
تدعمه دول الخليج.. "حصر السلاح" خطوة نحو استقرار لبنان
الرأي الثالث - وكالات
يمثل توقيع الحكومة اللبنانية، ولأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود، على قرار حصر السلاح بيد الدولة وحدها، مسعى مهماً يعيد ترتيب البيت الداخلي وينتشل لبنان من الواقع الاقتصادي المتردي.
الخميس (7 أغسطس 2025) وخلال جلسة عقدها مجلس الوزراء اللبناني، جرى إقرار "الأهداف العامة" للورقة التي تقدم بها المبعوث الأمريكي توم باراك بشأن حصر السلاح بيد الدولة، ونشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية، بحسب ما ذكر وزير الإعلام بول مرقص.
وما زالت الخطة التنفيذية في إطار الإعداد من قبل الجيش اللبنانية -بحسب مرقص- الذي أكد أن الجدول الزمني لتطبيق المقترحات الأمريكية لم يُبحث بعد.
وأضاف أن "مجلس الوزراء أيد أيضاً إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بشأن ترسيم الحدود، ودعا إلى انسحابها من خمس نقاط جنوبية لا تزال متمركزة فيها".
الإعلان الحكومي اللبناني، جاء مبشراً بالتغيير الإيجابي، بحسب ما يرى مراقبون، حيث عدّه الكثيرون خطوة شديدة الأهمية في نقل لبنان من حالة الفوضى إلى الاستقرار.
وبحسب ما ذكر المحلل السياسي عماد الشدياق " فإن إعلان الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيد الدولة، "أمر مهم جداً، على الرغم من محاولة البعض التقليل منه وتسخيفه".
وعن تأثير "حزب الله" يوضح الشدياق أن "الحكومة اللبنانية تماهت كثيراً مع الحزب حتى أصبح مساوياً للدولة".
وعليه يجد أن قرار حصر السلاح بيد الدولة "يعيد الأمور لنصابها الصحيح ويرسم الخط الفاصل ما بين الدولة اللبنانية وما بين مليشيا حزب الله".
الدعم الأمريكي
الإعلان اللبناني أغضب "حزب الله" و"حركة أمل" إذ اعتبرت كتلة "حزب الله" البرلمانية أن الحكومة "انزلقت نحو تلبية الطلبات الأمريكية"، مؤكدة في بيان أنها "لن تعترف بأي قرار لنزع السلاح".
وبعد الإعلان انطلقت مظاهرات واسعة في عدة مدن لبنانية تعتبر معاقل لحزب الله وحركة أمل، معلنة رفضها قرار الحكومة تكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة.
في المقابل، نال إعلان الحكومة اللبنانية استحسان واشنطن، التي أبدت استعدادها "لدعم لبنان على طريق التنمية الاقتصادية والسلام مع جيرانه"، وفق ما أورد المبعوث الأمريكي توم باراك في تصريحات صحفية عقب بيان الحكومة اللبنانية.
يقول عماد الشدياق إنه من بعد سقوط نظام الأسد في سوريا والتغيير الذي شهدته المنطقة لم تعد هناك أي إمكانية لاستمرار سلاح المليشيات في لبنان، مشدداً القول على أن "هذا السلاح إلى زوال شاء حزب الله أم لم يشأ".
في حال لم يسلم الحزب سلاحه، فذلك أيضاً لم يعدّ أمراً مهماً -وفق الشدياق- الذي يقول إن "حزب الله أصبح حاله حال أي جهة داخلية تملك السلاح وبذلك لن يتمكن من فرض رأيه مثل السابق لكونه يملك القوة".
حزب الله ومن جراء ما تعرض له خلال الحرب مع "إسرائيل" جُرد من "كل نقاط القوة" -يقول الشدياق- مبيناً، أن الحزب لم يعد لديه الثلث المعطل في الحكومة ولم يعد يمسك بمفاصل الدولة.
ووفقاً لما سبق فإن القرار كفيل بأن يضع لبنان على الطريق الصحيح ويسحب البساط من حزب الله تدريجياً، على حدّ قول الشدياق.
الأهداف الـ11
وبحسب منشوران منفصلان للرئيس جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، على منصة إكس، تتضمن الأهداف الـ11 الواردة في الورقة الأمريكية التي أقرها مجلس الوزراء:
- تنفيذ اتفاق الطائف والدستور اللبناني وقرارات مجلس الأمن وفي مقدمها القرار الأممي 1701.
- وقف تام وفوري للأعمال القتالية، وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع أراضيها وممارسة سيادتها، ومنع تداول الأسلحة أو استخدامها دون موافقة الحكومة.
- الإنهاء التدريجي للوجود المسلح لجميع الجهات غير الحكومية بما فيها حزب الله، في كافة الأراضي اللبنانية، جنوب (نهر) الليطاني وشماله، مع تقديم الدعم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.
ويقول عماد الشدياق "إذا ما اطلعنا على الورقة الأمريكية نجد أن هناك فرصة حقيقية لنقل لبنان من حالة الفوضى واللادولة إلى حالة الدولة المؤسساتية".
ويلفت إلى أن الورقة "مهمة جداً في حال طبقت كما يجب؛ حيث ستعيد اللاجئين السوريين وتعيد الإعمار وترسم معالم الدولة اللبنانية من جديد".
الاقتصاد اللبناني
ومنذ ما قبل اندلاع الحرب بين "حزب الله" و"إسرائيل" (8 أكتوبر 2023 - 26 يناير 2025)، كان لبنان يعاني من ظرف اقتصادي شديد الصعوبة، وديون متراكمة وتراجع حاد بسعر الليرة اللبنانية، لتزيد الحرب من تداعيات الوضع الاقتصادي.
وتفيد تقارير مختلفة من بينها تقرير البنك الدولي، أن الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية التي مني بها لبنان جراء عدوان "إسرائيل" تقدر بنحو 8.5 مليارات دولار، لكن تقديرات لبنانية تشير إلى أن الخسائر أكبر من ذلك بكثير،
فضلاً عن خفض نمو الناتج المحلي في لبنان بنسبة 6.6%.
في إطار ذلك، تسعى دول الخليج إلى دعم الحكومة اللبنانية لعودة الحياة إلى اقتصاد البلد المنهك.
وأبدت الدول الخليجية في أكثر من مرة وقوفها ودعمها للشعب اللبناني، مؤكدة أنها تصطف إلى جانب لبنان من أجل استعادة أمنه وقوته الاقتصادية.
وجاء بيان أصدره الأمين العام لمجلس التعاون جاسم محمد البديوي مرحباً فيه بقرار الحكومة اللبنانية القاضي بحصر حيازة السلاح بيد الدولة في هذا الإطار.
واعتبر البديوي، أن القرار يمثل خطوة مهمة نحو ترسيخ سيادة الدولة اللبنانية وتعزيز الأمن والاستقرار للشعب اللبناني.
الدعم الخليجي
ومن أهمية إعلان حصر السلاح بيد الدولة، دفع لبنان إلى الاستقرار الذي سيكون بوابة لدخول الدعم الخليجي بما يساهم في دفع العجلة الاقتصادية لبلد منهك من أثر الحرب بين "حزب الله" و"إسرائيل" والصراعات الداخلية.
وهو ما يذهب إليه عماد الشدياق الذي يركز على ما أسماها "الورقة الاقتصادية" التي يصفها بأنها "ترجع الاقتصاد إلى وضعه السليم".
ويشير إلى أن ذلك سيكون "بوجود الدعم الخليجي، لا سيما قطر والسعودية والإمارات"، وهي إشارة إلى أن البلدان الثلاثة تبدي استعدادات مؤكدة لإنعاش الاقتصاد اللبناني، ومن أبرز ما يؤكد ذلك المنح المالية التي تقدمها قطر للجيش اللبناني.
وإلى جانب الدعم الخليجي هناك دعم من دول صديقة مثل فرنسا والولايات المتحدة، وفق الشدياق الذي يضيف "كل هذا سيكون في حال اقتنع حزب الله بتسليم السلاح".
ويستدرك: "الآن حزب الله ظاهرياً يقول إنه لن يسلم السلاح لكن عند النظر إلى شكل المنطقة نجد أن الحزب ليس لديه القدرة على أن يرفض؛ فالسلاح قد انتهى بالأساس".