
حرب غزة : تصعيد دامٍ غداة فيتو أميركي في وجه الإغاثة
الرأي الثالث - وكالات
في ظلّ المجاعة المتفاقمة والقصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وبينما تواصل واشنطن وتل أبيب ترويج روايات عن تدفّق المساعدات الإنسانية إلى السكان، سقط مشروع قرار دولي جديد في مجلس الأمن كان يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وإدخال مساعدات عاجلة إلى القطاع المحاصر.
فقد استخدمت الولايات المتحدة، مساء الأربعاء، حق النقض (الفيتو) لإجهاض مشروع القرار الذي صاغته الجزائر، رغم حصوله على تأييد 14 دولة من أعضاء المجلس.
وفي وقتٍ تتسارع فيه وتيرة الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، أكدت الأمم المتحدة أن ما يحدث في غزة هو نتيجة "خيارات متعمدة" تهدف إلى حرمان السكان من وسائل البقاء على قيد الحياة.
ودعت الحكومة البريطانية، من جانبها، إلى فتح "تحقيق فوري ومستقل" في الجرائم المتواصلة، وسط تصاعد الاستهداف الإسرائيلي المباشر لطالبي المساعدات، والأنباء اليومية عن وقوع مجازر جديدة. وقد أعلنت وزارة الصحة في غزة، استشهاد 97 فلسطينياً خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع عدد الشهداء إلى 54,607 منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بالإضافة إلى أكثر من 125 ألف مصاب.
في سياق متصل، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، الأربعاء، استشهاد المعتقل المسن محمد إبراهيم حسين أبو حبل (70 عاماً) من غزة، داخل سجون الاحتلال في العاشر من يناير/ كانون الثاني الماضي، في جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تطاول الأسرى الفلسطينيين.
ووصفت المؤسستان استشهاد أبو حبل بأنه "امتداد لسياسات الإعدام البطيء" التي تمارسها إسرائيل بحق المعتقلين، في ظل غياب أي مساءلة دولية.
وأعلن الدفاع المدني في غزة، الخميس، استشهاد عشرة أشخاص على الأقل في غارات إسرائيلية على مواقع مختلفة في القطاع الفلسطيني.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس إن هناك "عشرة شهداء من جراء غارات إسرائيلية منذ فجر اليوم (الخميس) على قطاع غزة وحتى هذه اللحظة".
وأضاف أن الغارات استهدفت منزلاً جنوب شرقي مدينة غزة وخيمة تؤؤي نازحين في خانيونس في جنوب القطاع ومنزلاً في دير البلح في وسطه.
وبينما تتوالى صور الضحايا من الميدان، تتصاعد التحذيرات الحقوقية من أن الاحتلال يتّبع سياسة إبادة متعددة الأوجه: بالقصف، والتجويع، والاعتقال، والحرمان من العلاج والمأوى.
واستخدمت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لإسقاط مشروع قرار يطالب "بوقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار" في قطاع غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وحظي مشروع القرار بتأييد 14 دولة من أصل 15، في حين عارضته الولايات المتحدة، الحليف الأبرز لـ"إسرائيل" وأكبر مورد للأسلحة لها، وهو ما حال دون اعتماده، بحسب وكالة "رويترز".
وبررت القائمة بأعمال المندوب الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، اعتراض بلادها بأن النص لا يتضمن إدانة لحركة "حماس"، ولا يدعو إلى نزع سلاحها أو انسحابها من غزة، وهو ما اعتبرته "تقويضاً للجهود الدبلوماسية التي تقودها واشنطن لوقف إطلاق النار".
وجاء التصويت وسط تحذيرات أممية من تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني أوضاعاً متدهورة في ظل شحّ المساعدات وارتفاع أعداد الضحايا.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة في غزة، الأربعاء، استشهاد 45 فلسطينياً جراء غارات إسرائيلية، في حين أعلنت تل أبيب مقتل أحد جنودها خلال المعارك الدائرة.
وانتقدت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، السياسات الإسرائيلية، ووصفت توسيع العمليات العسكرية وفرض القيود على دخول المساعدات بـ"غير المبرر وغير المتناسب"، معتبرة أنها تؤدي إلى نتائج عكسية.
من جهتها، نددت حركة "حماس" بالفيتو الأمريكي، ووصفته بأنه "تجسيد للانحياز الأمريكي الأعمى للاحتلال الإسرائيلي، وتشجيع على ارتكاب المزيد من الجرائم في غزة".
وأثار "الفيتو" الأمريكي غضب بقية أعضاء مجلس الأمن، حيث اعتبره السفير الباكستاني لدى الأمم المتحدة، عاصم افتخار أحمد، "ضوءاً أخضر لإبادة الفلسطينيين"، و"وصمة عار أخلاقية في ضمير المجلس".
وتواصل "إسرائيل" عمليتها العسكرية الوحشية في قطاع غزة منذ مارس الماضي، عقب انتهاء هدنة استمرت شهرين، وسط دعوات دولية متزايدة لوقف إطلاق النار وإنهاء معاناة المدنيين.