
الهام مانع إماماً لمسجد ابن رشد في برلين
ضياء أحمد دماج
اثار افتتاح مسجد ابن رشد جوته في برلين جدلاً واسعاً لأن الكاتبه اليمنية المبدعة الهام مانع ستؤم هناك بالمصلين وستخطب الجمعة وستُعزَف الموسيقى في المسجد وسيكون المسجد مفتوحاً للجميع من جميع الديانات .
ربما اخطأت كثيراً في استخدامِ كلمة _ جدلاً _ لقد اثار الامر سخطاً وحنقاً وغضباً واسعاً اوساط الشباب العرب والمسلمين واليمنيين على وجه الخصوص في المانيا قبل غيرهم من الدول العربية مظهرة كل ذلك السخط وسائل التواصل الاجتماعي بشكلٍ جليّ .. المخيف في الامر عندما ترى افكار الشباب الرافض للفكرة هجومي وحماسي ومتطرف ولا يختلف كثيراً عما تقوله وتفعله داعش .. الاكثر من ذلك انهم يعيشون في المانيا ..بلد الحرية للجميع ..بلد القانون ..البلد الذي حصلوا على فرصة العيش فيه لسنوات ولكنهم لم يستطيعوا حتى الآن استيعاب فكرة الدولة للجميع والحرية للجميع .. هم سعيدون بانهم يمارسون حريتهم في ممارسة دينهم ولكنهم ينزعجون جداً اذا مارسَ احدٌ ما حريته بطريقته او دينه بالطريقة التي هو يريدها .
انهم يرون في امامة الدكتورة الهام مانع للرجال والنساء استهزاءً واستنقاصا بالدين الاسلامي وتشويها له وقبل كل ذلك يرون ان المرأة غير مؤهلة لإمامة الرجل .
المخجل في الامر ان كثيرات من النساء رأين ذلك ايضا وكنتُ اسال نفسي حينها لماذا ترى المرأة نفسها اقل من الرجل حتى عندما يتوجهون لعبادة الله الذي لايفرق بالتأكيد بين الناس بسبب جنسهم او لونهم او الجهاز التناسلي الذي يحمله كل واحد منهم .
قالت الدكتوره الهام مانع في مقابلة اذاعية معها .. سنفتتح المسجد وسيكون مفتوحاً للإنسان اياً كان جنسه او لونه او عرقه او دينه .. انها تذكرني بصديق ما كنتُ معه في كنيسة الدوم في مدينة كولونيا في ولاية شمال الراين .. دخلنا الكنيسه وسالني لماذا لايسمح لغير المسلمين الدخول في مساجدنا .. اثار هذا السؤال استغراباً كبيراً داخلنا وجعلنا نتوقف لحظة صمت مع انفسنا ثم ابتدأنا بإعطاء انطباعاتنا الشخصية ..قال احدهم مااجمل الموسيقى في دور العبادة تنقصنا الموسيقى في المسجد ..قال الآخر مااجمل ان يدخل المسلم والملحد الى الكنيسة دون ان يعاقبهم احد او يوقفهم احد او يعنفهم احد .. قال احدهم مااجمل ان يتصور الناس في المسجد ..قال احدهم _ احنا عندنا عادهم يقولوا التصوير حرام انت تشتي نتصور بالمسجد ونلبس بالجزمات حقنا _ .. اما انا فقلت مااجمل ان يدخل الرجال والنساء على حدٍ سواء الى دور العبادة .. ان استطيع ضم حبيبتي او زوجتي هنا دون ان اشعر بالخجل .. دون ان اشعر ان الله لن يعجبه الامر ..
ثم بدأت اطرح الاسئلة ..هل يمكن ان يكون الله ضد كل هذه الاشياء الجميلة التي شعرنا بها ..ذكرت حينها الهام مانع عندما ابتدأت قبل شهور بإمامة الرجال في هولندا وتم عزف الموسيقى في المسجد وخطبت الجمعة عن التعايش والسلام .
الآن يتكرر هذا الحدث في المانيا .. وأخيراً اصبح هناك مكان للمسلمين الذين يظنون ان الله ليس ضد الموسيقى ولا يفرق بين الرجل والمرأة ولا يشعرون ان المراة مخلوق درجة ثانية.. هناك مكان للمرأة التي لاتظن ان الله يفضل الرجل عليها ولا تشعر بأنها لاتستحق الامامة ولا تملك الثقة بنفسها لكي تحدث الرجال عن الانسانية والتعايش والحب والسلام .
انا شخصياً سيكون لي الشرف ان استعيد علاقتي بالمسجد وبالله من هكذا مكان .. سيكون لي الشرف ان اخطب جمعة هناك عن الحب والسلام والتعايش والانسانية ليسمعني ذووا القلوب الرحيمة والمحبة والمتسامحة .
اصبح للانسانيين المسلمين قبلة في المانيا تستطيع ان تعبر فيها عن افكارك بكل حرية وبكل سلام .
لماذا شعر المسلمون بالغضب .. المسلمون الذين نعرفهم والذين سيبدون نفس ردة الفعل من حواليكم بمجرد معرفتهم بالامر .. لانهم يتصورون الههم الها عنصرياً لايحب الموسيقى ويفضل الرجل على المرأة ويرفض دخول عير المسلمين الى دار عبادته ..
اسالوهم سؤالاً فقط ..لماذا يمكن ان يكون الله ضد الموسيقى .
لماذا يقف المسلم دائما في مواجهة كل القيم الانسانية التي توصل اليها الناس في مختلف الاديان .. هانحن نحكي لكم عن ذلك الشعور الذي نشعر به عندما ندخل الكنائس ونحن غير مسسيحيين .. نحكي لكم عن الاله الذي يقبل الجميع الملحدين قبل المؤمنين .. نحكي لكم عن الاله الذي لايمكن ان يكون ضد الموسيقى والكون كله موسيقى .
من أسوأ التعليقات التي وجدتها تستنكر ماقامت به الدكتوره الهام مانع هو قول احداهن هذه المرأة التي تشوه الاسلام تزوجت بمسيحي .. وانا لااريد الان الخوض في مسألة زواج المسلمة من غير مسلم وتفنيد التبريرات التي يقدمها المسلمون للعالم ..لكن يكفي ان يكون نظرة المسلم او المسلمة لمن تتزوج غير مسلم نظره استنقاص واستحقار وكانها قامت بفعل لا إنساني .. في المجتمعات العربية والاسلامية مازال زواج المسلمة من غير المسلم شيء لاإنساني ومحروم وممنوع وبإمكانهم ان يتساهلوا مع امور كثيرة لكنهم يقفون عند هذا الامر ويدافعون عنه بشراسة .. في المجتمع الاسلامي المرأة التي كانت بكل انسانيتها وتزوجت رجلاً من غير دينها لانها احبت الانسان فيه فقط ولم تلتفت لمعتقده شيئاً يدينها ويقلل من شأنها .
في الوقت الذي يجب ان تفخر المسلمة قبل المسلم بوجود نساء تمردن على الثقافة السائدة التي تناقض الانسانية والمحبه والتعيش تجدها تأخذ الموقف المضاد من اختها المرأة .
المراة ليست عدوة المراة في بلداننا فقط ..بل المرأة عدوة لكل شي انساني تفعله المرأة ..
نحن اعداء للحضارة .. اعداء للانسانية .. اعداء للحرية .. اعداء لحقوق النساء .. اعداء لله الجميل المحب للجميع .. اعداء للابواب التي تفتح صدورها للجميع .. اعداء لأنفسنا ولتاريخنا ولحاضرنا ولحضارتنا .
سيكون لي الفخر والشرف ان اصلي يوماً ما في ذلك المسجد .. ان اضع ناصيتي عند اله يقبل الجميع على الاقل ويحب الجميع ... اصبح لنا قبلة نولي وجوهنا اليه ونتعرف فيها على كل القلوب النابضة بالانسانية والحرية والمحبة .