
لجان مشتركة بين دمشق و"قسد" للتفاوض على تطبيق اتفاق 10 مارس
الرأي الثالث - وكالات
مع مرور عشر سنوات على تأسيسها، تبدو "قوات سوريا الديمقراطية"، (قسد) ، أمام مرحلة جديدة من إعادة التموضع السياسي والعسكري في ظل المتغيّرات التي شهدتها سورية منذ سقوط نظام بشار الأسد،
ولا سيما لجهة ترتيب العلاقة السياسية كما العسكرية بين دمشق و"قسد" خصوصاً بعد توقيع اتفاق 10 مارس/آذار الماضي بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، والذي يصطدم تطبيقه بعراقيل يحاول الطرفان إيجاد حلول لها لاستبعاد أي احتمال لمواجهة عسكرية.
ويبدو بحسب تصريحات لعبدي وأخرى لعبد الكريم عمر الذي يرأس مكتبا تمثيلياً لـ"الإدارة الذاتية" في دمشق، أن التعويل في الفترة على عمل اللجان المشتركة بين دمشق و"قسد" لتحقيق اختراقات عبر التفاوض بخصوص تنفيذ بنود اتفاق العاشر من مارس.
لجان مشتركة بين دمشق و"قسد"
وفي السياق، أعلن عبدي، في كلمة له الجمعة الماضي أمام مجموعة من "قوات مكافحة الإرهاب" التي قدمت عرضاً عسكرياً بمناسبة مضي عشر سنوات على تأسيس "قسد"، أنه يعتزم إرسال لجان عسكرية إلى دمشق، لبحث خطوات انضمام "قسد" إلى الجيش السوري.
وأشار إلى أن "قسد" ستشكل "جزءاً قوياً من الجيش السوري قيد التأسيس"، مضيفاً: خبرة عشر سنوات في قتال الإرهاب، والتعاون المشترك مع التحالف الدولي والجيوش الأجنبية، ستكون مساهمة وقوة كبيرة في بناء الجيش السوري.
وكان عبدي زار على رأس وفد من "قسد" و"الإدارة الذاتية" دمشق الثلاثاء الماضي، عقب ساعات من اشتباكات شهدتها مدينة حلب وريفها تم احتواؤها سريعاً، عبر وقف لإطلاق النار.
وأجرى عبدي يومها في دمشق مباحثات تناولت العديد من القضايا، أبرزها: تعديل الدستور، إدماج القوات العسكرية، وقف إطلاق النار، عودة النازحين.
وبحسب بيان "الإدارة الذاتية"، وقتها، تناول الاجتماع مبدأ إدماج "قسد" وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) ضمن "إطار وطني موحّد"، في خطوة وُصفت بأنها "باتجاه تشكيل جيش منظم وفعّال يخدم حماية جميع السوريين"،
مؤكدة أن هذه النقاط طُرحت شفهياً خلال الاجتماع، ولم يُوقّع أي اتفاق رسمي بعد.
وأكد أكثر من مسؤول كردي يومها، فضلاً عن تسريبات حكومية سورية، حدوث اجتماع بين عبدي والشرع، لكن الرئاسة السورية لم تعلن اللقاء،
واكتفت بالإشارة إلى اللقاءات التي عقدها الرئيس السوري يومها مع وفد أميركي برئاسة المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توماس برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة.
مفاوضات لتنفيذ اتفاق العاشر من مارس
وفي هذا الصدد، قال عبد الكريم عمر الذي يرأس مكتباً تمثيلياً لـ"الإدارة الذاتية" في دمشق، إنه تم الاتفاق بين دمشق و"قسد" على أن تبدأ مختلف اللجان بإجراء مفاوضات بخصوص تنفيذ بنود اتفاق العاشر من مارس الماضي لإدماج مؤسسات "الإدارة الذاتية" في مؤسسات الدولة السورية.
وأوضح أن "الإدارة تفهم الدمج على أنه عملية تكاملية وتشاركية"، مضيفاً: نعتقد أن شكل نظام الحكم مسألة أساسية وجوهرية يجب النقاش حولها، لذلك نرى أن هذه المفاوضات يجب أن تأخذ الوقت الكافي.
واعتبر عمر أن الاجتماع الذي عقد في السابع من أكتوبر الحالي بين الشرع وعبدي بحضور برّاك وكوبر "إيجابيٌّ"، معتبراً أن حصول هذه الاجتماعات يخفف من الاحتقان بين دمشق و"قسد" ويخلق أجواء إيجابية بين مختلف مكونات الشعب السوري.
وكان الاتفاق نص على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سورية ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز"، و"ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من الدولة السورية".
كما نص على "رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري"، على أن "تسعى اللجان التنفيذية إلى تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي".
بيد أن الجانبين تبادلا التهم بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق ما ألقى بظلاله على مجمل الأوضاع في شمال شرقي سورية الذي تسيطر عليه "قسد"، والذي ما يزال مصيره معلقاً بين رؤيتين لمضامين اتفاق العاشر من مارس الماضي. وربطت "قسد" مصيرها بمصير القضية الكردية في البلاد،
فهي تصر على أن الإدماج يقتضي تحقيق انفراجة في ملفات سياسية أخرى من قبيل إقرار مبدأ اللامركزية السياسية وتغيير الإعلان الدستوري المؤقت والاعتراف بالإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية ومنح الأكراد حقوقاً سياسية وثقافية.
وفي السياق، أكد عمر أن "الإدارة مع حل جميع المسائل والخلافات عن طريق المفاوضات، لأن أي مواجهة لن يكون فيها رابح وخاسر، بل سيخسر كل الشعب السوري"،
مضيفاً: هناك حاجة ملحة لأبناء المنطقة (شمال شرقي سورية)، للارتباط بدمشق لتفعيل المؤسسات الحكومية، لتخفيف العبء عن كاهلهم. ودعا إلى عودة جميع النازحين والمهجرين
كما نص اتفاق مارس الماضي، ولا سيما من مناطق تل أبيض ورأس العين وعفرين في شمال سورية، مشيراً إلى أن هذا الموضوع تطرق إليه الاجتماع الذي عقد بين الشرع وعبدي قبل أيام،
مضيفاً: هذا الموضوع أساسي وله أولوية بالنسبة لنا، وسنستمر في التباحث حول هذا الموضوع من أجل عودة جميع المهجرين.
فجوة كبيرة بين الحكومة و"قسد"
وتعليقاً على حديث عبدي عن نيته إرسال لجنة إلى دمشق لبحث الإدماج في الجيش السوري، قال الخبير الأمني والعسكري ضياء قدور، إن وزارة الدفاع السورية "تصر على بدء الإجراءات الفورية للدمج وليس التفاوض حوله".
وتابع: أعتقد أنه ما زال هناك فجوة كبيرة بين الحكومة وقسد. أعتقد أن تصريحات عبدي مناورة جديدة لكسب الوقت والمراهنة على الدعم الأميركي.
وأشار إلى أنه رغم مرور أشهر على توقيع الاتفاق بين دمشق و"قسد" لم يظهر أي تصور لعملية الدمج، مضيفاً: وزارة الدفاع تصر على الدمج الفردي في حين تريد "قسد" الدخول كتلة واحدة إلى الجيش مع ربط ذلك بقضايا سياسية.
وأشار إلى أن "قسد قدمت مقترحات غير قابلة للتطبيق من قبيل تشكيل مجالس عسكرية في البلاد أو تنصيب عبدي وزيراً للدفاع"، مضيفاً أنها مقترحات مرفوضة من الحكومة، لذا أعتقد أننا ما زلنا بعيدين عن تنفيذ اتفاق مارس الماضي.
وأعرب عن اعتقاده أنه "لا عملية عسكرية في شمال شرقي سورية من دون ضوء أخضر أميركي"، مضيفاً: إذا تُرك الجانبان (دمشق و"قسد") في مواجهة عسكرية مفتوحة ستكون مدمرة لكليهما، فالقدرات العسكرية متقاربة. أي مواجهة مرهقة ومكلفة للطرفين.
العربي الجديد