فريق الخبراء الأممي يسلط الضوء على الحوثيين و تفاصيل تحالفاتهم وممارساتهم
الرأي الثالث
سلط تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للجنة العقوبات (2140 ) في مجلس الأمن، المعني باليمن، الضوء على استمرار انتهاكات جماعة الحوثي وتهديدها للملاحة الدولية في البحر الأحمر، وتهريب الأسلحة، إلى جانب التخادم الوثيق بينها والملشيات المسلحة في الصومال وتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب.
وتضمن التقرير -الذي صدر قبل أيام بواقع 43 صفحة، معلومات هامة ومفصلة وخطيرة عن الحوثيين، بما في ذلك عملياتهم العسكرية، وتهديدهم للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وعلاقتهم بالجماعات المسلحة في الصومال، وتنظيم القاعدة في اليمن، والتجسس على الاتصالات وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات براً وبحراً، وغيرها من الممارسات.
اللافت في التقرير تجنبه الحديث عن الوضع الاقتصادي المتدهور في اليمن، والأطراف المعرقلة لاستكمال السلام، وأداء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة وباقي المؤسسات، وتأثير الدور الخارجي، والدول المتصلة بملف اليمن.
وأكد التقرير أن جماعة الحوثي في اليمن تواصل على نطاق واسع وممنهج انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات العشوائية على المدنيين والأعيان المدنية، وعمليات القتل والاحتجاز والتصفية، والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وتجنيد الأطفال، وعرقلة المساعدات الإنسانية، واحتجاز الموظفين الأممين.
وتنسب معظم ما تم التحقق منه من الانتهاكات -حسب التقرير- إلى الحوثيين، الذين يركزون حاليا على ما يسمى بالجبهة الداخلية التي هي عبارة عن استراتيجية ذات مراحل هدفها تقييد الحيز المدني، وقمع المعارضة وإعادة هيكلة المؤسسات لتيسير التلقين الأيديولوجي الطويل الأمد.
تهديد الملاحة الدولية
خلال الفترة المشمولة بالتقرير، يفيد بازدياد الأوضاع في اليمن تدهورا في ظل التبعات المطولة المتواصلة منذ أكثر من عشر سنوات من النزاع، الأمر الذي أبقى البلد في مواجهة واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم وظلت التطورات المحلية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالديناميات الإقليمية والدولية. وبخاصة النزاع الدائر في غزة.
وطبقا للتقرير فإن الحوثيين لا يزالون يشكلون تهديداً كبيراً للسلام والأمن والاستقرار في اليمن وفي المنطقة. فقد أدت هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وفي خليج عدن إلى تقويض أمن الملاحة وحرية التجارة الدولية. وفي الداخل، سعى الحوثيون إلى تعزيز قبضتهم على السلطة مع رفضهم لأي حوار جاد مع حكومة اليمن، الأمر الذي يفضي إلى جمود في مسار السلام.
وقال إن الجماعة رفعت من مستوى استعدادها القتالي، واستمرت في التعبئة والتجنيد بوتيرة عالية، وعلى خطوط القتال، يتعرض السكان لخطر القصف وهجمات القناصة. مشيرا إلى أن الجماعة قامت في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بتشديد التدابير القمعية وأنشطة المراقبة.
ووفق التقرير فإنه مع استمرار النزاع في غزة، تكلفت وتيرة النزاع المباشر بين الحوثيين وإسرائيل دعم الحوثيين المعلن للقضية الفلسطينية، ونفذت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ضربات جوية مكثفة على مواقع الحوثيين وبنيتهم الأساسية بهدف إضعاف قدراتهم أو القضاء عليها.
وقال "على الرغم من هذه الضربات، حافظ الحوثيون على قدراتهم على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، وواصلوا شن الهجمات ضد إسرائيل وضد السفن في البحر الأحمر، والحفاظ على تلك القدرات يساعدهم على توسيع نفوذهم داخل المنطقة وعلى ترسيخ سلطتهم ويشمل ذلك تقديم التدريب وزيادة أنشطة التهريب في المنطقة"،
لافتا إلى أن استمر توريد الأسلحة إلى الحوثيين وتزويدهم بها، يعزز قدراتهم القتالية.
وكشف تحليل اتجاهات التهريب عن انتهاك مستمر لحظر الأسلحة، بما في ذلك عن طريق الإخفاء أو الافصاحات الكاذبة، وازدادت الاكتشافات بسبب تحويل مسار السفن إلى ميناء عدن بعد أن أمرت الضربات الجوية بالهياكل الأساسية والقدرات داخل ميناء الحديدة"،
مشير إلى القوات الحكومية ضبطت 750 طناً من الأسلحة والمواد غير المشروعة، في حزيران / يونيه 2025، وهو ما يؤكد أن انتهاكات حظر الأسلحة ما تزال قائمة.
يضيف "يسبب تعريف تجميد الأصول ونطاقه، كان تنفيذ العقوبات المالية محدوداً. فالحوثيون لديهم الكثير من مصادر الدخل المتأنية من فرض الضرائب والتدابير غير القانونية من أجل توليد الإيرادات".
وتابع "تتخذ هذه التدابير أشكالاً عدة، منها مصادرة الشركات وفرض الرسوم غير القانونية والابتزاز والتهريب، كما يحتفظ الحوثيون بسيطرة كاملة على قطاع الاتصالات الذي يدر إيرادات كبيرة يتم توجيه جزء منها إلى تمويل أنشطتهم العسكرية".
أجهزة تجسس ومراقبة الاتصالات
ووفقا لمصدر سري، يمتلك الحوثيون آليات وتقنيات متقدمة في مجال المراقبة. فالتحكم في شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية داخل مناطق نفوذهم يتيح لهم اعتراض الاتصالات التي تتم بواسطة أرقام الهواتف اليمنية، واختراق الهواتف، وقراءة الرسائل ونسخها. ووفق التقرير فإن والقدرة على القيام بهذه المراقبة أتاح لهم مؤخرا تنفيذ العديد من الاعتقالات داخل صفوفهم.
أما عمليات الاحتجاز التعسفي التي يسندها التحكم في دواليب الجهاز القضائي، يؤكد تقرير فريق الخبراء الأممي أنها تستخدم كوسيلة لقمع المعارضة بشكل ممنهج.
وقال "تشارك الزينبيات بنشاط في العنف الجنسي المرتبط بالنزاع. وقد تم توثيق حالات اغتصاب الذكور، أما نهج الحوثيين في تجديد الأطفال فهو يجمع بين التلقين الأيديولوجي والتعليم العسكري والحصول بشكل انتقائي على المساعدات، وذلك بهدف إعادة تشكيل المجتمع اليمني وإنتاج جيل من المقاتلين الأوفياء غير المتعلمين،
وتستغل هذه الاستراتيجية المدروسة جيدا الفقر وتعمل على إضعاف البنى الأسرية التقليدية من أجل إحكام السيطرة على المدى الطويل".
ولفت إلى أن تقييم تنفيذ نظام الجزاءات يظهر أن هناك تحديات مستمرة تفضي إلى عدم فعالية التنفيذ، وتتمثل أهم المشاكل في عدم تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2216 (2015)، وغياب تبادل المعلومات في الوقت المناسب بين الدول الأعضاء ومع فريق الخبراء، مؤكدا أن معالجة تلك المسائل من شأنها أن تساعد على ضمان التنفيذ الفعال لنظام الجزاءات.
التخادم الحوثي مع القاعدة
يقول تقرير فريق الخبراء إن الحوثيين ما يزالون يتعاملون مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فقد نسق قادة من الطرفين أنشطتهم، وفق ما يتضح من الاتصالات التي تم اعتراضها.
وذكر أن اثنين من الأفراد التابعين للتنظيم قاما بتنسيق أنشطة مع أجهزة الأمن والمخابرات التابعة للحوثيين، بما يعود بالنفع على الطرفين.
وحسب التقرير فقد أكدت عدة مصادر (سرية ورسمية) أن التعاون بين الحوثيين والتنظيم قد شهد تزايدا، ليشمل تدريب عناصر التنظيم وتقديم العلاج الطبي لأعضائه في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وهذا ما يشير إلى استراتيجية الحوثيين الهادفة إلى إحكام السيطرة بواسطة عقد التحالفات.
كما أكد التقرير اتساع نطاق الاتجار بالأسلحة وتهريبها، حيث أصبح الحوثيون المورد الرئيسي والمتحكم في أنشطة التهريب مع حركة الشباب والتنظيم وشبكات التهريب. لافتا إلى أنه في 14 نيسان / أبريل 2025، شنت الولايات المتحدة هجوماً على شبكة التهريب، أسفر عن مقتل زعيمها ومقتل عدة أشخاص آخرين.
يفيد التقرير أيضا أن الاتفاق بين الحوثيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على وقف الأعمال العدائية وخوض حرب استنزاف ضد القوات الحكومية لا يزال ساري المفعول. وقد جرى بينهما تبادل للأسرى في 31 آذار /2025 مارس.
التوصيات
حث فريق الخبراء في تقريره مجلس الأمن على توسيع نطاق أحكام القرار 2216 (2015) ليشمل عمليات تفتيش الشحنات التي تتم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية وفي أعالي البحار.
ودعا التقرير اللجنة إلى دعم جهود الحكومة اليمنية من أجل استئناف تصدير النفط الخام والمنتجات النفطية بما يولد الإيرادات الحكومية اللازمة للدفع قدما بجهود التعافي، التي تشمل معالجة الأزمة الاقتصادية والإنسانية المستمرة، وبالثاني تعزيز السلام والأمن والاستقرار الدائم في اليمن.
وشدد على عقد مشاورات مع المنظمات الإقليمية والدولية بشأن آليات منع ومواجهة المخاطر البيئية الناجمة عن الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وذلك بهدف تعزيز الرصد والجاهزية والقدرة على الاستجابة.
ودعا الحكومة اليمنية إلى تعزيز التحلي باليقظة وبناء القدرات في جميع منافذ الدخول البحرية والبرية والجوية، وعلى إرساء آليات لتبادل المعلومات آليا وفي الوقت المناسب بين جميع الوكالات الوطنية المعنية ومع فريق الخبراء، وذلك بغية ضمان التنفيذ الفعال الحظر الأسلحة.
ودعا الدول الأعضاء إلى تكثيف المساعدة التقنية وأعمال الرصد على المستوى الدولي، بوسائل منها دائرة الإجراءات المتعلقة بالألغام، وذلك من أجل دعم عمليات التطهير والتوعية بالمخاطر ومساعدة الضحايا،
وحث الجماعات المسلحة في اليمن على التوقف عن استخدام الألغام المضادة للأفراد وحظر هذا الاستخدام، وعلى ضمان تمكين المنظمات الإنسانية المعنية بإزالة الألغام من الوصول بشكل تام وأمن ومن دون عوائق إلى المناطق المتضررة، وذلك بغية إتمام أعمال التطهير الشامل والحد من المخاطر اللازمة لحماية المدنيين.
وطالب الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية والدول الإقليمية ببحث سبل تكثيف الجهود من أجل منع ومواجهة العنف الجنسي والجنساني والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع.
كما حث على تقديم توجيهات إلى الدول الأعضاء بشأن عمليات التفتيش التي تجريها آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش، بما في ذلك داخل أراضي جيبوتي.