كيف تحول الحرس الجمهوري اليمني إلى حرس إمامي؟!
أولاً.. ما هو تأثير المذهب الزيدي؟
يعتبر الحرس الجمهوري في اليمن مؤسسة عسكرية تأسست لحماية الجمهورية وقيمها الديمقراطية، إلا أن تسلل الحوثيين، الذين يؤمنون بمبدأ (الإمامة) الولاية، إلى صفوفه أدى إلى تحوله إلى حرس إمامي يتماشى مع الفكر الحوثي. لقد صدم هذا التحول الشعب اليمني، خاصة وأن المذهب الزيدي الذي يؤمن به الحوثيون يختلف في جذوره عن المذهب الشافعي السائد بين غالبية اليمنيين.
**
الجذور التاريخية والتناقضات المذهبية:
- المذهب الزيدي: يعود المذهب الزيدي إلى الإمام زيد بن علي، وهو أحد فروع الشيعة. يؤمن الزيديون بمبدأ الولاية الذي ينص على أن القيادة يجب أن تكون من نسل النبي محمد عبر ابنته فاطمة وعلي بن أبي طالب. هذا المبدأ يتعارض مع المفاهيم الجمهورية التي تقوم على المساواة والديمقراطية.
- المذهب الشافعي: يعتبر المذهب الشافعي أحد المذاهب السنية الأربعة الرئيسية. يؤمن الشافعيون، وهم غالبية الشعب، بمبدأ الشورى واختيار القائد بناءً على الكفاءة والقدرة، وليس بالضرورة أن يكون من نسل النبي.
**
ثانياً.. التناقضات المذهبية وتأثيرها على المجتمع اليمني:
- التفرقة الطائفية: المذهب الزيدي كان له تأثير كبير في المناطق الشمالية من اليمن، بينما يسود المذهب الشافعي في المناطق الجنوبية والوسطى. هذا التوزيع المذهبي أدى إلى نوع من التفرقة الطائفية التي استغلها الحوثيون لتعزيز نفوذهم.
- التعايش المذهبي: على الرغم من التفرقة المذهبية، عاش اليمنيون لفترات طويلة في تعايش نسبي. إلا أن الأحداث الأخيرة كشفت عن التوترات الكامنة التي يمكن أن تستغلها الأطراف السياسية والعسكرية لتحقيق أهدافها.
**
الاختراق الحوثي للحرس الجمهوري:
التجنيد الطائفي في الحرس الجمهوري:
تأثير الانتساب المذهبي: كان غالبية المنتسبين للحرس الجمهوري من المناطق الزيدية، مما سهل على الحوثيين اختراق هذه المؤسسة العسكرية. التأثير المذهبي لعب دوراً في تجنيد الأفراد الذين يشعرون بانتماء ديني قوي للمذهب الزيدي.
- الدعم القبلي: الحوثيون استغلوا أيضاً الدعم القبلي في المناطق الزيدية لتعزيز نفوذهم داخل الحرس الجمهوري. القبائل التي كانت تتبع المذهب الزيدي كانت أكثر استعداداً لدعم الحوثيين، مما أسهم في تعزيز قدراتهم العسكرية.
**
التحولات الفكرية والسياسية داخل الحرس الجمهوري:
- الانقلاب على القيم الجمهورية: الحوثيون نجحوا في تحويل الحرس الجمهوري إلى مؤسسة تدعم الإمامة والولاية بدلاً من القيم الجمهورية. هذا التحول الفكري والسياسي كان له تأثير كبير على الولاءات داخل الحرس الجمهوري.
- استخدام الإعلام والدعاية: الحوثيون استخدموا وسائل الإعلام والدعاية لنشر أفكارهم وتعزيز نفوذهم داخل الحرس الجمهوري. هذه الحملات الدعائية ساعدت في تغيير العقيدة القتالية للحرس الجمهوري وتوجيهها نحو خدمة الأهداف الحوثية.
**
التحليل السيكولوجي للمذهب الزيدي وتأثيره الاجتماعي:
العقيدة الزيدية وأثرها النفسي:
- مبدأ الولاية: العقيدة الزيدية التي تؤكد على مبدأ الولاية تؤثر نفسياً على أتباعها، حيث يشعرون بأنهم يمتلكون الحق الإلهي في القيادة والحكم. هذا الشعور بالتفوق الديني والسياسي يعزز الولاء للقادة الدينيين.
- الهوية الجماعية: الهوية الزيدية تعزز الشعور بالانتماء الجماعي والولاء للمذهب والقادة الدينيين. هذا الولاء الجماعي يمكن أن يتفوق على الولاءات الوطنية أو الجمهورية.
**
إن تحول الحرس الجمهوري اليمني إلى حرس إمامي يعكس تأثير المذهب الزيدي والعقيدة الحوثية على المؤسسات العسكرية في اليمن. هذا التحول يكشف عن التوترات الطائفية والسياسية الكامنة في المجتمع اليمني. لفهم هذا التحول، يجب تحليل العوامل السيكولوجية والاجتماعية المرتبطة بالمذهب الزيدي والشافعي، وكيف أثرت على السلوك الاجتماعي والسياسي. لتحقيق الاستقرار والسلام في اليمن، يتطلب الأمر تعزيز الحوار الوطني والإصلاحات المؤسسية لتعزيز القيم الجمهورية والديمقراطية.
**
التأثير الاجتماعي للمذهب الزيدي:
- التماسك الاجتماعي: المجتمعات الزيدية تتمتع بتماسك اجتماعي قوي يعزز التضامن بين أفرادها. هذا التماسك يمكن أن يستغل لأغراض سياسية وعسكرية.
- التعليم والتنشئة: التعليم الديني في المناطق الزيدية يركز على العقيدة الزيدية ومبدأ الولاية، مما يعزز من تأثير هذه الأفكار على الأجيال الجديدة ويضمن استمرارية الولاء للمذهب.
**
المقارنة مع المذهب الشافعي وتأثيره الاجتماعي:
العقيدة الشافعية وأثرها النفسي:
- مبدأ الشورى: العقيدة الشافعية التي تؤكد على مبدأ الشورى واختيار القائد بناءً على الكفاءة تعزز من الشعور بالمساواة والعدالة بين أفراد المجتمع. هذا الشعور يعزز الولاء للقيم الجمهورية والديمقراطية.
- المرونة الفكرية: المذهب الشافعي يتميز بمرونة فكرية تجعله أكثر تقبلاً للتغيرات السياسية والاجتماعية. هذا يجعل المجتمع الشافعي أكثر استعداداً للتكيف مع المتغيرات السياسية.
**
التأثير الاجتماعي للمذهب الشافعي:
- التعددية والانفتاح: المجتمعات الشافعية تتميز بتعددية وانفتاح أكبر مقارنة بالمجتمعات الزيدية. هذا الانفتاح يعزز من التعايش السلمي بين الطوائف المختلفة.
- التعليم والتنشئة: التعليم في المناطق الشافعية يركز على قيم الشورى والعدالة والمساواة، مما يعزز من الشعور بالانتماء الوطني والقيم الجمهورية.
**
تأثير التحولات المذهبية على الصراع اليمني:
التوترات الطائفية:
- تفاقم التفرقة: التحولات المذهبية الأخيرة أدت إلى تفاقم التفرقة الطائفية في اليمن. الحوثيون استغلوا هذه التفرقة لتعزيز نفوذهم، مما أدى إلى تصعيد الصراع.
- الصراع على الشرعية: الحوثيون يسعون لتحقيق شرعية دينية من خلال مبدأ الولاية، بينما تسعى الحكومة الشرعية لتحقيق شرعية سياسية تستند إلى القيم الجمهورية. هذا الصراع على الشرعية يزيد من تعقيد المشهد اليمني.
**
آفاق الحلول الممكنة:
- الحوار الوطني: أحد الحلول الممكنة هو تعزيز الحوار الوطني بين الطوائف المختلفة لتحقيق التفاهم المتبادل وتقليل التوترات الطائفية. هذا يتطلب جهوداً من جميع الأطراف لتحقيق المصالحة الوطنية. كان مؤتمر الحوار الوطني الشامل أفضل صيغة توافقية جدية وجديدة توصل لها العقل السياسي اليمني غير أن الحوثيين نكثوا بتعهداتهم كلها وقرروا العودة بالشعب اليمني الكبير إلى المربع الأول (الإمامة) الولاية.
**
- الإصلاحات المؤسسية: إصلاح المؤسسات العسكرية والسياسية لتعزيز القيم الجمهورية والديمقراطية يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار. هذا يتطلب إزالة التأثيرات الطائفية التي يعمقها الحوثيون وتعزيز الولاء الوطني.