
ترامب يؤكد رغبة "حماس" بالتفاوض ويستبعد ضربة لإيران
الرأي الثالث - وكالات
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن حركة "حماس" أبدت رغبة واضحة في التفاوض للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة،
معتبراً أن التهدئة باتت ممكنة، في حين استبعد توجيه أي ضربة جديدة ضد إيران، رغم تأكيده أن طهران تلقّت رسالة قوية من الهجوم الأخير.
جاءت تصريحات ترامب، مساء الاثنين، خلال مأدبة عشاء خاصة في البيت الأبيض بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تركزت المحادثات على الوضع في غزة والملف النووي الإيراني، إضافة إلى جهود السلام في الشرق الأوسط.
وأكد ترامب أن "الأمور تسير على ما يرام" في ما يتعلق بالمفاوضات مع "حماس"، مشيراً إلى أن الحركة تريد "وقف إطلاق النار واللقاء"، دون أن يرى وجود عراقيل كبيرة أمام اتفاق تهدئة.
بدوره قال المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف: إن "هناك فرصة جيدة لتحقيق السلام"، مؤكداً أن لقاء مع ممثلي إيران قد يُعقد خلال الأسبوع المقبل، وأنه سيتوجه قريباً إلى الدوحة للمشاركة في المحادثات الجارية بشأن غزة.
وفي معرض رده على سؤال حول إمكانية حل الدولتين أحال ترامب الإجابة إلى نتنياهو قائلاً: "لا أعرف، اسألوا بيبي"، فيما أوضح نتنياهو أن "الفلسطينيين يمكنهم حكم أنفسهم، لكن من دون أن يمتلكوا قوة أمنية تهدد إسرائيل".
وأضاف أن "من يريد مغادرة قطاع غزة يمكنه ذلك، ونحن نعمل مع دول مجاورة لتأمين هذا الخيار، ومن يريد البقاء فله ذلك أيضاً".
وفي الملف الإيراني أعلن ترامب أن واشنطن لا تنوي تنفيذ ضربة ثانية ضد إيران، وقال إن الحرب قد تكون انتهت، مشيراً إلى أن طهران تريد التفاوض، وأنه يأمل برفع العقوبات عنها "في الوقت المناسب".
اعتبر الرئيس الأمريكي أن الضربة التي نفذتها بلاده على المنشآت النووية الإيرانية كانت "حاسمة"، وأعاد مقارنتها بقرار الرئيس الأسبق هاري ترومان بإلقاء القنبلة الذرية على اليابان، قائلاً: "ذلك القرار أوقف القتال، وهذه الضربة فعلت الشيء ذاته".
وأضاف ترامب أن الإيرانيين أبلغوا واشنطن مسبقاً بموعد ردهم على الضربة الأمريكية الأخيرة، وسألوا ما إذا كان الوقت مناسباً لتأجيله. وأكد أن طياري القوات الأمريكية تدربوا على ضرب إيران منذ 20 عاماً، لكن "لم يُسمح لهم بذلك من قبل أي رئيس سابق".
من جهته قال نتنياهو: إن "انتصارنا على إيران كان تاريخياً، وغيّر وجه الشرق الأوسط"، وأشار إلى أن الفرصة متاحة لتوسيع اتفاقات أبراهام. وفي خطوة رمزية أعلن أنه رشّح ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، وسلّمه نسخة من رسالة الترشيح، قائلاً إن الرئيس الأمريكي "يصنع السلام دولة بعد أخرى، ومنطقة تلو الأخرى".
وأشار نتنياهو إلى أنه أجرى محادثات "بالغة الأهمية" مع وزير الخارجية ماركو روبيو، من أجل تعزيز التحالف بين "إسرائيل" والولايات المتحدة، مشيداً بـ"قيادة ترامب للعالم الحر"، بحسب وصفه.
هذا اللقاء بين ترامب ونتنياهو هو الثالث في أقل من ستة أشهر، إذ يسعى الرئيس الأمريكي إلى التوصل إلى هدنة في قطاع غزة الذي يشهد وضعاً إنسانياً كارثياً بعد 21 شهراً من الحرب المدمرة.
صفقة غزة تُربك ائتلاف نتنياهو.. خطر الانهيار يلوح مع اقتراب التهدئة
في حال التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار الموسع في غزة فإن مستقبل حكومة بنيامين نتنياهو الحالي سيكون محفوفاً بالتحديات السياسية والصراعات الداخلية على مختلف الجبهات.
يشكل التحالف برئاسة نتنياهو غالبية ضيقة في الكنيست (64 مقعداً)، اعتماداً على دعم أحزاب اليمين المتطرف مثل "القوة اليهودية" بقيادة إيتمار بن غفير، و"الصهيونية الدينية" بقيادة بتسلئيل سموتريتش.
بن غفير سارع إلى مطالبة نتنياهو بعدم القبول بمقترح صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية في غزة، والاستمرار في الإبادة الجماعية على القطاع.
وقال بن غفير: "أدعو رئيس الوزراء إلى التراجع عن مخطط الاستسلام والعودة إلى خطة الحسم"، في إشارة إلى حرب الإبادة المستمرة على غزة.
وزعم بن غفير أن وعداً مستقبلياً بنزع سلاح غزة، وصفقة جزئية في الوقت الحالي تشمل انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من مناطق جرت السيطرة عليها، والإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وإعادة "إنعاش" حماس من خلال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، "يبعدنا عن تحقيق الهدف ويعد مكافأة للإرهاب".
وادعى أن "الطريق الوحيدة للحسم ولإعادة أسرانا بأمان هي في احتلال كامل لقطاع غزة، ووقف تام للمساعدات الإنسانية، وتشجيع الهجرة".
جهود الصفقة
وبدأت تحركات وسط جهود إقليمية ودولية مكثفة للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى تهدئة دائمة في قطاع غزة، بعد أشهر من التصعيد العسكري المتواصل.
وأعلنت وسائل إعلام عبرية، السبت 6 يوليو الجاري، أن الحكومة الإسرائيلية قررت إرسال وفد رسمي إلى العاصمة القطرية الدوحة، في إطار مفاوضات غير مباشرة مع حركة "حماس" حول صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ونقلت قناة "12" الإسرائيلية عن مصدر حكومي قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق على إرسال الوفد "لمناقشة التعديلات التي طرحتها حماس على مقترح الهدنة".
بدورها أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن الوفد الإسرائيلي سيعقد "محادثات تقارب" مع الوسطاء في الدوحة؛ لبحث فرص التقدم في الصفقة.
وفي السياق ذاته ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن هناك تفاؤلاً في أوساط الوسطاء الدوليين بإمكانية سد الفجوات بين الطرفين، لا سيما بعد التعديلات التي قدمتها حركة حماس على مسودة الاتفاق.
إسقاط الائتلاف
وزير الأمن القومي بن غفير هدد فعلياً بالانسحاب فور توقيع الصفقة، ووصفها بأنها "كارثة"، بينما لفت وزير المالية سموتريتش إلى أنه قد ينهي التحالف بإعلان انسحابه، وفي حال حدث ذلك ستنهار الحكومة.
سموتريتش وبن غفير يرفضان أي اتفاق لا يشمل تدميراً كاملً لـ"حماس"، وقد ينسحبان إذا لم يضمن هذا الشرط في الصفقة.
وإلى جانب بن غفير وسمويترش حذر 6 أعضاء كنيست من أحزاب الائتلاف الحكومي لدى الاحتلال، بينهم ثلاثة من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، من التوصل لصفقة تبادل للأسرى مع "حماس".
وأفادت موريا أساراف المراسلة السياسية للقناة 13 العبرية، بأن مسؤولين كباراً ومقربين من نتنياهو يستغربون من تصرف نتنياهو خلال الأيام الأخيرة، ففي الغرف المغلقة لم يكن يحب سماع جملة إنهاء الحرب، ويبدو أن هناك شيئاً تغير، فهو ملهوف على الصفقة ويتقبل فكرة إنهاء الحرب.
شبكة أمان
في المقابل يعرض زعيم المعارضين يائير لابيد "شبكة أمان" برلمانية لدعم الصفقة إذا فقد نتنياهو دعم الحلفاء المتطرفين، ما قد يسمح ببقاء الحكومة مع تعديل التحالف الداخلي.
وفي هذا الشأن يرى الكاتب والمحلل السياسي محمود حلمي أنه في حال تحقق السيناريو الأول باستمرار الحكومة في حال انسحب أحد الطرفين المتطرفين فقط (بن غفير وسموتريش)، فقد يتجه نتنياهو لبناء "تحالف طوارئ" مع المعارضة لحفظ استقرار الحكومة وتمرير الصفقة.
ويضيف حلمي أنه "حال تحقق السيناريو الثاني وهو انهيار الحكومة إثر انسحاب بن غفير وسموتريتش فإن ذلك سيقود إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل".
ويشير إلى أن نتنياهو قد يستخدم التهديد بعدم تمديد الصفقة للتلاعب بالحلفاء وكسب دعمهم، خاصة في المرحلة الثانية من الاتفاق .
ويبين أن حكومة نتنياهو الحالية في مأزق، واتفاق وقف النار قد يكون نقطة انفجار داخلي بسبب تباين أولويات القوى داخل الائتلاف الحاكم.
ويحاول نتنياهو، حسب حلمي، الحفاظ على تماسك الائتلاف عبر تكتيكات تفاوضية وسياسية داخلية، لكن القرار يبقى بيد أقصى اليمين من خلال دعم الصفقة أو انسحاب الحلفاء المتطرفين، وسيكون العامل الحاسم في قدرة الحكومة على الاستمرار أو الذهاب لانتخابات مبكرة.
وتكشف التطورات السياسية المتسارعة داخل "إسرائيل" عن هشاشة الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو، حيث تحوّل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة من ورقة تفاوض مع الخارج إلى اختبار بقاء في الداخل. فالتباين الحاد بين مكونات الحكومة، لا سيما بين رئيس الوزراء وحلفائه من أقصى اليمين، يضع مصير التحالف السياسي على المحك، ويثير تساؤلات جدية حول استقرار الحكم في المرحلة المقبلة.
وفي ظل مساعٍ دولية حثيثة لتهدئة الأوضاع في غزة، يجد نتنياهو نفسه أمام مفترق طرق: إما تمرير صفقة قد تحقّق مكاسب استراتيجية مؤقتة لكنها تُفجّر خلافات داخلية، أو التمسك بتحالف هشّ لا يملك أجوبة حقيقية لتحديات الميدان والسياسة معاً.