
غداً يوم مفصلي لكل من واشنطن وطهران في عُمان
عنواني العريض بهذا الخصوص :
لا اتوقع ان تقبل إيران بتفكيك برنامجها النووي وتسليمه لواشنطن كما يريده ترامب
* المعطيات والحيثيات :
لو تقرأوا معظم التقارير والدراسات الصادرة من مراكز الابحاث والكتاب السياسيين والعسكريين التي نشرت خلال السنيين السابقة حول البرنامج النووي الايراني والنوايا والخطط الاسرائيلية والامريكية التي تهدف الى وقفه او تدميره عسكريا ستفهمون لماذ اقول ذلك ؟
كل هذه التقارير والدراسات تجمع على نتيجة واحدة وهي ( ان قيام إسرائيل لوحدها او واشنطن لوحدها او مجتمعة بمهاجمة المشروع النووي الايران عسكريا لن ينهي او يقضي على المشروع النووي الايراني وإنما سيدمرة جزئيا وبنسبة معينة 20% او 30% او حتى 50% ولن يقضي عليه نهائيا وهو ما سيؤدي الى عرقلته لبضع من السنيين فقط ، وان الحكومة الإيرانية لديها المقدرة الكاملة على بناء ما تدمر وتعويض ذلك وبنائه مرة اخرى )
وأستندت كل هذه التقارير والدراسات على نجاح الحكومة الإيرانية بخططها في إتخاذ كافة الإجراءات التي تفشل اي ضرب اوتدمير لمشروعها النووي بشكل كامل وحتى لو قامت به واشنطن نفسها ، ومن بين اهم هذه الاجراءات والصعوبات التالي :
1_ توزيع اجزاء المشروع النووي الايراني في معظم المحافظات الايرانية وفي اماكن محصنة تحت أعماق الجبال وفي عشرات الاماكن في كل محافظة على حدى ، وهذا الامر يتطلب لضربه وفي وقت واحد تخصيص الالاف الطائرات الحربية ، وهذا يشكل صعوبة كبيرة وخاصة ان مساحة إيران كبيرة ، كما ان الدول الاوربية لن تقبل بالمشاركة الجوية بالضربة مع إمريكا وخاصة في هذا الوقت الذي يسود التوتر بينهما .
2_ ومن ضمن اهم الصعوبات ان الضربة الواحدة او حتى عشرات الضربات لاتكفي لتدميره بشكل كامل وهذا يرجع لوجود صعوبات لوجيستية كبيرة في تزويد الكميات الكبيرة من الطائرات الحربية سواء بالوقود في الجو اوغيرها .
3_ وقبل ان تقوم واشنطن بضرب مواقع البرنامج النووي الايراني يتطلب عليها القيام اولا وبشكل مفاجئ بمهاجمة وتدمير كافة منصات الصواريخ البالستية ومخازنها ومصانعها وهذا الامر ينطبق على المسيرات الجوية ومصانعها ومخازنها بالإضافة الى مهاجمة كافة منظومات الدفاع الجوي الايرانية المنتشرة حول مواقع البرنامج والمدن الايرانية ، وهذا يتطلب الى مزيد من حشد المئات من الطائرات الحربية الامريكية الاخرى .
وأي فشل امريكي في هذا الخصوص سيؤدي الى قيام الجيش الايراني بمهاجمة كافة القواعد الجوية الامريكية المنتشرة في دول المنطقة وكذلك مهاجمة السفن وحاملات الطائرات في الخليج العربي وبحر العرب والبحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط وجزيرة دجو جارسيا العسكرية وغيرها ، وهو ما سوف يؤدي الى تكبد واشنطن خسائر كبيرة قد يعيق حملتها الجوية ضد إيران ويضعفها كثيرا ، وقد تتعرض ايضا بقية المصالح الامريكية في المنطقة للضرر بمافيها المصالح الاقتصادية وغيرها .
بإختصار :
لن ينجح اي هجوم جوي امريكي بتدمير المشروع النووي الايراني بالكامل وإنما قد يدمرة بشكل جزئي ، وهذا لن يمنع إيران من إعادته وتطويرة والحصول على سلاح نووي في النهاية ،
* التسوية التي قد تقبلها إيران
وعلى هذا بنيت توقعي بعدم قبول إيران بتفكيك برنامجها النووي وتسليمه لواشنطن ، وان هذا الخيار ( الليبي ) لا يصب في مصلحتها فماحدث لليبيا وقائدها القذافي ماثل امام القادة الايرانيين ، ومن المحتمل ان يصل الطرفين الى تسوية مقبولة للطرفين يبقي المشروع والبرنامج النووي الايراني تحت الرقابة الدولية من قبل الدول الكبرى ، مع وقف التخصيب لليورانيوم ، وقد تسلم إيران بعض من مخزونها المخصب لدولة ثالثة قد تكون (روسيا ) ، في مقابل تقديم بعض الضمانات الامنية والامتيازات والتسهيلات الاقتصادية لإيران ورفع العقوبات الاقتصادية الغربية عليها ومنحها نوع من النفوذ والمصالح الاقتصادية في المنطقة .
* اهم شرط للقضاء على البرنامج النووي بالكامل :
التدخل العسكري الامريكي البري المباشر في الاراضي الايرانية إلى جانب الحملة الجوية وإحتلال وسيطرة الجيش الامريكي على كل مواقع ومصانع ومحطات ومفاعلات البرنامج النووي الايراني وبنيته العلمية ، والاستيلاء على كل مواده واجهزته وتفخيخ وتفجير كامل بنيته التحتية ومخازنه ،
وهذا الشرط سيؤدي الى إحتمال كبير إلى إسقاط النظام في طهران ، فإلى جانب صعوبته وتكلفته الكبيرة بالصدام العسكري المباشر مع الجيش والمقاومة الايرانية على الارض هناك مشكلة كبيرة وهي ان الادارات الامريكية الحالية والسابقة تنتهج سياسة ترفض إسقاط النظام الايراني لما يشكل لها من توازن في المنطقة تدير واشنطن به المنطقة ، بالإضافة الى ان واشنطن تشترك وتتقاسم مع طهران في إدارة بعض الملفات في المنطقة وخاصة في الدول العربية الذي يصب في مصالح الطرفين في مواجهة الاخرين .
(وإلى الله ترجع الأمور )
أ صلاح القرشي _ كاتب وباحث يمني