
إلى متى... لا إلى أين؟
ينام الإنسان العربي ويفيق كل يوم وهو في كابوس لا نهاية له.
ويتساءل كل يوم: هل هذا أنا؟
وهل هذه حقاً أمتي؟
وهل هذه لغتي؟،
وهل هذه عروبتي؟
كل يوم يفيق هذا المخلوق المعذب فيجد نفسه محاصراً بجيوش من الألسنة الحاقدة، والعقول الملوثة، والوجوه اللئيمة، التي تمنع عنه التعزية بأمل، أو نور، أو ترفّق، أو وعي. كابوسان لا ينتهيان:
إسرائيل في فظاعة الجريمة المكررة، الوقحة والمتغطرسة. ولغة السفه والتلوث الخلقي، وانهيار القيم، وبطولة المكاره، وسباق الرثاثة، وتفاقم الخواء.
وإذ نفيق، لم نعد نبحث عن شيء آخر. استسلمنا إلى جرف الانحطاط، وارتضينا في خنوع لمقياس الخراب وبذاءة الهزيمة، التي هي أسوأ ما يحل بالشعوب والأمم، جيلاً بعد جيل.
نفوس حزينة كسرها الرعب والرهبة.
ونفوس تخاف النعوت، وطغيان الشتائم، وجبن مديد يتلطى بالحرص على ما بقي من قواعد وأعراف وآداب وأصول.
والسؤال الأكبر ليس إلى أين، بل إلى متى؟.
كلما سادت هذه اللغة، محا الشعور بالهزيمة إحساسنا بكرامتنا البشرية.
مواطنون بلا وطن، وأوطان غريبة عن أهلها. ركام النفوس وركام الحجارة.
منعتنا إسرائيل حتى من تفقد الأطفال. حتى من إطعامهم.
حتى من سقي الحمير التي يتنقلون عليها، ومعهم كل ما يملكون على وجه الأرض.
لكن اللغة التي نناقش بها قضايانا أقسى من ذلك.
وأفظع وأفرغ. وأذل. لغة التفاصيل والتباعد والتحقير.
لغة الخلو من الإنسان وكرامته وحقوقه.
هذا التخاطب يصبح مع الوقت لغتنا الوحيدة، وليس البديلة. نتخاطب كالوحوش، ونتحاور كالكواسر. إلى متى؟...
إلى متى ليس لدينا ما نقدمه لأجيالنا سوى هذا السفه والهوان؟!
إلى متى هذا التنكيل بكل ما أورثنا المعلمون، والمقدرون، وكبار الأهل، والعدل، والمُثل؟
سمير عطا الله
كاتب لبناني