مراجعة للذات واعتراف بالخطاء
كلما توسعتُ في القراءة والاطلاع والتأمل في أحداث التاريخ والمتغيرات السياسية، وكلما خضتُ تجارب مختلفة وعشتُ تفاصيلها، ازدادت معرفتي وايقنت بأخطائي التي ارتكبتها اثناء عملي السياسي، وأعدتُ ترتيب أوراقي، وحددتُ قناعاتي بناءً على ما أراه صوابًا من واقع التجربة والمعرفة العميقة. لا يعنيني ما يقوله الآخرون عن تغيّري أو تخليي عن قناعات سابقة، فالقناعات ليست ثابتة، بل تتشكل وتتطور نتيجة تراكم المعرفة والتجارب، وقراءة منطقية لما يجري حولنا وفي العالم.
أمتلك الشجاعة لأعتذر عن الأخطاء التي كنتُ جزءًا منها في تحالفات سابقة، حين غلبت العاطفة على الرؤية، وضعفت المعرفة أمام الانفعالات وردود الأفعال. كانت نتائج تلك الأخطاء موجعة لي، ولمن حولي، بل لوطني وأمتي بأكملها.
اليوم أستدرك تمامًا الماضي الذي انخدعنا فيه، وكنتُ جزءًا من تلك الخديعة، حتى وصلنا إلى هذا الواقع المؤلم، حيث ندفع جميعًا ثمنًا باهظًا من وطنٍ ضاع، فضِعنا معه.
ما يجب علينا الآن هو بذل كل الجهود الفكرية والمعرفية والجسدية لتصحيح المسار وإصلاح ما أفسدناه، حتى نستعيد ما فقدناه، ونعيد بناء الوطن، ونواكب العالم في متغيراته. فالعقل، بقدرته على حل الإشكاليات، أقوى من السلاح، لأن العقل يبني، أما السلاح فيهدم. اليمن بحاجة إلى عقول ناضجة تضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الشخصية، وتعترف بالأخطاء، فالمُقرّ بالذنب خيرٌ ممن يُصرّ عليه ويستمر في أخطائه، فيدفع بالوطن أكثر نحو الهاوية.
* دبلوماسي وسياسي يمني