
التحشيد القبلي.. ورقة الحوثيين الأخيرة في مواجهة الانهيار
الرأي الثالث
تعيش جماعة الحوثي أياماً صعبة كما تشير جملة التطورات، بفعل ما يحيط بها من ظروف شعبية ودولية أدخلتها في مأزق، إذ تقول روايات المراقبين إن الجماعة تسعى إلى تحشيد القبائل اليمنية.
وعلى مدى اليومين الماضيين دعا الحوثيون القبائل اليمنية إلى التوقيع على "النفير القبلي المسلح" دعماً لقواتها، في ظل أنباء تتحدث عن استعدادات للقوات الحكومية لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران، بالتزامن مع العمليات الأميركية ضدها منذ شهر ونصف الشهر.
ونظمت سلطات الجماعة عشرات اللقاءات مع مختلف القبائل في محافظات يمنية عدة لإقناعها بإعلان حال الاستنفار القصوى في مواجهة الضربات الأميركية.
قبضة أمنية في العمق التاريخي
وأظهرت وسائل إعلام تابعة للحوثيين فعاليات قبلية في محافظات تعز وإب وذمار وصنعاء والمحويت وغيرها، أعلنت خلالها النفير العام لمواجهة أميركا وإسرائيل، على حد وصفها.
ويحاول الحوثيون لملمة صفوف الجماعة عبر حشد القبائل الموالية لها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ويرى الباحث السياسي محمد الصعر أن الجماعة تكثف اجتماعاتها القبلية من عمران إلى صعدة، وخصوصاً في سفيان، أقصى شمال المحافظة وهمدان بن زيد في صعدة، بهدف دعم صفوفها بالقوة البشرية في هذه المناطق، لاسيما وأنها هضاب وجبال تخفي الكثير من أسرار المواجهة والتخفي.
ويوضح الصعر المنتمي إلى محافظة عمران أن هذه المناطق التي شهدت مساع حوثية مكثفة لتحشيد أبنائها واستمالتهم لصفها "تعد مناطق حوثية تاريخية، وفيها أهم مخازن سلاح الجماعة"،
لافتاً إلى أنه رغم إستراتيجيتها، فإنها تعرضت إلى ضربات دقيقة وموجعة، يرى الحثويون أنها ناتجة من "وشاية"، وهو ما دعا الجماعة إلى عقد اجتماعات متكررة مع قبائل هذه المناطق بثت خلالها "رسائل تهديد ووعيد"، لضمان بقاء المناطق في قبضتها أمنياً واجتماعياً، وفق قوله.
وفي نهاية العام الماضي حشدت جماعة الحوثي، المصنفة على قوائم الإرهاب العالمي، عشرات من مشايخ ووجهاء قبائل اليمن للتوقيع على "وثيقة الشرف القبلي" التي تتضمن سلسلة من البنود تفرض على المشايخ والوجهاء دعم جبهات الحوثي بالمقاتلين والأموال تحت فكرة "النكف القبلي"،
وإعلان التبرؤ من أبنائهم وأقاربهم المنضمين إلى صفوف قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أو من يثبت ولاؤه لها، إضافة إلى التزامهم بالدفع بالنشء والمراهقين والشباب لحضور الدورات التعبوية التي تنظمها وتكرسها لغرس مفاهيمها.
ووفق الصعر فإن الاجتماعات الحوثية "المتواصلة بالقبائل في هذه المناطق جرى اختيارها بعناية لتخدم أهداف الجماعة، ومحاولة إظهار تماسكها للعامة بعد الضربات الأميركية التي واجهتها أخيراً، وفقدانها عدداً كبيراً من القيادات الوسطى"،
مضيفاً أنه "بحسب ردود الأفعال يقف كثير من اليمنيين ضد الحوثيين ويفرحون بصمت لسقوطها المتتالي يوماً بعد آخر".
وعلاوة على ضرب النسيج الاجتماعي والمذهبي المتعايش في اليمن، يتهم الصعر جماعة الحوثي باستخدام القبيلة "كأداة مذهبية وسياسية من خلال فرض أعراف النفير والتحشيد تحت شعارات رنانة ودينية متطرفة، وهو سلوك خطر يهدد مستقبل بلد ممتلئ بالسلاح".
أوكار عسكرية
في المقابل دعا مسؤولون يمنيون القبائل اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي إلى سرعة سحب أبنائهم من المعسكرات التابعة للجماعة وأهمية الابتعاد من مواقع تمركز الجماعة،
واتهم وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني الجماعة الحوثية بالاستمرار في استغلال المدنيين داخل مناطق سيطرتها،
وقال إنها "تحول المدارس والمستشفيات والمساجد والمنشآت العامة والخاصة أوكاراً عسكرية وتستخدم المدنيين دروعاً بشرية"، مناشداً الأهالي في مناطق سيطرة الحوثيين سحب أبنائهم وإبعادهم من مواقع تمركزهم، بما في ذلك المعسكرات ومراكز التحشيد والتجنيد وأية منشآت مدنية تُستغل لأغراض قتالية.
وتعليقاً على العمليات العسكرية التي تشنها البحرية الأميركية ضدهم، قال الوزير اليمني إن "الميليشيات الحوثية تتلقى ضربات دقيقة وموجعة وخسائرها تتصاعد وآخرها مصرع المئات في ضربة نوعية استهدفت أحد معسكراتها ولم ينج منهم أحد".
أمن بريطانيا القومي
إلى ذلك تتواصل العمليات الأميركية ضد الحوثيين منذ شهر ونصف الشهر ونتج منها عشرات القتلى وتدمير عتاد تابع للجماعة لا يعرف حجمه على وجه الدقة،
وفي تطور جديد في صورة المشهد اليمني عادت بريطانيا للمشاركة في العمليات الجوية ضد الحوثيين،إذ أعلن الجيش البريطاني الثلاثاء شنّه بالاشتراك مع البحرية الأميركية ضربة جوية استهدفت منشأة حوثية مخصصة لإنتاج الطائرات المسيرة،
وأوضح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي أن استخبارات بلاده رصدت تجمعاً لمبان تقع على بعد 24 كيلومتراً جنوب صنعاء، وتستخدمه جماعة الحوثي لتصنيع المسيرات التي تستخدم في استهداف السفن.
وتوضيحاً لاستئناف بلاده المشاركة في العمليات بعد أن أسهمت في الحملة الأولى التي جرت بالتشارك مع الولايات المتحدة آخر عهد الرئيس الأميركي جو بايدن،
أوضح هيلي أن توقيت مشاركة بلاده في الضربات الآن سببه "تعزيز الأميركيين حملتهم في اليمن وحماية الاقتصاد البريطاني أيضاً"،
وتطرق إلى نتائج العمليات الجوية التي قال إن "تقديرات الأميركيين تفيد بأن الضربات خفضت الهجمات الباليستية بـ 69 في المئة، وهجمات الطائرات المسيرة بـ 55 في المئة".
وأضاف هيلي أن ضربات أمس "هدفها استعادة حرية الملاحة وتقليص قدرات الحوثيين ومنع أية هجمات مستقبلية، مع حماية الاستقرار الإقليمي وأمن بريطانيا القومي"، مؤكداً أن "الضربات كانت ضد أهداف محددة ومحدودة بما يقلص الأخطار ضد المدنيين".
توفيق الشنواح
صحافي يمني