
معتقلون في صنعاء يواجهون تعسف الحوثيين بالإضراب
ينفذ عشرات المعتقلين في سجن جهاز «الأمن والمخابرات» التابع للجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء منذ نحو أسبوع إضراباً جزئياً عن الطعام؛ احتجاجاً على استمرار احتجازهم لسنوات دون مسوغ قانوني، وتعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب، وفق ما أكدته مصادر مطلعة .
المصادر أوضحت أن إدارة السجن واجهت هذا التحرك الاحتجاجي بمزيد من القمع والضغوط النفسية والجسدية، في محاولة لإجبار المعتقلين على إنهاء إضرابهم، وسط مخاوف حقوقية من انتقال هذه الخطوة إلى بقية سجون الجماعة في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وأفاد ناشطون حقوقيون بأن المعتقلين، وبينهم من انتهت محكومياتهم وآخرون ثبتت براءتهم من التهم المنسوبة إليهم، يواجهون أوضاعاً إنسانية بالغة السوء، بينما ترفض الجماعة الإفراج عنهم دون شروط.
محمود، وهو قريب أحد المعتقلين منذ أكثر من عام، أكد أن قريبه اختُطف بسبب دعوته للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، وظلت الجماعة تخفي مكانه لأشهر قبل أن تعترف بوجوده في سجن جهاز المخابرات.
وقال إن الإفراج عنه لا يزال مرهوناً بتنفيذ مطالب حوثية وصفها بـ«المبالغ فيها»، في وقت يعاني فيه المعتقل تدهوراً صحياً ونفسياً متفاقماً.
شكاوى الأهالي أكدت أيضاً حرمان المعتقلين من العلاج ومنع الزيارات بشكل متكرر؛ الأمر الذي زاد من معاناتهم، وأدى إلى تدهور أوضاعهم الصحية.
وطالب الأهالي المنظمات الدولية والحقوقية بالتدخل العاجل لإنقاذ أبنائهم من الانتهاكات التي وصفوها بـ«الممنهجة»، مؤكدين أن استمرار اعتقالهم يخالف القوانين والدستور والأعراف الإنسانية.
وفيات تحت التعذيب
تصاعدت في الآونة الأخيرة الاتهامات للجماعة بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق السجناء، وصلت إلى وفاة معتقلين تحت التعذيب.
فقد أعلنت مصادر حقوقية عن وفاة المعتقل شوقي محمود الكرابي، بعد أيام من الإفراج عنه، متأثراً بمضاعفات التعذيب الذي تعرض له خلال فترة احتجازه. الكرابي، وهو من أبناء مديرية عتمة بمحافظة ذمار، عانى تدهوراً صحياً ونفسياً حاداً بسبب التعذيب والحرمان من العلاج.
وتؤكد تقارير حقوقية أن عشرات المعتقلين قضوا في سجون الحوثيين خلال السنوات الماضية نتيجة التعذيب المنهجي والإهمال الطبي وحرمانهم من الغذاء والدواء، في وقت تستمر فيه الجماعة في تجاهل المطالب المحلية والدولية بوقف هذه الممارسات.
في موازاة ذلك، كشفت مصادر حقوقية عن أن الجماعة أفرجت الأسبوع الماضي عن نحو 1822 معتقلاً من سجونها في محافظات إب وذمار والحديدة وتعز، بعضهم على ذمة قضايا جنائية، وذلك مقابل التحاقهم بجبهات القتال.
وأكدت المصادر أن عملية الإفراج تزامنت مع احتفالات الجماعة بذكرى «المولد النبوي»، مشيرة إلى أن هذه السياسة باتت نهجاً متكرراً لدى الحوثيين لمقايضة الحرية بالقتال في صفوفهم.
وتقوم لجنة حوثية مشتركة، بتوجيهات من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بزيارات ميدانية إلى السجون في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرتهم؛ بهدف مقايضة المزيد من المعتقلين مقابل تجنيدهم.
شهادات مروعة
في بيان رسمي، كشفت «الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين» (حكومية) عن تلقيها بلاغات وشهادات موثقة من أهالي معتقلين تؤكد تصعيد الانتهاكات في السجون الحوثية، خصوصاً في سجنَي حدة وشملان بصنعاء.
الهيئة وصفت الممارسات بـ«المروعة»، مؤكدة أنها ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية؛ إذ تشمل التعذيب النفسي والجسدي، ومنع الزيارات أو تحويلها وسيلةً للتعذيب النفسي من خلال تقليص مدتها إلى أقل من عشر دقائق، ومنع التواصل أو حتى المصافحة بين المعتقلين وذويهم.
وأشار البيان إلى أن عدداً من المرضى حُرموا من العلاج وصودرت أدويتهم، في سياسة وُصفت بأنها «إهلاك بطيء»، لافتاً إلى أن استمرار هذه الأوضاع يعكس إصرار الجماعة على استخدام المعتقلين ورقةَ ضغطٍ سياسية وعسكرية.
الهيئة الوطنية دعت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى تحمل مسؤولياتها والضغط على الجماعة لوقف الانتهاكات وضمان الحقوق الأساسية للمختطفين، بما في ذلك الإفراج الفوري عن المرضى وكبار السن والأطفال.
وأكدت الهيئة الحكومية أن ما يجري في السجون الحوثية لا يمكن السكوت عنه، ويستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لوقف «الممارسات الوحشية»، وإنصاف الضحايا وأسرهم، خصوصاً في ظل تزايد حالات الوفاة تحت التعذيب، وتصاعد سياسة المقايضة بين الحرية والتجنيد.