تصعيد عسكري في حضرموت شرقي اليمن وسط تحليق طيران سعودي
الرأي الثالث - متابعات
تشهد محافظة حضرموت، شمال شرقي اليمن، تصعيداً عسكرياً متسارعاً، في ظل معارك عنيفة اندلعت، اليوم الثلاثاء، بين مسلحين من حلف قبائل حضرموت وقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بالتزامن مع تحركات عسكرية واسعة وتحليق مكثف للطيران الحربي السعودي فوق مدينة المكلا، عاصمة المحافظة.
وقالت مصادر إن اشتباكات عنيفة تدور في هذه الأثناء في وادي خرد بوادي حضرموت، شمال شرقي البلاد، بين رجال من حلف قبائل حضرموت وقوات موالية للمجلس الانتقالي، بمختلف أنواع الأسلحة، وسط حالة من التوتر القبلي والعسكري غير المسبوق في المنطقة.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن نحو 45 ألف جندي من قوات "درع الوطن" يتمركزون حالياً في منطقة العبر، على الطريق الرابط بين حضرموت ومحافظة المهرة، في انتظار قرار سياسي وعسكري بالسماح لهم بالتقدم، في خطوة يرى مراقبون أنها قد تنذر بتوسيع رقعة المواجهات وفتح جبهة جديدة في شرق اليمن.
وفي السياق ذاته، أفادت المصادر بأن الطيران الحربي السعودي يواصل التحليق المكثف على ارتفاعات منخفضة ومتوسطة فوق مدينة المكلا ومحيطها، بالتزامن مع انتشار المدرعات الإماراتية التي نجت من الغارات السعودية،
وبالتوازي مع دوي صفارات الإنذار داخل مطار الريان الدولي، الذي تسيطر عليه قوات المجلس الانتقالي الجنوبي منذ أعوام.
وفي السياق أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.
وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف،
حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».
وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)،
ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».
وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».
في المقابل، كشفت المصادر أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تعتزم التقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد دولة الإمارات، على خلفية ما تصفه بـ"التدخلات العسكرية غير القانونية" ودعم تشكيلات مسلحة خارج إطار مؤسسات الدولة،
مؤكدة أن الشكوى ستُعلَن رسمياً عبر القنوات الحكومية خلال الساعات أو الأيام المقبلة.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، قد أعلن، في وقت سابق اليوم الثلاثاء، حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد، وفرض حظر جوي وبحري وبري مؤقت على الموانئ والمنافذ،
بالتوازي مع قرار رئاسي بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، في ظل تصاعد التوترات الأمنية والعسكرية في المحافظات الشرقية، ولا سيما حضرموت.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أن قرار الطوارئ يبدأ سريانه اعتباراً من الثلاثاء 30 ديسمبر/ كانون الأول 2025، ويشمل فرض حظر على جميع الموانئ والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء ما يصدر بتصريح من قيادة تحالف دعم الشرعية.
وبحسب القرار، وجّه العليمي جميع القوات والتشكيلات العسكرية في محافظتي حضرموت والمهرة بالعودة إلى مواقعها ومعسكراتها "من دون اشتباك"، وتسليم المواقع لقوات "درع الوطن"،
مع تأكيد التنسيق مع قيادة التحالف بقيادة السعودية، ومنح محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات لتسيير شؤون المحافظتين والتعاون مع القوات المكلفة تسلّم المعسكرات.
وفي قرار منفصل، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ووجّه بخروج القوات الإماراتية من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، مع تكليف قوات "درع الوطن" تسلّم المعسكرات في حضرموت والمهرة.
وتكتسب حضرموت أهمية استراتيجية بالغة، نظراً لمساحتها الشاسعة، وموقعها الجغرافي المطل على بحر العرب، واحتضانها ثروات نفطية وغازية مهمة، إضافة إلى كونها ساحة تنافس إقليمي بين أطراف محلية مدعومة من قوى إقليمية، في ظل ضعف مؤسسات الدولة وانقسام القرار العسكري والأمني.
ويرى مراقبون أن تزامن الاشتباكات القبلية مع التحركات العسكرية لقوات "درع الوطن" والتحليق السعودي يعكس مرحلة جديدة من الصراع في شرق اليمن، قد تتجاوز صيغ الاحتواء السابقة، خصوصاً في حال فشل الجهود السياسية في ضبط التوتر بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، وبين القوى المحلية ذات الامتدادات القبلية.