
تحذير أممي من تفاقم الجوع في اليمن
الرأي الثالث - متابعات
في وقتٍ تتصاعد فيه التحذيرات الأممية من أزمة جوع غير مسبوقة تهدد أكثر من نصف سكان اليمن، تواصل جماعة الحوثيين إنفاق مليارات الريالات اليمنية من أموال الزكاة على مشروعات موجهة حصرياً لمصلحة أتباعها، متجاهلة ملايين الفقراء والمحتاجين الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية في مناطق سيطرتها.
ويشمل البرنامج تنفيذ 21 مشروعاً متنوعاً في مجالات التغذية والنقد والصحة، لكنه مخصص بالدرجة الأولى لذوي القتلى والجرحى والمعاقين العائدين من الجبهات، في استمرار لسياسة التمييز والانتقائية في توزيع الموارد.
وفي حفل التدشين، أقر القيادي الحوثي شمسان أبو نشطان، المعيّن على رأس الهيئة، بأن جزءاً من المبالغ المرصودة - نحو 8 مليارات ريال يمني - سيذهب لدفع فواتير ورواتب محدودة لموظفي الدولة في مناطق سيطرة الجماعة. غير أن عمالاً إغاثيين يرون أن المستفيدين الفعليين هم عناصر الجماعة ومؤيدوها، في حين يُترك ملايين الموظفين والمواطنين دون رواتب منذ سنوات.
مندوبون حوثيون يغلقون أحد المحال التجارية في صنعاء (إعلام حوثي)
بالتوازي مع ذلك، كثفت الفرق الحوثية نزولها الميداني إلى شركات القطاع الخاص وكبار التجار والمزارعين وأصحاب العقارات، لإجبارهم على دفع ما تصفه الجماعة بـ«الزكاة» ضمن فعاليات مرتبطة بمناسبة المولد النبوي، التي تحوّلت إلى موسم سنوي للجباية والنهب.
وعلى الرغم من حديث ناشطين حوثيين عن أزمة مالية خانقة تواجه الهيئة نتيجة نزوح رجال الأعمال إلى مناطق الحكومة الشرعية، يؤكد سكان في صنعاء أن مثل هذه التصريحات ليس سوى ذريعة جديدة لمضاعفة الجبايات والاستحواذ على ما تبقى من موارد الفقراء.
أزمة إنسانية خانقة
في موازاة ذلك، أصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، بياناً حذر فيه من تصاعد خطير في أزمة الجوع باليمن خلال سبتمبر (أيلول) الجاري، مؤكداً أن 18 مليون شخص (أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 35.6 مليون) يواجهون خطر المجاعة الحادة، ويحتاجون بصورة عاجلة إلى مساعدات لإنقاذ حياتهم.
وأوضح البيان أن ما يزيد على 41 ألف شخص مرشحون للوصول إلى المرحلة الخامسة، وهي الأعلى في التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي؛ ما يعني أنهم سيواجهون مستويات كارثية من الجوع تهدد حياتهم بشكل مباشر.
كما أشار إلى أن أسرة واحدة من كل خمس أسر يمنية ستعاني فقداناً شبه كامل للغذاء والاحتياجات الأساسية، الأمر الذي يزيد احتمالات الوفاة جوعاً، في ظل استمرار فجوة التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية.
جانب من دروس تعبوية لهيئة الزكاة الحوثية استهدفت سكاناً في ريمة (فيسبوك)
ويرى مراقبون أن تخصيص الحوثيين أموال الزكاة لصالح أتباعهم وتحويلها إلى أداة تمويل للحرب والسيطرة السياسية، يكشف عن سياسة ممنهجة لتكريس المعاناة الإنسانية كأداة ضغط على المجتمع الدولي. ففي حين يُترك ملايين اليمنيين عرضة للمجاعة، تُنفق الجماعة الأموال على الاحتفالات والمناسبات الدينية، وعلى تمويل المجهود الحربي وتثبيت الولاءات داخل صفوفها.
وبينما تحذر الأمم المتحدة من دخول اليمن مرحلة حرجة قد تتجاوز كل الكوارث السابقة، تستمر الجماعة في حرمان الفقراء والنازحين من أبسط الحقوق؛ ما يعمق الأزمة الإنسانية، ويفاقم من احتمالات وقوع كارثة واسعة النطاق تهدد حياة الملايين.