
ما الذي تخبّئه تدريبات جيش الاحتلال في البحر الأحمر؟
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، إجراء تدريبات عسكرية في البحر الأحمر، تخللتها حركة نشطة لقوات الأمن والسفن في البحر، تضاف إلى قائمة تدريبات بحرية أخرى في العام الأخير في المنطقة نفسها، وخصوصاً بعد استهداف الحوثيين السفن المتوجّهة إلى إسرائيل منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، والتصعيد اللاحق بالعدوان الإسرائيلي على اليمن، بذريعة إطلاق الحوثيين صواريخ صوب دولة الاحتلال، إسناداً لغزة.
وقد تحمل تدريبات اليوم، التي تأتي تزامناً مع استمرار المجازر في القطاع، ومخططات إسرائيل لاحتلال مدينة غزة، رسائل إضافية للحوثيين، خصوصاً في ظل دمج جيش الاحتلال قواته البحرية في البحر الأحمر في الآونة الأخيرة، في استهداف مواقع يمنية، على غرار هجوم نفّذه أول من أمس الأحد.
وكان جيش الاحتلال قد أعلن مهاجمة مناطق في اليمن "على بعد نحو 2000 كيلومتر عن شواطئ إسرائيل، وبعمق نحو 150 كيلومتراً في عمق اليمن، مستهدفاً بنى تحتية للطاقة استخدمها نظام الحوثي"، ليتبين أن سلاح البحرية هو الذي نفّذها، بذريعة الرد على هجمات شنّها "نظام الحوثي ... على دولة إسرائيل ومواطنيها، وشملت إطلاق صواريخ أرض-أرض ومسيّرات نحو الأراضي الإسرائيلية"،
فضلاً عن استغلاله "المجال البحري لتنفيذ اعتداءات إرهابية على حركة النقل والتجارة في المجال البحري الدولي"، بحسب زعمه.
وقد تعكس التدريبات تخوفات إسرائيلية من محاولة الحوثيين استهداف سلاح البحرية الإسرائيلي، رداً على استهدافه محطة الطاقة في صنعاء.
إلى ذلك، لفتت وسائل إعلام عبرية إلى أن التمرين العسكري أُجري على خلفية التصعيد الأخير في إطلاق الصواريخ من قبل جماعة الحوثيين باتجاه إسرائيل، وإلى مخاوف إسرائيلية من تصاعد وتيرة الهجمات، في ظل احتدام القتال في غزة، والخطة الإسرائيلية لاحتلال القطاع،
علماً أن سلاح الجو الإسرائيلي أعلن يوم الأحد اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن فوق الأراضي الإسرائيلية، بعد أن أدّى إلى تفعيل الإنذارات في مناطق واسعة.
وتوعّد وزير الأمن يسرائيل كاتس في حينه، بأن "الحوثيين سيدفعون الثمن مضاعفاً على كل محاولة إطلاق نار باتجاه إسرائيل"، مضيفاً: "نحن نفرض عليهم حصاراً جوياً وبحرياً يؤلمهم بشدة، وقد هاجمنا هذا الصباح أهدافاً تتعلق بالبنى التحتية والطاقة.
هذه مجرد البداية، وما سيأتي سيكون أقوى وأكثر إيلاماً. من يرفع يده على إسرائيل فإنها ستُقطع". وتتماشى التدريبات في البحر الأحمر، إلى جانب تدريبات في مناطق أخرى، مع تصريحات كاتس،
وكذلك تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، بشأن ما تعتبره إسرائيل استعداداً على مختلف الجبهات.
وقال زامير قبل يومين، من داخل قطاع غزة: "نحن نُقرّ اليوم الخطة للمرحلة التالية في الحرب.
كما في العمليات الأخيرة في إيران، اليمن، لبنان، يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية المحتلة) وقطاع غزة، سنواصل تغيير الواقع الأمني... قريباً سننطلق إلى المرحلة التالية من عملية عربات جدعون، في إطارها سنواصل تعميق الضربات ضد حماس في مدينة غزة حتى الحسم...
المعركة الحالية ليست حدثاً موضعياً، بل هي حلقة أخرى في خطة طويلة الأمد ومدروسة، في إطار رؤية متعددة الجبهات تستهدف كل مكونات المحور، وعلى رأسه إيران".
وقبل نحو عشرة أيام، وتحديداً في العاشر من أغسطس/ آب الحالي، أوعز زامير بإجراء تمرين مفاجئ لفحص جاهزية هيئة الأركان العامة والمقرات الرئيسية في الجيش الإسرائيلي، والقدرة على التعامل مع حدث مفاجئ واسع النطاق، معقد ومتعدد الجبهات، حمل اسم "طلوع الفجر".
وجاء ذلك بالتزامن مع تكثيف الحديث والمخططات المتعلقة باحتلال مدينة غزة. وشاركت في التدريب العسكري جميع أذرع الجيش، بما في ذلك سلاح الجو، وسلاح البحرية، والقيادات المختلفة، حيث عملت بتنسيق كامل لمواجهة سيناريوهات متعددة الجبهات.
واستمر التدريب حوالى خمس ساعات، وتضمن سلسلة من الأحداث التي تحاكي تصعيداً واسع النطاق، من قبيل تسلّل بري لمسلحين من الحدود الأردنية عبر ثلاث نقاط، وهجوم بطائرات مسيّرة انتحارية على مطار رامون في إيلات، وإطلاق صواريخ من الجبهة الشمالية، ووابل من الصواريخ من إيران، وهجوم بطائرات مسيّرة من اليمن باتجاه منصة غاز،
بالإضافة إلى عمليتي إطلاق نار من جهة الضفة الغربية المحتلة، حيث تصل إحدى "الخلايا" إلى الطريق رقم 6 أو ما يُسمّى الطريق السريع "عابر إسرائيل".
ومن بين التدريبات التي جرت في البحر الأحمر تحديداً، تدريب عملياتي مشترك بين سلاح الجو وسلاح البحرية الإسرائيلي، في يونيو/ حزيران الماضي، بمحاذاة سواحل إيلات، جرت خلاله محاكاة إنقاذ مصابين من سفينة باستخدام مروحية من طراز "ينشوف" (بلاك هوك).
وكان هدف التدريب الحفاظ على الجاهزية العملياتية، وتحسين سرعة الاستجابة في الوقت الحقيقي، وتعزيز التعاون بين القوات المختلفة.
نايف زيداني
صحافي فلسطيني