
البابا فرنسيس يترأس قداساً احتفالياً في القاهرة بحضور آلاف المؤمنين
الرأي الثالث-فرنس برس
ترأس البابا فرنسيس صباح السبت قداسا احتفاليا بحضور آلاف الكاثوليك المصريين من كل الطوائف في ثاني أيام زيارته لمصر ذات القيمة الرمزية الكبرى لمسيحيي مصر بعد الاعتداءات الدامية التي استهدفت الأقباط في هذا البلد.
ودعا البابا في عظته الى نشر ثقافة الحوار والاحترام وذلك خلال القداس الذي اقيم في استاد تابع للجيش بضاحية التجمع الخامس في شرق القاهرة يتسع لقرابة 30 الف شخص.
وكان البابا دخل في موكب مهيب مع قساوسة يمثلون كل الطوائف الكاثوليكية في مصر:الكنائس القبطية والارمنية والمارونية وكنيسة الروم الكاثوليك. وعلى انغام الترانيم الدينية، توجه البابا نحو المذبح وقبله.
وفي مستهل القداس، جاب البابا في عربة غولف مكشوفة الاستاد محييا الحضور، وتوقف عند مجموعة من الاطفال يرتدون زيا فرعونيا واستقبلهم مبتسما وفاتحا ذراعيه.
واطلقت في سماء الاستاد بالونات صفراء وبيضاء، وهي الوان علم الفاتيكان، علقت فيها صورة للبابا وكتب عليها شعار زيارته لمصر وهو "بابا السلام في مصر السلام"، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وكان البابا محاطا برجال أمن في زي مدني كما كانت مروحية تحلق في سماء الاستاد في اطار اجراءات الامن المشددة التي اتخذتها السلطات.
وكان آلاف الاقباط بدأوا في التوافد منذ ساعة مبكرة صباح السبت الى الاستاد حيث اصطفت عشرات الحافلات والسيارات في طوابير لعبور نقاط التفتيش التي اقامتها الشرطة التي انتشرت بكثافة في المكان مدعومة من قوات الحرس الجمهوري، بحسب صحفي من فرانس برس.
وفي ذات الوقت كانت راهبات مسنات بزيهن الرمادي او البني والابيض يتجهن الى مداخل أخرى للاستاد وكذلك شبان وفتيات من الكشافة الكاثوليكية يرتدون قمصانا بنية فاتحة مغطاة بالشارات ورجال يرتدون بزات أنيقة وعجائز يستندن الى عصي.
ووزع شبان الكشافة بالونات بيضاء وصفراء على الحضور.
وفيما كانت دينا بباوي (33 عاما) تنتظر مع زوجها مرتدية ثوبا أبيض طويل وتمسك بيدها قبعة أنيقة، للدخول الى الاستاد، قالت انها سبق ان رأت البابا في الفاتيكان ولكن رؤيته في مصر "شئ اخر".
وأضافت "اننا سعداء ولا مشكلة لدينا في الانتظار"، مضيفة اننا نشعر بالفخر لوجوده في مصر فهي رسالة اننا لازلنا نقف على قدمينا وان الوضع آمن واننا أقوى من أي وقت مضى" رغم الاعتداءات التي استهدفت المسيحيين المصريين.
- ثقافة اللقاء والحوار والاحترام -
وألقي رأس الكنيسة الكاثوليكية، البالغ عدد أتباعها في العالم 1,3 مليار، عظة في القداس دعا فيها الى "نشر ثقافة اللقاء والحوار والاحترام والاخوة".
وقال ان "التطرف الوحيد المسموح به للمؤمنين انما هو تطرف المحبة".
وبعد غداء مع اساقفة مصريين، سيلتقي الحبر الاعظم كهنة المستقبل الذين يدرسون في معهد ديني للاقباط الكاثوليك في جنوب القاهرة.
ومن المقرر ان يغادر البابا فرنسيس مصر عصراً في ختام زيارة مدتها 27 ساعة أحيطت بتدابير أمنية شديدة.
وتوجد في مصر أقلية كاثوليكية صغيرة يبلغ عدد أفرادها 270 ألفا، أي 0,3% من الشعب المصري، ويعود وجودها في مصر إلى القرن الخامس.
- دعم معنوي وروحي-
أشاد بطريرك الاقباط الكاثوليك ابراهيم اسحق بالدعم "المعنوي والروحي" الذي يقدمه الحبر الاعظم الارجنتيني بزيارته لمصر في وقت "اثارت فيه الاحداث المتتالية (ضد الاقباط) الكثير من الاحباط بل والغضب احيانا".
وكان البابا فرنسيس شارك مساء الجمعة مع بابا الاقباط تواضروس الثاني في صلاة مسكونية في الكنيسة البطرسية في القاهرة التي استهدفها تفجير انتحاري تبناه تنظيم الدولة الاسلامية واوقع 29 قتيلا في كانون الاول/ديسمبر الماضي.
وفي كلمة قصيرة في الكاتدرائية المرقسية قبيل هذه الصلاة، أعرب البابا فرنسيس عن تضامنه مع "شهداء" الأقباط في هذا التفجير وفي اعتداءين اخرين اعقباه ضد كنيستين قبطيتين واوقعا 45 قتيلا في التاسع من نيسان/ابريل الجاري.
وقال "أريقت للأسف مؤخرا دماء بريئة لمصلين عزل وبقسوة ...آلامكم هي أيضا آلامنا. دماؤهم الزكية توحدنا".
كما وقع البابا فرنسيس وهو يرتدي زيه الابيض والبابا تواضروس الثاني بزيه الاسود، وثيقة "اخاء وصداقة" تشير الى التراث المسيحي المشترك على الرغم من الخلافات التي ادت الى تباعد الكنيسة الكاثوليكية عن الكنائس الارثوذكسية الشرقية.
وشددت الوثيقة على ان "أواصر الصداقة والأخوّة العميقة، التي تربطنا، تجد جذورها في الشركة التامّة التي جمعت كنائسَنا في القرون الأولى".
وتضمنت دعوة الى الوفاق بين المسلمين والمسيحيين في العالم. وأكدت "اننا نسعى جاهدين إلى الصفاء والوئام عبر التعايش السلميّ بين المسيحيّين والمسلمين".
وأشارت الوثيقة كذلك بشكل غير مباشر الى أوضاع المسيحيين اذ اضافت "لكلّ أعضاء المجتمع الحقّ والواجب بالمشاركة الكاملة في حياة الأمة، متمتعين بالمواطَنة والتعاون الكاملين والمتساويين في بِنَاء وطنهم. فالحرّية الدينيّة، التي تتضمّن حريّة الضمير، المتجذّرة في كرامة الشخص، هي حجر الأساس لباقي الحرّيات. إنّها حقّ مقدّس وغير قابل للمساومة".
ويشكو العديد من المسيحيين المصريين بانهم مستبعدون من العديد من المناصب الرئيسية في البلاد و لا يتمتعون بحقوق مساوية تماما لتلك التي يحظى بها المسلمون.
وفي هذا السياق، قال البابا فرنسيس الجمعة خلال لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حضور العديد من المسؤولين ان مصر مدعوة الى اثبات ان "الدين لله والوطن للجميع" مستعيرا شعارا سياسيا شهيرا في مصر.
وتضم مصر أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط. ويمثل الأقباط المصريون، وأغلبيتهم من الارثوذكس، قرابة 10% من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليونا.
وهي ثاني زيارة لحبر أعظم إلى مصر بعد 17 عاما على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني