف منظمات داخل الولايات المتحدة كمنظمات إرهابية أجنبية،
مشيراً إلى أن الأمر يتطلب عملية مختلفة، لذا من المرجح أن يقود مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" ووزارة الأمن الداخلي هذه العملية. وأوضح " نحن لا نفرض عقوبات على أفراد أو كيانات قائمة داخل البلاد بالطريقة نفسها التي نفرضها على جهات أجنبية".
وعلى موقعها الإلكتروني، تنفي المنظمة الإسلامية أنها جزء من "واجهة لحركة حماس"، وتقرّ بأنه نظراً لإدراج حماس على قائمة وزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية، فإن أي "علاقة أو دعم" من كير لـ"حماس" سيكون "أمراً غير قانوني".
إنجي مجدي
صحافية مصرية