
القاهرة تحذّر من شروط إسرائيل التعجيزية ولا تمانع نشر قوات دولية في غزة
الرأي الثالث - وكالات
زار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الاثنين، معبر رفح برفقة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، حيث عقد مؤتمراً صحافياً أكد فيه أن القاهرة طرحت أفكاراً قابلة للتنفيذ إذا توفرت إرادة سياسية لدى إسرائيل، غير أن "الشروط التعجيزية" التي تضعها حكومة الاحتلال تحول دون التوصل إلى صفقة شاملة.
وأوضح عبد العاطي أن المقترح المتداول حالياً بشأن مستقبل غزة يستند إلى ورقة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف مع بعض التعديلات، مشيراً إلى وجود توافق على تشكيل لجنة إسناد مجتمعي لإدارة القطاع بعد الحرب.
كما شدد على أن مصر لا تمانع نشر قوات دولية في غزة، شريطة أن يتم ذلك ضمن أفق سياسي واضح يقود إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة.
ووجّه الوزير المصري انتقادات حادة للتصريحات الإسرائيلية بشأن "إسرائيل الكبرى"، واصفاً إياها بأنها مجرد "أوهام سياسية لا يمكن السماح بفرضها على الأرض".
وقال: "أي شعارات أو حقوق دينية وتاريخية مزعومة هي عبث لا يمكن القبول به".
وأكد أن الموقف المصري "ثابت وراسخ"، وأن القاهرة ترفض أي محاولات للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني أو فرض سيناريوهات التهجير وسياسة الأرض المحروقة.
ولفت عبد العاطي إلى أن غزة تحتاج ما بين 700 و900 شاحنة مساعدات يومياً، في حين لم يدخل سوى 1288 شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وكشف أن أكثر من خمسة آلاف شاحنة مساعدات ما زالت عالقة على الجانب المصري من معبر رفح بسبب القيود الإسرائيلية، مضيفاً: "نحن على استعداد لإغراق القطاع بالمساعدات، لكن الاحتلال يمنع ذلك".
وأشار إلى أن مصر قدمت وحدها نحو 70% من إجمالي المساعدات التي دخلت غزة منذ بدء الحرب، بما يتجاوز 550 ألف طن من الغذاء والدواء، فضلاً عن استقبالها آلاف الجرحى والمصابين الفلسطينيين.
من جهته، شدد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى على أن حكومته ستعلن قريباً عن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة القطاع عبر تفعيل المؤسسات القائمة، مؤكداً أن منظمة التحرير الفلسطينية "هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني".
وأضاف: "إدارة غزة ليست مكسباً سياسياً، وإنما مسؤولية وطنية لمواجهة مخطط التهجير"، داعياً إلى "اعتبار معبر رفح بوابة حياة، لا أداة حصار".
وكان عبد العاطي قد عرض ملامح رؤية مصر لليوم التالي للحرب على غزة، والتي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية.
المحور الأول أمني يقوم على نشر قوات من الشرطة الفلسطينية بواقع عشرة آلاف عنصر من الضفة وغزة، يتم تدريبهم على دفعات في معسكرات مصرية وبالتعاون مع الأردن، بهدف سد الفراغ الأمني.
أما المحور الثاني فهو إداري، يقوم على اختيار 15 شخصية من التكنوقراط غير المنتمين لأي فصيل لتولي إدارة القطاع مدة ستة أشهر، تتكفل خلالها بتنفيذ مشروعات التعافي المبكر وضبط الأوضاع المدنية.
والمحور الثالث إنساني – تنموي، يركز على إعادة إعمار غزة تدريجياً، بدءاً بإزالة الركام وتشغيل المرافق الحيوية، بدعم عربي ودولي، مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وترى القاهرة أن هذه الرؤية يمكن أن تمثل أساساً لمنع الفوضى أو إعادة الاحتلال المباشر، وتفتح المجال أمام تثبيت وقف إطلاق النار وبدء مسار سياسي أوسع لحل القضية الفلسطينية.
وتشهد غزة في الساعات الأخيرة تصعيداً خطيراً على وقع قصف إسرائيلي عنيف استهدف مناطق واسعة في المدينة، وسط استمرار العمليات العسكرية التي أقرتها هيئة الأركان الإسرائيلية باحتلال مدينة غزة على مراحل تمتد لأشهر.
وبالتوازي مع الضربات الجوية، تعاني الأحياء السكنية من عمليات تدمير ونسف للمنازل، في وقت يتواصل فيه الجدل داخل إسرائيل حول جدوى الحرب، حيث خرجت تظاهرات حاشدة تطالب بوقفها وإعادة الأسرى،
بينما رد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو باتهام المتظاهرين بإضعاف الجبهة الداخلية.
وفي المقابل، تتصاعد التحذيرات الإقليمية والدولية من مخططات تهجير الفلسطينيين من القطاع، حيث جددت القاهرة رفضها القاطع لأي سيناريو يستهدف تفريغ غزة من سكانها.
إنسانياً، تسجل وزارة الصحة الفلسطينية أرقاماً مروّعة مع تواصل العدوان، إذ أعلنت عن ارتقاء 47 شهيداً وإصابة أكثر من 200 شخص خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، ليرتفع إجمالي عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى ما يقارب 62 ألفاً، إضافة إلى أكثر من 155 ألف مصاب.
هذه الأرقام تسلط الضوء على عمق الكارثة الصحية والإنسانية التي يعيشها القطاع، في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، والانهيار المتسارع للبنية التحتية الصحية.
وتأتي هذه التطورات بينما تحذّر منظمات إنسانية من تفاقم الأوضاع بشكل غير مسبوق مع استمرار الحصار وإغلاق المعابر بشكل متقطع.
على الصعيد السياسي والدبلوماسي، تحدثت صحيفة هآرتس العبرية، مساء السبت، أنّ مصر وقطر، الوسيطتين في المفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل، "قد تقدمان قريباً إطاراً جديداً لاتفاق على خلفية مرونة حماس المتوقعة"،
في وقت تتواصل فيه الاستعدادات الإسرائيلية لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في مدينة غزة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية مطلعة قولها إنّ "المسؤولين السياسيين الإسرائيليين يخشون أن تطرح مصر وقطر مقترحاً لصفقة تبادل جزئية أو تدريجية رغم تصريحات نتنياهو" عن ضرورة إطلاق جميع الأسرى "دفعة واحدة".