
الهيدروجين الأخضر لتوليد الكهرباء في اليمن: خطة طموحة أم تسويق للوهم؟
بينما تستمر أزمة الكهرباء بالتفاقم مخلفةً تبعات واسعة على المستويات كافة، تدرس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً العديد من الخيارات المتاحة لإصلاح قطاع الطاقة بتنفيذ مشاريع متعددة، واتخاذ إجراءات عملية للتخلص من محطات الكهرباء التي تعمل بوقود الديزل مرتفع الكلفة في جميع المحافظات وفقاً لبرنامج مزمن وانتقال مرن يراعي عدم تفاقم عجز الطاقة. إضافة إلى دراسة عدد من الخطط والبدائل لوضع الحلول المجدية والاستراتيجية لتطوير القدرات التوليدية للكهرباء بالتوسع في استخدام الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على التوليد بالوقود عالي الكلفة.
ووافق المجلس الأعلى للطاقة من حيث المبدأ، في اجتماع طارئ عقده في عدن أول من أمس الخميس، على الطلب المقدم من إحدى الشركات الألمانية بالتعاون مع شركات عالمية وصناديق استثمارية لإقامة محطة الهيدروجين الأخضر في اليمن ومشاريع أخرى، ما سيتيح مجموعة واسعة من الفرص لبدء عملية تحول نحو إمدادات طاقة محلية مستدامة.
ويتضمن المشروع تطوير وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة والغاز على مراحل، باستثمارات تصل إلى 3 مليارات دولار مع إمكانية مشاريع إضافية، بالتعاون مع اللاعبين العالميين الرئيسيين في مجال التكنولوجيا.
وكلف المجلس فريقاً فنياً من وزارتي الكهرباء والطاقة والنفط والمعادن بالتفاوض مع الشركة للبحث في تفاصيل المشروع الفنية والمالية كافة.
صعوبات التنفيذ
الخبير الجيولوجي اليمني المتخصص في النفط والغاز والطاقة عبدالغني جغمان أكد، عدم القدرة على تنفيذ مثل هذا المشروع، معتبراً أن الحكومة تسوّق الوهم للمواطنين بعد فشلها في تحسين خدمة الكهرباء،
مشيراً إلى أن إقامة محطة بالهيدروجين يتطلب توفر الماء أو الغاز الرمادي أو الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية، وكل ذلك غير متوفر.
وأضاف جغمان أن هناك إجراءات أخرى أكثر تعقيداً لتخصيب الهيدروجين وتحويله، وإنشاء محطة بمواصفات دقيقة، أضف إلى ذلك عدم توفر الكادر الفني الذي بإمكانه التعامل مع إنشاء هذا النوع من المشاريع لتوليد الكهرباء وإدارته.
وأكد جغمان أن الحكومة يجب أن تركز على البدائل المتاحة بين يديها مثل تحويل محطة "الرئيس" في عدن للعمل بالمازوت أو الغاز بدلاً من النفط الخام، بدلاً من الشطح والذهاب بعيداً للتفكير في مشاريع لا قدرة لها على تنفيذها، فمحطات توليد الكهرباء الحالية متهالكة وغير صالحة للخدمة وتحتاج إلى صيانة عمرية، وتمثل عبئاً بالنظر إلى وضعيتها المتردية.
ويلفت الخبير المتخصص في النفط والطاقة إلى أن "الفاقد في الطاقة بسبب هذا المحطات المتهالكة يصل إلى نحو 60%، بينما تبحث الحكومة عن مشاريع وهمية بغرض خلق ضجيج إعلامي يغطي فشلها في التعامل مع أزمة الكهرباء"، بحسب تعبيره.
واستكملت المؤسسة العامة للكهرباء في عدن إعداد تقرير حول البدائل المطلوبة لخفض استخدام وقود الديزل في محطات التوليد العاملة في المناطق الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والذي تضمن بدائل تعزيز القدرة التوليدية بالاعتماد على المصادر المتجددة ومشاريع مقترحة من شأنها أن تؤدي إلى التخلص التدريجي من وقود الديزل، وضمن خطة التعافي الاقتصادي.
في حين أقر المجلس الأعلى للطاقة إعداد دراسة لخط نقل الكهرباء بلحاف - عدن، بالاستفادة من مشاريع الدراسات السابقة في هذا الجانب، والبحث عن تمويل دولي لهذا المشروع الحيوي الاستراتيجي،
كما أقر العمل ببدء الإجراءات الخاصة بتغيير تشغيل محطة الرئيس للكهرباء في عدن بوقود المازوت بديلاً عن النفط الخام وفق خطة مجدولة وتدريجية.
دور القطاع الخاص في مواجهة أزمة الكهرباء
وتتجه الحكومة في عدن إلى اعتماد عقد نمطي للشراكة مع القطاع الخاص لتحقيق الفائدة المرجوة وبالتنسيق مع الوزارات ذات العلاقة لمشاريع الكهرباء، على أن تكون وفق أنظمة التأجير المنتهي بالتملك مع الأخذ بعين الاعتبار موارد التشغيل (غاز أو مازوت)، إضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة.
ويعمل البنك الدولي مع الجهات الحكومية المعنية على إعداد وثيقة سياسات للشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي ستكون بمثابة المرجعية لتحقيق شراكة فعالة ورافعة تنموية واقتصادية للبلاد.
في السياق، قال رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الذي ترأس اجتماع المجلس الأعلى للطاقة إن "إصلاح قطاع الكهرباء والطاقة يمثل معركة وطنية على جبهة الاستقرار الاقتصادي، وشرطاً أساسياً لأي نهضة تنموية، ومدخلاً لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية"،
موجهاً وزارة الكهرباء والطاقة بتركيز الجهود على تنفيذ المخطط العام لقطاع الكهرباء، وحشد الدعم الدولي لتنفيذ المشاريع الخاصة بتعزيز التوليد والنقل والتوزيع، وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص، والاستثمار في الطاقة المتجددة باعتبارها خياراً استراتيجياً للمستقبل،
لافتاً إلى أن أي نجاح في قطاع الكهرباء سينعكس مباشرة على الاستقرار المجتمعي، وسيكون له أثر إيجابي على كل القطاعات الخدمية والتنموية الأخرى.
ولا تزال وضعية الكهرباء في عدن على حالها من دون أي تحسن في الخدمة، حيث وصلت أحدث برمجة لساعات انقطاع التيار الكهرباء إلى نحو عشر ساعات مقابل ساعتين إضاءة،
مع ارتفاع شكاوى المواطنين وسخطهم من تردي خدمة التيار، وفشل الحكومة في تحسين الكهرباء وزيادة ساعات الإضاءة مقابل ساعات الانقطاع.
وتعتبر أزمة الكهرباء من أكثر المشاكل التي تؤرق سكان مدينة عدن العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً، عدا كونها أحد أهم أسباب هروب المستثمرين ورؤوس الأموال، وتدهور أنشطة الأعمال الاقتصادية.
وتقوم الحكومة اليمنية بالتحضير لعقد مؤتمر الطاقة الوطني المقرر عقده في عدن خلال نوفمبر/ تشرين الثاني القادم تحت شعار "نحو يمن متعاف بطاقة مستدامة"، والذي سيشكل منصة لتوحيد جهود الحكومة والمانحين، بما يضمن تنسيق الاستثمارات وتوجيهها نحو الأولويات الاستراتيجية لقطاع الكهرباء وفق مراحل التنفيذ المقترحة.
ويهدف المؤتمر إلى دعم تعافي قطاع الطاقة في اليمن بأسلوب مستدام وشامل وحشد الدعم الدولي والتمويل للاستراتيجية الوطنية لقطاع الكهرباء وخطة التعافي، ودعم تنفيذ المخطط العام لمدينة عدن وتقييم الاحتياجات في المراكز الحضرية الأخرى،
إضافة إلى تعزيز الشراكات طويلة الأجل مع مطوري الطاقة من القطاع الخاص والمؤسسات المالية، وتقوية الحوكمة المؤسسية وتحسين إمكانية الوصول إلى الطاقة في المناطق الريفية.
محمد راجح