
السيف الناعم
السيف هو السيف وظيفته القطع والقتل سواء كان مصقولا أو غير مصقول وجهه، ناعم أو خشن، سميته المهند أو اليماني أو القرضاب، أو الأجرب، أو الأقرع، أو الفرند سمه ما شئت،فهو سيف ووظيفته القتل وكل السيوف صنعت للقتل،
ولا يوجد سيف عبر التاريخ صنع من أجل أن يُخضب به الطعام أو (يخضب به الحلبة) وقد تغنت الانسانية بالسيف وتفننت في صناعته وتغنى به الشعراء و(المطبلاتية) عبر التاريخ، فقال عنترة:
وَسَيفي كانَ في الهَيجا طَبيباً يُداوي رَأسَ مَن يَشكو الصُداعا
وقال طرفة بن العبد:
فآليت لا ينفكّ كشحي بطانة لعضب رقيق الشفرتين مهنّد
حسام، إذا ما قمت منتصراً به كفى العود منه البدء ليس بمعضد
حتى ظن السامع أن السيف عطر الأنفاس و(مشقر الراس) وتسمى الناس بأسمائه سيف ومهند وحسام... والحقيقة أن السيف آلة موت بالحق أو بالباطل، ولا فيه صورة من صور الحياة، ولا ريحة من ريحتها.
وهذه هي طبيعة المليشيات التي تتخذ الحرب وسيلة لها للوصول الى مرادها أو مراد ممولها أو مؤسسها، وهي فكرة وحركة وقتل أو إرهاب، حتى لو اختلف مسمياتها أو حملت أسماء رومنسية أو اسماء جميلة:
جيش الرب، حماة المعبد أو حركة الاحرار كلها مسميات لمحتوى واحد،
فالجيش الجمهوري الإيرلندي-مثلا- كان آلة قتل خارج عن الشرعية الدستورية المتمثلة في الملكية الدستورية التي ارتضاها وتوافق عليها شعوب الدولة البريطانية، ومعه وجه ناعم كان اسمه جيري آدمز ؛
لكن هذا الوجه الناعم لم يغير من جوهر الجيش الجمهور ي شيئا ،ومثله الخمير الحمر وغيرها من الحركات التي نشأت في كل البلدان.
فإذا نشأت في بلد لاحتلال فيه فوجودها مخالف لطبيعة الدولة، وفي الشريعة الإسلامية اسمها حركة بغي يجب على الدولة مواجهتها بالسلاح لقطع شرها الذي سينتشر لو تركت، وهذا ما حصل ويحصل عبر التاريخ،
وهذه الحركات من شرورها أنها تحول بوصلتها بتحول الممول بمعنى تصبح أداة قتل أعمى، ويسهل اختراقها وتوجيهها، وحتى لو تغلبت واستولت على السلطة يصعب عليها أن تحمل مشروع الدولة إلا بعد مضي وقت،
بل ربما لن تستطيع أن تحمل مشروع الدولة إلا بعد إعادة تأهيلها ،ومن أبرز نتائج وجود المليشيات انفجار الوضع ليتحول إلى حرب بينية أو أهلية ،وكذلك تغيب الأهداف ،وإن وجدت ،فتتنوع بتنوع القادة وتعجز أن تخرج من بوتقة الصراع – في الغالب-
لذلك فأو ل خطوات إقامة الدولة توحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة واحدة، وهي في العصر الحديث: وزارة الدفاع وفق هيكلة حادة تراتبية ووفق اختصاصات معينة ودقيقة، ومقننة ،
وكذلك تشكيل وحدات الأمن والشرطة تحت قيادة واحدة هي وزارة الداخلية، وكل تصرف خارج اطار تلك المؤسستين- حتى وإن كان تحت رعاية الدولة مالم يكن مؤطرا بتلك المؤسستين - يعتبر عبث غير متناسب مع طبيعة الدولة ،ويؤسس لصراع حتمي،
وكل من يدعم الدولة يجب أن يدعم هذا الاتجاه فحسب فصديقك هو الذي يدعمك؛ لتؤسس دولة وجيشا يحمي مصالح الدولة، لكن صديقك الذي يعلن دعمه لك ويؤسس مليشيات خارج نطاف المؤسستين المعنيتين إنما هو عدو بلباس صديق.
د. أحمد قطران
كاتب يمني