
قمة ترامب وبوتين في ألاسكا: فرصة للتقدم محفوفة بالمخاطر
الرأي الثالث - وكالات
تتجه الأنظار عند الساعة 19:00 بتوقيت غرينتش، اليوم الجمعة، إلى قمة ألاسكا المنتظرة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، والتي وصفها مسؤولون غربيون بأنها "أهم مفاوضات بين الغرب وروسيا" منذ بدء الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وقال البيت الأبيض في بيان، أمس الخميس، إن اللقاء سيعقد الساعة 11 صباحاً (19:00 بتوقيت غرينتش) في أنكوريدج بولاية ألاسكا.
وسيغادر ترامب البيت الأبيض عند الساعة 6:45 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (10:45 بتوقيت غرينتش) اليوم الجمعة، ويغادر أنكوريدج الساعة 5:45 مساء بتوقيت ألاسكا من اليوم نفسه. ومن المقرر أن يعود إلى البيت الأبيض صباح غد السبت.
ويتوجه بوتين إلى ألاسكا، التي باعتها روسيا للولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، في أول زيارة له الى دولة غربية منذ بدء الحرب.
وسيعقد اللقاء الأول بين بوتين وترامب منذ عودة الأخير الى البيت الأبيض، في قاعدة إلمندورف ريتشاردسون الجوية، وهي منشأة عسكرية أميركية رئيسية أدت دورا مهما في مراقبة روسيا.
كما من المقرر أن يعقد الزعيمان مؤتمرا صحافيا مشتركا عقب اللقاء. ولم يُدعَ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى القمة التي وصفها بأنها مكافأة لبوتين، ورفض التنازل عن أي أراض لصالح روسيا، وهو ما لمّح إليه ترامب سبيلاً محتملاً لحل النزاع.
صرّح مستشار الكرملين للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف، أمس الخميس، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب سيناقشان في لقائهما بألاسكا أزمة أوكرانيا، إضافة إلى القضايا الدولية والإقليمية والعلاقات الثنائية.
وأوضح أوشاكوف، في مؤتمر صحافي بالعاصمة موسكو، تفاصيل اللقاء المرتقب، مؤكداً أن التحضيرات وصلت إلى مرحلتها النهائية، حيث جرت أعمال مكثفة وتم حل العديد من المسائل الفنية.
وأشار أوشاكوف إلى أن القمة ستُعقد في قاعدة إلمندورف–ريتشاردسون في أنكوراج.
ولفت إلى وجود قبور لجنود سوفييت بالقرب من القاعدة، وهو ما اعتبره أمراً ذا رمزية خاصة.
وقال أوشاكوف: "سيبدأ اللقاء غداً (اليوم الجمعة) عند الساعة 11:30 صباحاً بالتوقيت المحلي (19:30 بتوقيت غرينتش). سيجتمع بوتين وترامب وجهاً لوجه بحضور مترجمين، ثم ستستمر المحادثات بمشاركة وفدي البلدين، على أن تتواصل المفاوضات خلال إفطار عمل".
وذكر ستيف بيل، المسؤول السابق في البيت الأبيض، في تصريحات ، أن اللقاء المنتظر "قد يشكل منعطفاً مهماً في الحرب الروسية الأوكرانية، وقد يغير شكل العلاقات بين روسيا وأوكرانيا من ناحية، والولايات المتحدة وروسيا من ناحية أخرى، وقد يؤدي إلى بداية حل للصراع الأوكراني الروسي أو تعقدها"،
محذراً من أن أوكرانيا "قد تجد نفسها وحيدة" إذا تمسكت بموقفها الرافض لأي تنازلات.
وأضاف بيل، الذي عمل مديراً بالمكتب التنفيذي للرئيسين جورج بوش الأب وبيل كلينتون، إلى أن اجتماع ألاسكا يحمل فرصاً للتقدم لكنه في الوقت نفسه محفوف بالمخاطر،
موضحاً أن أي حوار مباشر بين الرئيسين ترامب وبوتين يرفع احتمالات التوصل إلى حلول، سواء وقف القتال أو إعادة العلاقات التجارية بين واشنطن وموسكو،
لكنه شدد على أنه لا "ضمان أن اللقاء سيؤدي لحل، ولا ضمان لنجاح المفاوضات، لكنه في الوقت ذاته لا ضمان على عدم حدوث أي تقدم".
ووصف شعوره عن اللقاء بأنه خليط بين الأمل والتشاؤم في الوقت نفسه، خاصة في ظل عدم وضوح مدى قبول الطرفين الرئيسين في الأزمة للتنازلات، وفي ظل حقيقة أن نحو 20% من الأراضي الأوكرانية تحت السيطرة الروسية،
وحذر من أن رغبة الرئيس الأوكراني في استرجاع جميع الأراضي "يعد ضرباً من الخيال" وأن الرئيس ترامب قد يصل إلى نتيجة مفادها أن "هذه حرب بايدن" كما يقول، ويقرر المضي قدماً في العلاقات الأميركية الروسية،
وقال في هذا السياق: "ما لم يتراجع حلف الناتو عن حدود معينة لن يتوقف الصراع. بوتين بعث بإشارات إلى استعداده لوقف إطلاق النار، لكن كييف لا تظهر أي استعداد لتقديم أي تنازلات حتى في ما يخص منطقة القرم، التي تسيطر عليها روسيا منذ عشر سنوات".
وأشار بيل إلى أن أوكرانيا تفتقر إلى القدرة على تحقيق نصر عسكري، ما يجعلها الطرف الأضعف في هذه المفاوضات،
مشيرا إلى أن تراجع الولايات المتحدة عن تمويلها وعجز أوروبا الاقتصادي عن تعويض الدعم الأميركي، والواقع العسكري والجغرافي الحالي، قد يدفع الرئيس ترامب إلى الخروج باستنتاج أن أوكرانيا لا ترغب في الوصول لاتفاق،
مشيرا في الوقت نفسه إلى أن ترامب سيستفيد من قدرته على التفاوض والضغط لمحاولة الوصول إلى حلول.
وأضاف المصدر ذاته أن روسيا أحرزت تقدماً عسكرياً في الأراضي الأوكرانية في الأيام الماضية، وأنها قد تتمسك بالمساحات التي تسيطر عليها حالياً،
وقال "أعتقد أن بعض مستشاري الرئيس ترامب أدركوا أن رغبة أوكرانيا في عدم التخلي عن بعض الأراضي التي تسيطر عليها روسيا هو تفكير خيالي من زيلينسكي.. الواقع أن زيلينسكي سيطالب بإعادة هذه الأراضي، ولكن يبدو أن هذا لن يحدث".
ورأى المسؤول السابق أن الرئيس ترامب قد يوافق على الطرح الروسي السابق بقبول الأوضاع الحالية ووقف الحرب،
وأوضح أن "الروس سابقا قالوا إما أن تقبل أوكرانيا بسيطرتنا على 25% الآن أو أنهم بعد شهرين قد يخسرون 50%"، وتساءل "أوكرانيا تخسر، وإذا كنت لا تستطيع الفوز عسكريا فكيف ستفرض شروطاً على بوتين أو ترامب".
مشكلتان أمام أوكرانيا
من جانبه، أشار المحلل السياسي من العاصمة واشنطن نبيل ميخائيل، إلى أن عقد اللقاء في حد ذاته نجاح كبير للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كان يسعى لعقد اللقاء منذ فترة طويلة حتى قبل فوزه بالانتخابات الرئاسية،
وهو سيستثمره بشكل ناجح، وسيسعى للحصول على نتائج إيجابية قد تتمثل في موافقة بوتين على وقف لإطلاق النار، حتى ولو كان الأمر لفترة محدودة"،
وقال "هي خطوة في الطريق الصحيح بعد تعثر لمدة في الملفات الخارجية المهمة لإدارة ترامب".
وأوضح أنه رغم ذلك لن يكون هناك حل سريع للحرب الروسية الأوكرانية، وقال في هذا الصدد "أوكرانيا لديها مشكلتان، الأولى أنها لا تملك أسلحة وثانيا الأراضي الشاسعة التي تسيطر عليها روسيا.
ولا أعتقد أنها ستكون الطرف الرابح في قمة ألاسكا"، مشيراً إلى أن رغبة ترامب في عقد قمة ألاسكا الأولى والثانية هي رغبة في سلسلة دورية من اللقاءات قد تساهم في استعادة العلاقات الروسية الأميركية، وأن اللقاء إضافة إلى الوضع في أوكرانيا سيتضمن الأوضاع الدولية في غزة وسورية وإيران.