
صنعاء تبدأ تداول العملات الجديدة وسط مطالب بوقف الصراع النقدي
بدأت العملة الورقية الجديدة من فئة 200 ريال، التي أعلن عنها البنك المركزي التابع للحوثيين، بالظهور في نطاق محدود داخل صنعاء، اعتباراً من يوم الأربعاء الموافق 16 يوليو/ تموز 2025، في خطوة أثارت تفاعلاً واسعاً في الأسواق،
وأعادت تسليط الضوء على الصراع النقدي المتصاعد بين البنك المركزي التابع للحوثيين في صنعاء والبنك المركزي التابع للحكومة المعترف بها دولياً في عدن.
جاء ذلك بعد يومين من طرحه عملة معدنية جديدة من فئة (50) ريالاً، وبعد أكثر من عام من طرحه للتداول العملة المعدنية فئة (100) ريال التي خُصِّصَت لاستبدال الأوراق النقدية التالفة من الفئة نفسها.
الأهم في إعلان بنك صنعاء الجديد الصادر الثلاثاء 15 يوليو/ تموز، تأكيده أن هذه الإصدارات المعدنية الجديدة والورقية النقدية من فئة 200 ريال تأتي تنفيذاً لخطة البنك الخاصة بترميم النظام النقدي ومعالجته،
والتي بُنيت على أساس الحفاظ على القوة الشرائية للعملة الوطنية، وتسهيل المعاملات اليومية التي تلبي احتياجات أبناء الشعب اليمني كافة.
وأبدى مواطنون ومتعاملون في الأسواق بصنعاء اهتماماً لافتاً بالورقة النقدية الجديدة التي لم تظهر بعد إلا بشكل محدود للغاية،
إذ قال المواطن محمد عبد الكريم ، إنه حصل عليها من أحد الموظفين في البنك المركزي بصنعاء العاملين في النوافذ المتخصصة لاستبدال الأوراق النقدية التالفة بالعملة المعدنية الجديدة فئة 50 ريالاً أو الورقة الجديدة فئة 200 ريال.
من جانبه، تحدث سائق باص أجرة عرف بنفسه باسم توفيق ياسر، قائلاً إنه تفاجأ ببعض الركاب لديه في الخط الداخلي الذي يعمل فيه داخل مدينة صنعاء بتسليم أجرة المواصلات بورقة جديدة من فئة 200 ريال،
حيث بدأ المشهد غريباً إلى حدّ ما بالنظر إلى تعوُّد الجميع للورقة السابقة التي لم تعد موجودة على الإطلاق بعد تلفها،
فيما أكد بائع في متجر تجزئة لبيع المواد الغذائية أهمية العملات المعدنية الجديدة وحتى الورقية من فئة 200 ريال ودورها في حل مشكلة كانت كبيرة للغاية يعاني منها الجميع بسبب شحّ العملات من الفئات النقدية الصغيرة المندثرة.
ورداً على إصدار العملة الورقية الجديدة، اتهم البنك المركزي اليمني في عدن الحوثيين بتدمير أهم أُسس النظام المالي والاقتصادي اليمني، من خلال طباعة عملة ورقية وصفها بالمزوّرة،
وبتوقيع منتحل صفة غير قانونية، مصنّف ضمن قوائم الإرهاب، وإنزالها للتداول عبر فرع البنك المركزي المُستولى عليه من قِبلها في صنعاء، وذلك في محاولة للاستمرار بما قال في عمليات نهبها المفضوح لرؤوس الأموال ومدخرات المواطنين،
وضمن مساعيها لتمويل شبكاتها الوهمية التي باتت تعمل بانكشاف كبير، دون غطاء نقدي أو قانوني، يصل إلى تريليونات الريالات من العملة الوطنية ومليارات الدولارات من العملات الأجنبية.
وأشار البنك إلى أن من يحوز أو يتعامل أو يحمل أي فئة من العملات التي كرر أنها مزوّرة، سيخضع لأقصى العقوبات المنصوص عليها في القوانين كافة ذات الصلة.
وأكد في بيان صحافي أن البنك المركزي بذل جهداً كبيراً مع الدول الشقيقة والصديقة لإبقاء قنوات التعامل مع النظام المالي والمصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين مفتوحة، بضوابط متفق عليها، تسهيلاً لتعاملات المواطنين وإبقائهم على اتصال بالأنظمة المالية العالمية.
إلا أن إصرار الحوثيين على تدمير ما تبقى من أُسس النظام الاقتصادي والنقدي، يعرّض تلك الجهود للخطر، تحت طائلة العقوبات الدولية.
يأتي ذلك وسط صراع مصرفي ملتهب منذ فترة بالتزامن مع الضغط الذي يقوم به البنك المركزي في عدن لنقل مقرات البنوك العاملة في صنعاء إلى عدن ومناطق الحكومة المعترف بها دولياً، فيما تشهد الأزمة تصاعداً لافتاً منذ يومين،
حيث تبع إصدار الحوثيين السابق من العملة المعدنية فئة 50 ريالاً، إعلان أحد أقدم البنوك الوطنية اليمنية وأعرقها، البنك اليمني للإنشاء والتعمير، نقل مقره الرئيسي من صنعاء إلى عدن،
بهدف -كما قال- أنه تفادٍ للمخاطر المرتبطة بالعقوبات الدولية وضمان استمرار خدماته المالية والمصرفية.
وقال الخبير الاقتصادي اليمني محمد علي قحطان، أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز ، إن هناك قوانين وإجراءات صارمة تنظم الإصدارات النقدية من العملة ينبغي اتباعها والتزامها لضمان عدم التزوير،
لكن ما يجري حالياً عبارة عن فوضى تعمق الانقسام الخطير والمتوسع في اليمن.
في السياق، قال بنك صنعاء إن الإصدار الجديد سيُخصص إلى جانب الفئات المعدنية المُصدرة أخيراً لإنهاء مشكلة الأوراق النقدية التالفة لفئة المئتين والخمسين ريالاً وما دونها، وذلك حرصاً من البنك المركزي على استخدام أدواته بما يخدم أبناء الشعب دون أن يترتب عن ذلك إضافة أي كتلة نقدية أو التأثير في أسعار الصرف.
وأكد أنه يضع على رأس أولوياته إعادة الاعتبار للعملة الوطنية، التي تعرضت وفق ما قال في بيان صادر الثلاثاء 15 يوليو/ تموز، لحرب عدوانية ظالمة وممنهجة بقيادة أميركية، بحسب ما ورد في بيان بنك صنعاء،
مشيراً إلى أنه بناءً على ذلك، سيدرس البنك خلال الستة أشهر القادمة مدى الحاجة لسك وإصدار فئات ما دون الخمسين ريالاً.
محمد راجح