
صراع إسرائيل وإيران يعيد رسم ملامح التحالفات ويهدد بتوسع المواجهة
الرأي الثالث - وكالات
بينما تتصاعد حدة المواجهات العسكرية بين "إسرائيل" وإيران، باتت تداعيات الصراع تتجاوز حدود الاشتباكات الجوية، لتمتد إلى اصطفافات دولية واضحة ومواقف سياسية متباينة، قد تعيد رسم ملامح التحالفات الإقليمية والدولية في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، برز موقف كل من باكستان والصين وكوريا الشمالية بصفة داعمَين صريحَين لإيران، في وقت تزداد المخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهة واسعة النطاق.
وفي خطاب لافت، أعلن وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف، خلال جلسة للبرلمان، دعم بلاده الكامل لإيران في مواجهة الهجمات الإسرائيلية، قائلاً: "ندعم إيران بكل ما أوتينا من قوة، وإذا لم يتّحد العالم الإسلامي، فستصبح كل دولة هدفاً في نهاية المطاف".
ووصف آصف الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي طال منشآت عسكرية إيرانية بأنه "اعتداء سافر"، مجدّداً التأكيد على عمق العلاقة بين باكستان وإيران التي وصفها بـ"دولة شقيقة تربطنا بها علاقات تاريخية ومصير مشترك".
وأضاف: "سنحمي مصالح الإيرانيين، ونقف معهم في هذا الوقت العصيب. الإيرانيون إخواننا، ونشاركهم أحزانهم وآلامهم".
ولم يخفِ آصف دعوته إلى موقف إسلامي موحّد ضد إسرائيل، مطالباً بعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، ومشدداً على ضرورة قطع العلاقات مع "إسرائيل"، التي لم تعترف بها باكستان يوماً، في موقف لم يتغيّر منذ عقود.
تقاطع المصالح
موقف باكستان لا يمكن فصله عن خلافاتها المعقّدة مع الهند، التي ترتبط بعلاقات دفاعية واستخباراتية وثيقة مع "إسرائيل".
وترى إسلام آباد أن تحالف نيودلهي – تل أبيب يُشكّل تهديداً مباشراً لأمنها القومي، ما يفسّر حماسها في دعم إيران، باعتبارها حليفاً طبيعياً في مواجهة هذا المحور.
والاصطفاف هنا لا يبدو عاطفياً أو عقائدياً، بل يأتي في سياق براغماتي يدفع باكستان إلى الوقوف إلى جانب من يُعادي أعداءها، ويُعزز موقعها الإقليمي في بيئة مشحونة بالاستقطاب.
الصين.. دعم راسخ لإيران
من جانبها، أعلنت الصين على لسان وزير خارجيتها وانغ يي دعمها الكامل لإيران، ورفضها القاطع للهجمات الإسرائيلية، التي وصفتها بـ"الانتهاك الصارخ للقانون الدولي"، محذّرة من أن استمرار التصعيد قد يقود إلى تداعيات كارثية على أمن المنطقة والعالم.
وفي اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، أكد وانغ يي أن بكين "تدعم طهران في الدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة، وضمان أمن وسلامة شعبها."
وفي مكالمة منفصلة مع وزير الخارجية الإسرائيلي، عبّر وانغ عن "رفض الصين التام لاستخدام القوة"، مضيفاً: "الوسائل الدبلوماسية لم تُستنفد بعد، وما يزال هناك أمل بحل سلمي".
الدعم الصيني لطهران لا يأتي من فراغ، إذ تُعدّ إيران شريكاً استراتيجياً واقتصادياً أساسياً للصين، وتمدّها بالنفط رغم العقوبات الغربية.
في المقابل، تتبنى بكين موقفاً حذراً من "إسرائيل"، في ظل تنامي التوترات بينها وبين الولايات المتحدة، الداعمة الأولى لتل أبيب.
من هنا، فإن الموقف الصيني من النزاع الحالي يُعبّر عن امتداد للمواجهة غير المباشرة بين بكين وواشنطن، ويعكس سياسة صينية متوازنة تسعى لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، مع الحفاظ على استقرار إمدادات الطاقة وفتح أبواب الوساطة السياسية.
موقف صريح
ولا يختلف موقف كوريا الشمالية كثيراً عن موقف الصين، فالعدو "الولايات المتحدة" يدفع بيونغ يانغ للاصطفاف مع طهران.
ذلك ما أبداه الزعيم الكوي الشمالي كيم جونغ أون، الذي أكد استعداد بلاده الكامل للوقوف إلى جانب إيران، في ظل استمرار التصعيد العسكري بين طهران وتل أبيب، والتلويح بتوسّع رقعة النزاع في المنطقة.
وشدد الزعيم الكوري الشمالي على أهمية توسيع إنتاج نوع جديد من قذائف المدفعية المتطورة، بهدف تلبية الاحتياجات الاستراتيجية لبلاده، في إشارة إلى الجاهزية المتزايدة لدى بيونغ يانغ لأي سيناريو محتمل.
عامل ضغط مؤثر
الكاتب والباحث السياسي ياسر عبد العزيز، يرى أنه مع الردَ الإيراني القوي على الهجمات الإسرائيلية، يضيف حضور الصين وباكستان وكوريا الشمالية دعماً سياسياً وعسكرياً يسهم في زيادة الضغط على الغرب ويدفع نحو تسريع إنهاء الصراع
وحول محور الصين، باكستان، كوريا الشمالية يقول عبد العزيز إنه من الناحية العسكرية:
- الصين وإيران ترتبطان باتفاقيات دفاع مشترك.
- باكستان قد تقدم الدعم العسكري، خاصةً أنها دولة نووية ومسلمة.
- كوريا الشمالية لديها تعاون صاروخي وثيق مع إيران، خاصة في مجال تطوير الصواريخ الباليستية.
أما سياسياً:
- الصين تمتلك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن وتدعم إيران في قراراتها الدولية.
- باكستان مؤثرة في منظمة التعاون الإسلامي، ويمكنها دعم إيران عبر الكتل الإسلامية بالأمم المتحدة.
- كوريا الشمالية متقاربة مع إيران في حالة العزلة والعداء مع الغرب، ما يعزز التقارب السياسي والشعبي بين البلدين.
وحول دوافع كل دولة للدخول على خط الصراع يوضح:
- الصين منافستها العالمية مع الولايات المتحدة تدفعها لدعم خصوم واشنطن في أي جبهة.
- باكستان عداوتها مع الهند، الحليف القوي لـ"إسرائيل" وترغب في استرضاء مواطنيها الشيعة عبر دعم إيران.
- كوريا الشمالية تبحث عن منصة عالمية للظهور من جديد، وتسعى لتصوير نفسها كقوة تقاوم الإمبريالية الغربية.
- دخول هذه الدول الثلاث لا يعني اشتراكاً مباشراً في القتال، بل يشكل عامل ضغط سياسي وعسكري ضد الغرب.
- ذلك الضغط يكون على غرار تدخل الصين في أزمة مايو 2025 بين باكستان والهند، الذي أدى إلى إسقاط طائرات "رافال" الفرنسية وإحراج الغرب.
- عليه فإن دعم الدول الثلاثة لإيران قد يُسرّع إنهاء الحرب لتفادي ضربة جديدة لسمعة السلاح الغربي.