هل تدخل أذرع إيران الإقليمية الحرب ضد "إسرائيل"؟
مع اندلاع الحرب بين إيران و"إسرائيل" والمواجهة المباشرة بينهما (13 يونيو)، تتجه الأنظار إلى الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط ودورها المرتقب.
ويشكل "حزب الله" في لبنان، و"الحشد الشعبي" والمليشيات الأخرى في العراق، إضافة إلى الحوثيين في اليمن، شبكة تمكن طهران من زيادة الضغط العسكري والسياسي على خصومها.
لكن الأذرع الإيرانية، لا سيما في لبنان واليمن، منيت بضربات قوية من "إسرائيل" خلال الأشهر الماضية، لكن رغم ذلك يخشى أن تستهدف الفصائل الموالية لطهران في العراق القواعد الأمريكية،
بينما يبدو أن الحوثيين لا يزال يمثلون ورقة ضغط إضافية عبر تهديدهم للملاحة في البحر الأحمر.
مواجهة مفتوحة
يبقى التصعيد بين "إسرائيل" وإيران مفتوحاً على كافة الاحتمالات مع تزايد المؤشرات على توسع رقعة المواجهة قد تقود المنطقة لحرب شاملة لا تُعرف نهايتها ولا حدود تداعياتها.
هذا المشهد المتوتر دفع عدداً من قادة المنطقة إلى التحرك الدبلوماسي السريع، في محاولة لاحتواء الانفجار المحتمل.
وأجرى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، سلسلة اتصالات هاتفية مع زعماء دوليين، أبرزهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، وأيضاً الرئيس الإيراني مسعود بزشيكان،
شدد خلالها على "أهمية ضبط النفس وخفض التصعيد في المنطقة، وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية".
كما بحث ولي العهد السعودي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تطورات الهجوم الإسرائيلي على إيران، مؤكدين على ضرورة العمل المشترك لحفظ الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وبموازاة ذلك، كثفت سلطنة عمان عبر وزير خارجيتها بدر بن حمد البوسعيدي تحركاتها الدبلوماسية، داعية إلى وقف الحرب وردع المعتدي ضمن إطار القانون الدولي، في خطوة تعبّر عن قلق متزايد من امتداد التصعيد إلى الدول المجاورة وتأثيره على أمن الخليج.
كما واصلت الدوحة جهود الوساطة، حيث أجرى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، اتصالاً مع الرئيس ترامب، دعا فيه إلى خفض التصعيد والعودة للحلول السياسية.
وتزامن ذلك مع تحركات إماراتية مماثلة، تمثلت في اتصالات أجراها وزير الخارجية عبد الله بن زايد آل نهيان مع عدد من نظرائه في الخليج وأوروبا، ناقش خلالها تداعيات الأزمة على الأمن الإقليمي والدولي.
هذا التفاعل الدبلوماسي المكثف يعكس إدراكاً خليجياً ودولياً بخطورة اتساع المواجهة وتحولها إلى صراع إقليمي شامل، وهو ما يتطلب تنسيقاً حثيثاً لكبح جماح الانفجار ومنع المنطقة من الانزلاق نحو حرب لا تُحمد عقباها.
مواقف أذرع إيران
وكالة "فارس" الإيرانية كشفت، في 14 يونيو الجاري، نقلاً عن مصادر مطلعة في المؤسسة العسكرية، أن إيران تتجه نحو تصعيد واسع في الأيام المقبلة،
إذ أكد كبار القادة أن الحرب لن تبقى في نطاقها الحالي، بل ستشمل "كل المناطق التابعة للكيان الصهيوني، إلى جانب القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة".
وكان لافتاً مع ذلك إعلان المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين، يحيى سريع، (الأحد 15 يونيو)، إطلاق عدد من الصواريخ الباليستية فرط صوتية على أهداف متفرقة في منطقة يافا، جرى تنسيقها مع العمليات التي ينفذها الجيش الإيراني والحرس الثوري ضد الأهداف الإسرائيلية،
في حين تحدثت وسائل إعلام عبرية عن هجوم مركب بصواريخ ومسيرات من اليمن وإيران.
لكن "حزب الله اللبناني" يبدو أنه لن يبادر إلى دخول الحرب بعد سلسلة الضربات التي مني بها ومقتل قادته في سبتمبر الماضي، وتغيير الوضع السياسي في لبنان وسوريا أيضاً.
كما أكد مسؤول في "حزب الله" لوكالة "رويترز" (الجمعة 13 يونيو) أن "الحزب لن يشن هجوماً منفرداً على إسرائيل رداً على غاراتها على إيران"، في وقت أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية عن إجراء "اتصالات" لتجنيب البلاد "أي تداعيات سلبية" لتلك الضربات.
كما كشفت مصادر لقناتي العربية والحدث السعوديتين أن "الدولة اللبنانية أبلغت حزب الله إدانتها الهجوم الإسرائيلي على إيران، لكنها أبلغته برفضها إدخال لبنان في أي رد على الهجوم"،
مؤكدةً أن "من سيجر لبنان إلى مواجهة لا دخل له بها، سيتحمل المسؤولية كاملة وأن زمن تجاوز الدولة في إعلان الحرب انتهى".
أما في العراق فقد انقسم الموقف بين الدعوات للنأي بالنفس وللمشاركة إلى جانب طهران، وأبرزها من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي دعا إلى "إبعاد العراق عن صراعات الخارج"،
محذراً من تحوُّل البلاد إلى ساحة لتبادل الرسائل بين أطراف إقليمية ودولية، فيما أبدت فصائل أخرى رغبتها حيث أكد الأمين العام لميليشيا "كتائب سيد الشهداء"، أبو آلاء الولائي، استعداده لإرسال "المئات من الاستشهاديين"، بحسب تعبيره، لمهاجمة المصالح الأمريكية.
في هذا الصدد يؤكد الكاتب والمحلل السياسي قحطان الشرقي أن إيران كانت تعول في السابق على أذرعها في المنطقة للتأثير، لكن بعد استهدافها، لا سيما في سوريا ولبنان، وانكفائها، لم يعد لدى طهران ما تعول عليه. مضيفاً :
- الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران كان مؤجلاً لسنوات، ورغم تداخل المصالح دفعت التهديدات المتبادلة وسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى جانب الدور الإيراني في زعزعة استقرار المنطقة، إلى هذا التصعيد الشامل.
- الهدف الاستراتيجي للاحتلال هو تدمير القدرات العسكرية الإيرانية، خاصة برنامجها النووي، في ظل تقارير غربية تتحدث عن سعي إيران لإنتاج قنبلة نووية ورفع تخصيب اليورانيوم وإخفاء نشاطات نووية، ما دفع الاحتلال لتوجيه هذه الضربة الحاسمة بتوافق غربي.
- المنطقة الآن أمام مفترق طرق، فلا يمكن أن تبقى رهينة لسياسات "ملالي إيران" و"سياسات نتنياهو"، لأن الطرفين سيئان، وجعلا من الدول العربية ساحة صراع لمصالحهما، ما أضر بالجميع.
- الضربة الإسرائيلية وإن بدت متأخرة، جاءت في توقيت حاسم بعد إضعاف إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق، مما نقل المعركة إلى الداخل الإيراني، وهذا ما تدفع طهران ثمنه جراء عبثها في المنطقة.
- إيران لن تخرج من هذه المعركة إلا مهزومة، وسيكون لذلك انعكاسات على الشرق الأوسط والعالم.
- قدرات إيران أصبحت محدودة، وحتى صواريخها الاستراتيجية لم يكن لها تأثير كبير، لذا ستكون العودة إلى المفاوضات بشروط مختلفة تماماً عما سبق.
- المعركة قد تتطور ولم يعد أمام إيران هامش كبير سوى قبول الأمر الواقع والعودة إلى طاولة المفاوضات مرغمة، والكف عن زعزعة الاستقرار في المنطقة.
- "إسرائيل" اتخذت من المفاوضات التي جرت غطاءً للتحضير لهذه الضربة، ولم يعد معنياً بها بل الولايات المتحدة هي المعنية.
- إيران لم تعد تملك ما تفاوض عليه فقدراتها العسكرية انكشفت، ولم يعد لها تأثير في المنطقة بعد انكفاء "حزب الله" وتضرر مصالحها في العراق واليمن وسقوط نظام الأسد في سوريا.
