
عشرات القتلى ونصف مليون نازح مع تكثيف إسرائيل هجومها على غزة
الرأي الثالث - وكالات
كثف الاحتلال الإسرائيلي خلال الساعات الأخيرة من عمليات القصف الجوي والمدفعي والتفجيرات التي تتم بواسطة العربات المتفجرة داخل مدينة غزة لدفع السكان إلى النزوح قسراً نحو مناطق وسط وجنوب قطاع غزة.
وركز الاحتلال في قصفه على استهداف أحياء بعينها بهدف تسهيل دخول قواته البرية على الأرض وإفراغ هذه المناطق من أي وجود للسكان بشكل تام،
حيث باتت مناطق الشيخ رضوان والأطراف الشرقية منه إلى جانب حي الكرامة شمال غرب المدينة خالية من الوجود السكاني.
وشهدت الساعات الماضية عمليات قصف إسرائيلية مركزة على مناطق حي الصبرة والتفاح والدرج بالإضافة إلى حي تل الهوى والأطراف الجنوبية من حي الرمال إلى جانب مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربي مدينة غزة.
وبات وجود السكان حالياً ينحصر في مناطق بعينها تميل إلى المناطق الغربية مثل مخيم الشاطئ والأطراف الغربية من حي تل الهوى وشارع الرشيد الساحلي، إلى جانب بعض مناطق الوسط مثل حي الدرج والتفاح والبلدة القديمة لمدينة غزة.
وشهدت عمليات النزوح تراجعاً كبيراً مقارنة بالأيام الماضية، في ظل ارتفاع التكلفة المالية الكبيرة وعدم تمكن الكثير من العائلات من نقل متاعها أو ممتلكاتها، إلى جانب غياب المساحات الفارغة لإنشاء المخيمات ونصب الخيام.
وبات الواقع الإنساني والمعيشي في مدينة غزة أكثر صعوبة وقسوة، مع وجود مناطق فارغة يصعب الحركة فيها أو الوصول إليها، حيث يفرض الاحتلال سيطرة بالقوة النارية عبر الطائرات المسيرة "كواد كابتر" أو القصف المدفعي الذي يطاول تلك المناطق.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قد قدرت تكلفة نزوح العائلات من مدينة غزة إلى جنوب القطاع بنحو 3180 دولاراً للأسرة الواحدة، في ظل ظروف إنسانية كارثية يواجهها السكان مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وأوضحت الوكالة الأممية، في منشور عبر منصة "إكس"، أن التكلفة الباهظة تشمل ألف دولار أجرةً للنقل من مدينة غزة إلى الجنوب، وألفي دولار لشراء خيمة عائلية تؤوي النازحين، إلى جانب 180 دولاراً إيجاراً لقطعة أرض تُقام عليها الخيمة.
وتقدر شبكة المنظمات الأهلية عدد من تبقوا في مدينة غزة حتى الآن بنحو 700 ألف نسمة إلى 800 ألف نسمة، في ظل صعوبة الانتقال إلى مناطق الجنوب والوسط، فضلاً عن الواقع المأساوي الصعب في المدينة.
وبالتزامن مع ذلك، واصل الاحتلال الإسرائيلي سياسة الترهيب والضغط على السكان عبر الرسائل القصيرة التي يقوم بإرسالها إلى السكان على هواتفهم المحمولة والتي يدعوهم فيها إلى النزوح نحو مناطق جنوب القطاع.
وبالتوازي مع ذلك، شهد اليوم السبت قيام الطائرات الإسرائيلية بإلقاء منشورات مطبوعة في مناطق مثل مخيم الشاطئ، يدعو فيها السكان إلى إخلاء المخيم والنزوح قسراً، في ظل وجود عشرات الآلاف منهم داخل منازلهم وخيامهم في تلك المنطقة.
وشهدت ساعات الفجر الأولى قيام الاحتلال الإسرائيلي بشن أحزمة نارية وغطاء ناري كثيف في منطقة تل الهوى، إلى جانب سلسلة من الغارات على مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، ما سبَّب استشهادَ وإصابة العشرات.
ورغم عودة الاتصالات وشبكات الإنترنت إلى مدينة غزة، بات حجم الصور التي تخرج من المدينة أقلَّ من السابق، في وقت يكثف الاحتلال الإسرائيلي فيه من غاراته وعمليات قصفه على المدينة لدفع من تبقوا من السكان إلى الخروج.
ونتيجة للتصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، باتت حصيلة الشهداء تسجل ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تقدر الجهات الحكومية في غزة متوسط عدد الشهداء يومياً منذ بداية التصعيد في المدينة بنحو 90 شهيداً يومياً.
وفي الأثناء، بدأت الأسواق الشعبية تخلو تدريجياً من المواد الغذائية، ما ينذر بإمكانية تعرض السكان للتجويع من جديد خلال الأيام المقبلة، في ظل حالة الحصار وإغلاق الاحتلال بوابة "زيكيم" الشمالية الغربية التي كانت تشكل الشريان المزوّد للمدينة وشمال القطاع بالمساعدات، رغم محدوديتها خلال الفترة الماضية.
وأفاد «الدفاع المدني» في غزة أمس (الجمعة)، بأن نحو نصف مليون فلسطيني نزحوا من مدينة غزة نحو جنوب القطاع منذ نهاية أغسطس (آب)، فيما قتل العشرات جراء القصف الإسرائيلي الكثيف على المدينة.
وقال مدير الإمداد الطبي في «الدفاع المدني» محمد المغير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «عدد المواطنين الذين نزحوا من غزة إلى الجنوب بلغ 450 ألف شخص منذ بدء العملية العسكرية على مدينة غزة في أغسطس الماضي».
وفي وقت سابق، قال الجيش الإسرائيلي الذي يكثف دعواته إلى إخلاء مدينة غزة، للوكالة الفرنسية، إنه يقدر عدد الفلسطينيين الذين نزحوا منها منذ نهاية أغسطس «بنحو 480 ألفاً».
وقال متحدّث باسم الجيش الإسرائيلي في تصريح للوكالة رداً على سؤال بشأن عدد الأشخاص الذين فروا من المدينة منذ نهاية أغسطس، إن «التقديرات هي نحو 480 ألفاً».
وفي الشهر نفسه، أفادت تقديرات الأمم المتحدة بأن عدد السكان الموجودين في المدينة يبلغ نحو مليون نسمة.
وقال غزيّون كثر للوكالة الفرنسية، إنهم يواجهون صعوبات في مغادرة مدينة غزة التي تتعرض لضربات إسرائيلية عنيفة منذ بداية العملية العسكرية الأخيرة.
ويكتظ المحور الرئيسي للوصول إلى الجنوب بالساعين للتوجه إلى جنوب القطاع، لكن المدة التي يستغرقها ذلك والتكلفة تشكلان عائقاً رئيسياً لهم.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن السكان الذين يغادرون مدينة غزة سيجدون الطعام والخيام والأدوية في منطقة يصفها بأنها «إنسانية» في المواصي.
ومنذ بداية الحرب، شنّ الجيش الإسرائيلي كثيراً من الغارات الجوية على مناطق أعلنها «إنسانية» و«آمنة» للسكان، مشيراً إلى أنّه يستهدف مقاتلي «حماس» المختبئين بين المدنيين.
إلى ذلك، قتل 44 مواطنا فلسطينيا ،منذ فجر اليوم السبت، جراء غارات وقصف القوات الإسرائيلية لمناطق متفرقة من قطاع غزة، بينهم 38 شخصاً في مدينة غزة.
وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن «جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل منذ ساعات صباح اليوم قصفه وغاراته العنيفة على مناطق متفرقة من مدينة غزة، مخلفا شهداء ومصابين من بينهم نازحون وطالبو مساعدات».
وأفادت بأن «خمسة مواطنين بينهم طفلتان استشهدوا في غارة استهدفت منزل شقيق مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية في مخيم الشاطئ بينهم شقيقه».
ولفتت إلى «استشهاد مواطن وإصابة آخرين من منتظري المساعدات، جراء إطلاق قوات الاحتلال النار قرب مركز مساعدات شمال رفح جنوب القطاع».