
جواسيس إسرائيل داخل طهران يعيدون رسم قواعد المواجهة
الرأي الثالث
كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين وإيرانيين، تفاصيل العدوان الإسرائيلي على إيران، فجر الجمعة، ودور التجسس وأجهزة المخابرات الإسرائيلية فيه.
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن الضربات الإسرائيلية واسعة النطاق على إيران كانت ثمرة سنوات من التجسس المكثف، الذي مكّن إسرائيل من إضعاف الدفاعات الإيرانية، مع قصف أهداف نووية حساسة، وقتل قادة إيرانيين كبار.
وأفادت الصحيفة نقلاً عن أحد المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولين إيرانيين مطلعين على الأمر، أن الهجوم على إيران كان عملية متعددة الجوانب، شملت نشر طائرات مسيرة وأسلحة أخرى هُرّبت إلى إيران على يد عملاء إسرائيليين،
كما حددت إسرائيل وتتبعت تحركات كبار العلماء والمسؤولين العسكريين الذين اغتيلوا، بمن فيهم أربعة قادة كبار على الأقل.
وقال أحد المسؤولين إن العملية خُطط لها ونُفذت بالشراكة بين الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز الموساد.
وقال مسؤولان إيرانيان للصحيفة الأميركية إنهما لا يعرفان كيف أو متى هُرّبت الأسلحة إلى البلاد، إذ لا يزال الهجوم قيد التحقيق.
وصرح أحد المسؤولين الإسرائيليين بأن الاستعدادات شملت عمليات كوماندوز داخل العاصمة الإيرانية طهران، وإنشاء مواقع داخل إيران مزودة بأسلحة تستهدف الدفاعات الجوية الإيرانية وطائرات مسيرة متفجرة تصيب صواريخ بعيدة المدى يمكن إطلاقها على إسرائيل.
وقال مسؤولون إيرانيون إن فرقاً من عملاء إسرائيليين سريين أطلقت صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف من داخل إيران.
وأكد ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي أن أكثر من 100 طائرة شاركت في الهجمات، وإن التتبع الدقيق مكّن من استهداف كبار المسؤولين العسكريين والعلماء النوويين ومراكز القيادة في إيران.
وكانت وسائل إعلام عبرية، قد نقلت عن مصدر أمني إسرائيلي قوله، الجمعة، إن جهاز الموساد أقام منذ وقت قاعدة لانطلاق طائرات مسيّرة متفجّرة داخل الأراضي الإيرانية، استُخدمت في الهجوم، بمساعدة عملاء الموساد. وسمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بكشف بعض التفاصيل حول عمل الموساد منذ سنوات في إيران.
وبحسب المصدر الأمني المطّلع على تفاصيل هجوم اليوم، بمشاركة جيش الاحتلال الإسرائيلي والموساد والصناعات الأمنية الإسرائيلية، فإن العملية استندت إلى سنوات من التخطيط الدقيق، وجمع المعلومات الاستخبارية، ونشر قدرات سرية في عمق إيران.
كما كشف المصدر عن أنه قبل وقت طويل من الهجوم، أنشأ عملاء الموساد قاعدة لطائرات مسيّرة مفخخة بالقرب من العاصمة طهران.
وأضاف: "جرى تشغيل الطائرات المسيّرة في الهجوم، إذ أُطلقت باتجاه منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض الإيرانية في قاعدة إسبغاباد/أسفاق آباد، وهي من بين المواقع الرئيسية التي تشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل".
وشنت إسرائيل، فجر الجمعة، هجوماً واسعاً على إيران استهدف مواقع نووية ومقارّ عسكرية، ما أسفر عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين، على رأسهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية الجنرال محمد باقري، وقادة في الحرس الثوري، بينهم قائده العام حسين سلامي، إضافة إلى علماء نوويين.
بدورها، ردت إيران، مساء الجمعة، بهجوم صاروخي على إسرائيل. وأعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان أنه أطلق عملية الوعد الصادق 3 بـ"بدء رد حاسم ودقيق ضد عشرات الأهداف والمراكز العسكرية والقواعد الجوية التابعة للكيان الصهيوني"،
وفي السياق، نقلت "رويترز" عن مسؤول إيراني كبير، قوله: "بدأنا للتو الرد على الهجوم الإسرائيلي وسيدفعون ثمناً باهظاً لقتل قادتنا وعلمائنا وشعبنا".
كيف نجح جواسيس إسرائيل في عرقلة الرد الإيراني؟
ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي أن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا تستعدان لرد انتقامي سريع وشرس من إيران خلال الليل، لكن بفضل المناورات التي خطط لها الجواسيس والطيارون الإسرائيليون بشكل معقد، والصدمة والفوضى من الجانب الإيراني، ساد الصمت.
وأضاف الموقع أنه عندما أصبح من الواضح أن إسرائيل كانت على وشك الهجوم، اجتمع قادة القوات الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني في موقع محصن تحت الأرض لتنسيق الرد، لكن إسرائيل كانت على علم ببروتوكول الطوارئ والموقع فدمروه.
وقال مسؤول إسرائيلي: «ولم يكن هناك شخص قادر على إعطاء الأمر بالرد الإيراني الفوري مما حيده».
وكان هؤلاء القادة من بين أكثر من عشرين قائداً إيرانياً تم استهدافهم في هجوم واسع النطاق على القيادة والسيطرة العسكرية الإيرانية. وقتل قادة من الحرس الثوري والجيش الإيراني ومن مقر القيادة العسكرية الإيرانية للطوارئ في الهجوم الافتتاحي.
وكان الهدف الرئيسي الآخر، وفقاً لـ«أكسيوس»، هو أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الإيرانية، التي حددت الاستخبارات الإسرائيلية مواقعها، وضرب سلاح الجو الإسرائيلي معظمها في الضربة الأولى؛ ما منح الجيش الإسرائيلي حرية العمل في سماء إيران دون أي تحدٍ تقريباً.
وفي الوقت نفسه على الأرض، كان جهاز الموساد ينفذ سلسلة من عمليات التخريب السرية في عمق إيران لتدمير الدفاعات الجوية ومنصات إطلاق الصواريخ الباليستية.
وشارك المئات من عملاء الموساد داخل إيران وفي المقر الرئيسي على حد سواء، بما في ذلك وحدة خاصة من العملاء الإيرانيين الذين يعملون لصالح الجهاز الاستخبارات الإسرائيلي.
ويضيف الموقع أنه في وسط إيران، وضعت وحدات كوماندوز تابعة للموساد أنظمة أسلحة موجهة في مناطق مفتوحة بالقرب من منصات إطلاق صواريخ أرض - جو إيرانية.
وفي منطقة أخرى داخل إيران، نشر الموساد سراً أنظمة أسلحة وتقنيات متطورة مخبأة في مركبات. وعندما بدأ الهجوم الإسرائيلي، تم إطلاق هذه الأسلحة وتدمير أهداف تتبع الدفاع الجوي الإيراني.
وقال مسؤول استخباراتي إسرائيلي إن الموساد أنشأ قاعدة للطائرات المسيّرة الهجومية داخل إيران بطائرات دون طيار تم تهريبها قبل وقت طويل من العملية.
وأضاف: «خلال الضربة الإسرائيلية، تم تفعيل الطائرات دون طيار وإطلاقها باتجاه منصات إطلاق صواريخ أرض- أرض الموجودة في قاعدة قرب طهران، حيث تم تدمير الصواريخ الباليستية هناك قبل إطلاقها باتجاه إسرائيل».
وأشار المسؤول الاستخباراتي الإسرائيلي إلى أن الجيش كان مستعداً لأسوأ الاحتمالات حيث ستطلق إيران بسرعة ما بين 300 و500 صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل.