
ضجيج الشعارات
ما أشدَّ ضجيجَ الشعارات حين تخرج من أفواهٍ خاويةٍ من المبدأ، وأبواقٍ ترفع رايات العداء لأميركا في العلن، ثم تُفرش لها الأرض زُلفةً في السر!
عبد الملك الحوثي، ذاك الذي ملأ الدنيا صراخًا عن الموت لأميركا، فإذا بأفعاله تهمس في أذنها: "ابقَي، وامنحينا مهلةً أخرى لنتظاهر بالصمود!".
أي مفارقةٍ أبشع من أن يتغذى خطابُه على الدماء، ويتوسد أطلال البلاد، ويُزخرف بقايا المصانع والمطارات التي دُمرت بفعل جنونه،
ثم إذا ما دارت الدائرة، وإذا بالشعب قد دفع ضريبة الطيش غالية، نراه يبدّل نبرة الصوت، ويخلع ثوب التحدي ليرتدي جُبة الاستعطاف، كالثعلب الماكر يختبئ خلف أقنعة البلاغة الزائفة.
لقد سقط القناع، وتبيّن أن "الموت لأميركا" لم يكن إلا طُعماً لاصطياد العقول، ودثاراً لستر مشروعٍ صغيرٍ يعتاش على الفوضى، ويقتات على بؤس اليمنيين.
فهل يُعقل أن من ادعى مواجهة الطغاة، ينحني عند أول ضربة، ويُراسل من نادى بإفنائهم بالأمس، مستجديًا الرأفة والتفاوض؟
إنه ليس إلا مهرجًا على مسرح السياسة، أدمن لعب دور البطولة في مسرحية الخراب، ثم جلس في الظلال يصفّق للعدو القادم الذي زعم أنه جاء ليحاربه.
فتبا لشعارٍ يخون معناه، وتبًّا لزعيمٍ يبيع وهْمَ الصمود، ثم يعود باكيًا إلى طاولة من قال إنه الشيطان الأكبر.
ناجي القرطحي
*مستشار محافظة إب لشؤون المغتربين