
توماس برّاك يخرج بأجواء إيجابية بعد لقائه عون: حان الوقت للتغيير
الرأي الثالث - وكالات
وصف المبعوث الأميركي توماس برّاك لقاءه بالرئيس اللبناني جوزاف عون اليوم الاثنين، بـ"المُرضي والمثير للاهتمام"، مثنياً على طريقة التفكير والرد على الاقتراح الأميركي،
مشدداً في الوقت ذاته على أن حزب الله حزب سياسي، وأن لا جدول زمنيا على لبنان الالتزام به.
وقال برّاك بعد لقائه عون صباح اليوم الاثنين إن "الاجتماع كان رائعاً ومثيراً للاهتمام ومرضيا، وهناك امتنان من قبل الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو للسرعة وطريقة التفكير والردّ على اقتراحاتنا"،
مشدداً على أن "هذا وقت مهمّ جداً بالنسبة إلى لبنان والمنطقة ككلّ، وهناك اليوم فرصة سانحة (..) حان الوقت للتغيير في المنطقة والبلاد كلها حولنا تتغيّر".
وأشار برّاك إلى أن الرئيس الأميركي يقف خلف لبنان ويدعمه ولمساعدته بالازدهار والسلام، مشدداً على الحاجة للحوار من أجل وضع خطة للمضي قدمًا،
وأضاف "الحكومة اللبنانية أعطتنا أمراً رائعاً في مدة زمنية قصيرة، ونحن بحاجة للتعمّق في التفاصيل وهذا ما سنفعله للتوصل إلى تسوية وحلّ"،
لافتاً إلى أن التعديلات اللبنانية على الورقة الأميركية مؤلفة من 7 صفحات لكنه قال إنه لم يطلع عليها بعد. ويجول برّاك على المسؤولين اللبنانيين لأخذ الجواب بما خصّ ورقة المقترحات التي قدّمها لهم في زيارته الأولى إلى بيروت في 19 يونيو/حزيران الماضي.
وفي معرض ردّه على أسئلة الصحافيين، حول الردّ اللبناني على المقترح الأميركي، عبّر عن أمله إزاء الرد وقال "الرئيس عون وفريقه قدّموا الكثير من التفاصيل والأفكار".
وحول كيفية التعامل مع موقف حزب الله الرافض لتسليم السلاح، قال برّاك، إن الولايات المتحدة الأميركية تريد من لبنان أن يتعامل مع موضوع حزب الله، وأنها لا تملي عليه ما يجب فعله، وأنها كذلك على استعداد لتوفير الدعم للبنان،
أما في حال لا يريد التغيير "ليس لدينا أي مشكلة، المنطقة تتقدّم بوتيرة سريعة وأنتم من ستتخلّفون عن الركب".
ورداً على سؤال حول فشل الولايات المتحدة بالمحافظة على الهدنة، وما الضمانات التي يقدّمها لبنان، وما إذا كانت هناك حرب جديدة إذا لم تحصل أميركا دبلوماسياً وحليفها إسرائيل على ما تريدان،
أجاب برّاك "الأمر لا يتعلق بفشل الولايات المتحدة، فلم يكن هناك أي ضامن أميركي لإسرائيل، كانت هناك آلية موضوعة، وبالفعل كانت غير كافية، إذ لم يكن هناك ثقة من الطرفين بها، ولم يكن هناك ثقة بين إسرائيل وحزب الله، وبين حزب الله والجيش اللبناني،
كل هذه الأمور لم تكن تركب بالسياق الصحيح، والاتفاق لم يكن كافياً، والتفاصيل لم تكن واضحة، لذلك فإن الحكومة اليوم تملأ هذه التفاصيل". واستطرد قائلاً "لا ضامن أمنياً ولا أعتقد أن انهيار هذا الاتفاق هو انهيار المصالح".
وزاد "حزب الله حزب سياسي ولديه جزء عسكري أيضاً وحزب الله يجب أن يرى بأن لديه مستقبل وأن الطريق لن تكون ضدّه بشكل واضح لكن سيكون هناك مجال للسلام أيضاً".
كذلك، أكد برّاك أن "لبنان ليس بحاجة إلى موعد زمني، فهو يجب أن يحاول الآن التوصّل إلى شكل يقرّر من خلاله ما يحتاجه والجواب في أيدي الحكومة اللبنانية"،
وتابع "حتى يتم التوصل إلى توافق لا يمكن للولايات المتحدة أن تفعل شيئاً، هي تحاول المساعدة". وقال "كان هناك 15 نقطة تتضمن كل الأمور والردّ اللبناني كان مسؤولاً وبعض الأمور والتوضيحات كانت موجودة، وتتماشى مع ما نريد التوصل إليه".
ورداً على سؤال أنه في حال فشل الحكومة بنزع سلاح حزب الله، هل من جهة ستتدخل، قال برّاك "ليس هناك من طرف سيتدخل أو يحلّ المشكلة، حزب الله هو حزب سياسي في لبنان، فهل تعتقدون أن أميركا أو فرنسا أو بريطانيا ستأتي وتحلّ هذا الحزب في دولة سيادية؟
هذا لن يحصل. هذه مشكلتكم أنتم عليكم إيجاد الحلّ لها". وأضاف "أعتقد أن الكل يريد التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية، وطريق للسلام، وأعتقد أن الإسرائيليين لا يريدون حرباً مع لبنان وليس لديهم رغبة في احتلال لبنان".
وحث لبنان على السير بطريق سورية بالعلاقة مع إسرائيل، قائلاً "سورية انتقلت من فوضى عارمة، إلى أمل كبير (..) الحوار بدأ بين سورية وإسرائيل، تماماً كما يجب أن يعيد لبنان التفكير بالحوار.
إذاً الكل الآن يعمل بوتيرة سريعة، للتوصل إلى تفاهم وهو وقف الأعمال العدائية من خلال اتفاق الانسحاب وما يجب أن يحصل في سورية وهي دولة كانت على اختلاف مع إسرائيل تماماً كما لبنان".
سلام: المسلّمات اللبنانية ترتكز على الانسحاب الإسرائيلي الكامل
في السياق، شدد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام على "ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، ووقف العمليات العدائية، وبدء عملية إعادة الإعمار، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل"،
مشيراً إلى أن "ورقة برّاك تنطلق من ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوافق عليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتقترح آلية لتنفيذها تقوم على فكرة تلازم الخطوات"،
مضيفاً "طُرحت مجموعة أفكار لبنانية جديدة، وعندما تنضج فإنّ مقرّ البتّ فيها هو مجلس الوزراء".
وأكد سلام، في مؤتمر صحافي بعد لقائه برّاك، أن "المسلّمات اللبنانية ترتكز على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، وقف العمليات العدائية، بما في ذلك الخروقات الجوية، وتسليم الأسرى،
ومن جهتنا: حصرية السلاح، وبسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على أراضيها، واستعادة قرار الحرب والسلم، وهو ما نصّ عليه اتفاق الطائف وبقي دون تنفيذ"،
لافتاً إلى أنّ "برّاك أتى بورقة فيها مجموعة أفكار لتنفيذ ترتيبات وقف العمليات العدائية، التي أساساً تشمل الانسحاب الإسرائيلي، ووقف الاعتداءات، وتنفيذ القرار 1701، وعملية حصر السلاح، بدءاً من الجنوب، والتي تسمّي الجهات التي تحمل السلاح في لبنان،
وقد أتى برّاك ليقول إن هناك مشاكل في التنفيذ وهناك مجموعة أفكار للعودة للترتيبات وتنفيذها".
كذلك، لفت سلام إلى أنه "بحسب معلوماتي فإن الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم لا يزال ملتزماً باتفاق الطائف، وبترتيبات وقف العمليات العدائية التي توصلت إليها الحكومة في نوفمبر الماضي،
وأكد البيان الوزاري الذي صوّت كل نوابه عليه، والذي يتحدث بحصرية السلاح وبسط سلطة الدولة على أراضيها كاملة، واستعادة قرار الحرب والسلم، ولا أعتقد أنه قرر الخروج عن هذه المسلّمات".
وأكد رئيس الوزراء اللبناني أننا "نسعى لتجنيد دعم سياسي ودبلوماسي دولي وعربي لوقف الاعتداءات وتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي"،
لافتاً إلى أن "ملاحظاتنا على ورقة برّاك تشمل التلازم بين الانسحاب الكامل ووقف العمليات العدائية وهذه نقاط أساسية بتفاهمات نوفمبر الماضي".
الاعتداءات الإسرائيلية متواصلة
وبالتزامن مع جولة برّاك، سُجِّل أكثر من خرق إسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار، صباح اليوم الاثنين، أبرزه، تحليق لطيران الاحتلال في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى جانب إلقاء محلقة إسرائيلية قنابل في بلدة الضهيرة جنوباً، وعلى حرج شيحين ما أدى إلى اندلاع النيران في المنطقة الحرجية.
كذلك، ألقت مسيّرة إسرائيلية صباحاً قنبلة صوتية بالقرب من مركب صيد مقابل شاطئ رأس الناقورة، في حين أقدمت جرافتان تابعتان لجيش الاحتلال فجراً، على اجتياز الجدار الفاصل والخط الأزرق في كفركلا – قضاء مرجعيون، وشقّ طريق ترابي بطول 200 متر داخل الأراضي اللبنانية في البلدة.
وعشية وصول برّاك إلى بيروت، شنّ جيش الاحتلال سلسلة غارات في البقاع والجنوب، وذلك في إطار الرسائل التي تبعثها إسرائيل بالنار للبنان، في حال عدم الرضوخ للبنود التي طرحتها الورقة الأميركية ولا سيما المرتبطة باحتكار الدولة للسلاح،
خصوصاً بعدما سرت أمس أجواء تؤكد أنّ الملف لم يُحسم بعد، مع تمسّك حزب الله بسلاحه، وإصراره على أولوية وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من النقاط الخمس.
واستمرّت المشاورات اللبنانية حتى ساعات الصباح الأولى من أجل درس الصيغة النهائية للردّ على المقترح الأميركي، وتقديم الملاحظات حول بعض البنود، المرتبطة بحساسية الوضع في لبنان، والظروف الخاصة التي تقتضي البتّ ببعض الملفات داخلياً وبرويّة،
على رأسها سلاح حزب الله، مع التأكيد على قرار الدولة حصر السلاح، وذلك في محاولة لإقناع الأميركيين بأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار، وتفادي أي تصعيد عسكري إسرائيلي.
تفاصيل الرد اللبناني على المقترح الأميركي
وقالت مصادر رسمية لبنانية ، إنّ "الجواب اللبناني أخذ بعين الاعتبار ملاحظات حزب الله، وردّ على غالبية البنود المرتبطة بالورقة الأميركية، بيد أن مسألة سلاح حزب الله لم تُحسم بعد على صعيد آلية التنفيذ والجدول الزمني".
وأضافت المصادر أن "لبنان أكد في معرض جوابه الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701،
وقد باشر تنفيذ تعهداته منذ اليوم الأول، خصوصاً على صعيد انتشار الجيش اللبناني وقيامه بمداهمة العديد من مخازن الأسلحة والذخائر، في جنوب نهر الليطاني وضبطها، وسيواصل مهامه لتفكيك جميع المنشآت، لتكون المنطقة خالية من أي سلاح،
وكانت هناك عمليات أيضاً في البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وهذه المهام ستستمرّ وتفعّل وتكثّف، على أن يستكمل الجيش انتشاره عند انسحاب الاحتلال من النقاط الخمس جنوباً، إلى جانب تأكيد لبنان مضيه في حل مسألة السلاح الفلسطيني".
وأشارت المصادر إلى أن "لبنان أكد عزمه على حصر السلاح بيد الدولة تنفيذاً لقسم الرئيس عون والبيان الوزاري لحكومة سلام، وتطبيق اتفاق الطائف، مع ضرورة تقديم المجتمع الدولي دعم للجيش اللبناني حتى يقوم بمهامها، بالتعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل)، مشدداً ضرورة التجديد لولايتها في هذه الظروف الدقيقة".
كذلك، تابعت المصادر "طالب لبنان في جوابه بإطلاق سراح الأسرى لدى إسرائيل، والانسحاب من النقاط الخمس، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، مع تفعيل عمل اللجنة المكلفة مراقبة وقف الأعمال العدائية، في ظلّ عدم رضا لبناني عن دورها، مع استمرار الخروقات الإسرائيلية اليومية للاتفاق، كما دعا إلى إطلاق مسار إعادة الإعمار".
وأضافت "تطرق الجواب أيضاً للملف اللبناني السوري، وتحسين العلاقات بين البلدين، مع ضمان عودة النازحين إلى سورية، وتأكيد ضرورة ضبط الحدود، كما أكد تمسّك لبنان بالمسار الإصلاحي الاقتصادي والمالي".
كما أن "الاتصالات استمرت حتى ساعات متأخرة من ليل أمس لبلورة الموقف اللبناني على صعيد الرؤساء الثلاث، كما عقد اجتماع ليلاً مع ممثلين عن حزب الله ورئيس البرلمان نبيه بري تم خلالها إدخال بعض التعديلات على الجواب اللبناني، تأخذ بعين الاعتبار ضمانات يريدها حزب الله على رأسها وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي اللبنانية".
وقالت مصادر رسمية لبنانية في هذا الإطار إنّ "لبنان تحدّث عن هواجس موجودة وحقيقية بما يخصّ مقاربة ملف سلاح حزب الله، وأن الملف شأن داخلي يجب أن يبحث ضمن استراتيجية وطنية، وليس عن طريق القوة،
وكان هناك تأكيد على التزام الدولة ببسط سلطتها على كامل أراضيها، وحصرية السلاح".
وأشارت المصادر إلى أن "الأجواء إيجابية، وعبّر برّاك عن إعجابه بالأفكار اللبنانية، ولكن للأسف هناك من يريد أخذ لبنان إلى الحرب، ويعمد إلى نشر أجواء سلبية منذ أيام، ويهوّل على الناس ويخوّفهم بعودة الحرب، حتى أن برّاك نفسه تحدث عن أن لا جدول زمني لتسليم السلاح بعكس ما كان يُنشَر، وننتظر الآن قراءة الجانب الأميركي الملاحظات اللبنانية والردّ عليها".