معارك ضارية في الفاشر و"الدعم السريع" تدخل أهم موقع للجيش السوداني
الرأي الثالث - وكالات
شنّت قوات الدعم السريع هجوماً عنيفاً ضد مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وتمكنت من التقدم إلى داخل المدينة والسيطرة على مقرّ الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني، في وقت أعاد الجيش والقوات المساندة له تموضعهم داخل المدينة، وسط معارك ضارية بين الجانبَين في المدينة المحاصرة منذ مايو/أيار 2024.
وقال المتحدث باسم الدعم السريع الفاتح قرشي، في بيان اليوم الأحد، إنّ قواتهم تمكنت من إحكام سيطرتها الكاملة على الفرقة السادسة العسكرية الاستراتيجية،
وأضاف أن "تحرير الفرقة السادسة يمثل محطة مفصلية في مسار المعارك التي تخوضها قواتهم ويرسم ملامح الدولة الجديدة التي يتشارك جميع السودانيين في بنائها، بما يتوافق مع تطلعاتهم المشروعة لإنهاء عهود الظلم والاستبداد والمحسوبية، وإعلاء قيم الحرية والسلام والعدالة"، بحسب ما جاء في البيان.
وأعلن المتحدث أن "قواتهم ستعمل بالتنسيق مع حكومة (تأسيس) الموازية على توفير الحماية الكاملة للمدنيين وتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم وتوفير احتياجاتهم الضرورية".
في حين كشف مستشار قائد الدعم السريع الباشا طبيق على منصة إكس اليوم، إنّ الهجوم على الفاشر والسيطرة على مقر الفرقة السادسة جرى بقيادة عبد الرحيم دقلو، شقيق قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي".
وقالت مصادر عسكري في الفاشر إنّ الجيش انسحب من مقر الفرقة قبل وصول الدعم وأعاد نشر قواته والقوات المساندة في مواقع أخرى بصورة تكتيكية،
وأشارت المصادر إلى أن الجيش بدأ هجوماً معاكساً ضد قوات الدعم السريع التي انتشر مقاتلوها داخل وحول مقرّ الفرقة العسكرية وبدأوا في التقاط الصور ومقاطع الفيديو، ولفتت إلى أن "المعركة تسير لصالح الجيش بعد الإطباق على القوات المهاجمة في الداخل".
وجاءت معارك اليوم بعد معارك أخرى أمس السبت تخلّلها قصف مدفعي مكثف من قوات الدعم السريع استهدف الأحياء السكنية داخل المدينة، ويعد الهجوم الذي جرى اليوم الأحد هو المعركة رقم (268) التي تشهدها المدينة منذ بداية الحرب.
وفي بيان لاحق، زعمت قوات الدعم السريع في بيان، السيطرة على مدينة الفاشر، دون أن يصدر تعليق من الجيش السوداني.
وكانت «الدعم السريع» قد أعلنت في وقت سابق اليوم أنها سيطرت على مقر قيادة الجيش في الفاشر، بينما لم يصدر الجيش بياناً بعدُ بشأن الوضع الحالي.
وحاصرت «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية المدينة على مدار الـ18 شهراً الماضية، حيث تقاتل الجيش وحلفاء له من المتمردين السابقين والمقاتلين المحليين.
واستهدفت «قوات الدعم السريع» أيضاً المدنيين بهجمات متكررة بالطائرات المسيّرة والمدفعية، بينما أدى الحصار إلى انتشار المجاعة في أنحاء المدينة التي لا يزال يقطنها 250 ألف نسمة.
وستكون السيطرة على الفاشر، وهي عاصمة ولاية شمال دارفور، انتصاراً سياسياً مهماً لـ«قوات الدعم السريع»، وقد تُعجّل بتقسيم البلاد عبر تمكين القوة شبه العسكرية من تعزيز سيطرتها على إقليم دارفور مترامي الأطراف، الذي اتخذته قاعدة لحكومة موازية شكلتها في صيف هذا العام.
ولطالما حذّر النشطاء من أن استيلاء «قوات الدعم السريع» على المدينة سيؤدي أيضاً إلى هجمات عرقية، كما حدث عند سيطرتها على مخيم «زمزم» جنوباً.
وقالت «قوات «الدعم السريع»، الأسبوع الماضي، إنها تسهّل خروج المدنيين والمقاتلين المستسلمين من المدينة، لكن أولئك الذين غادروا الفاشر أبلغوا عن عمليات سطو واعتداءات جنسية وقتل على يد جنود «قوات الدعم السريع» على الطريق.
وقالت بعثة من الأمم المتحدة، الشهر الماضي، إن «قوات الدعم السريع» ارتكبت جرائم متعددة ضد الإنسانية خلال حصار الفاشر. كما اتُّهم الجيش بارتكاب فظائع.
وأفادت «شبكة أطباء السودان»، في وقت لاحق اليوم، بمقتل موظف صحي وإصابة ثلاثة آخرين جراء قصف لـ«الدعم السريع» استهدف مستشفى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وأدانت الشبكة استهداف مستشفى الفاشر التعليمي بوصفه «جريمة حرب وانتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني وامتداد لسلسلة الاعتداءات التي تمارسها قوات الدعم السريع بحق المدنيين والقطاع الصحي في دارفور».
وطالبت «شبكة أطباء السودان» المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والعاجل لحماية المدنيين في مدينة الفاشر الذين يتعرضون للقصف منذ صباح اليوم.
«الرباعية» تبحث الانتقال للحكم المدني في السودان
وفي السياق أعلن كبيرُ مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس، أمس، أنَّ اجتماعاً استضافته واشنطن،
وشاركت فيه السعودية والإمارات ومصر، ناقش سبلَ دفع عجلة الانتقال إلى حكم مدني في السودان ووقف التدخل الخارجي في الصراع المسلح.
وأضاف بولس، عبر منصة «إكس»، أنَّ أطراف «الرباعية الدولية» وافقوا على إنشاء لجنة مشتركة لتعزيز التنسيق بشأن الأولويات العاجلة في السودان،
مشيراً إلى أنَّ الدول الأعضاء في «الرباعية» ناقشوا أيضاً سبل التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة، وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في السودان، كما أكَّدوا التزامهم البيانَ الصادر عنهم في 12 سبتمبر (أيلول) بشأن حلّ الأزمة السودانية.
وطرحتِ «الرباعية» الشهرَ الماضي خريطة طريق دعت فيها إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر.