Logo

اليمن والأقربون .. بين الحق المنهوب والمعروف الممنوع

 لا رجاء في مخاطبة مكونات وقوى متصارعة على الأرض، جثمت على صدر الشعب وكتمت أنفاسه، ومضت في تمزيق البلاد إلى كنتونات مصالح ومناطق نفوذ تتقاسمها فيما بينها. 

لقد باتت مجرد أدوات بين أجير وعميل ومرتزق ومستبد، والقرار لم يعد بأيديها. وربما مخاطبة (المتحكّم) الأقربين أجدى.

إلى الأقربين في الجوار:

“والأقربون أولى بالمعروف”… لكن يبدو أنها صارت ممنوعة من الصرف بين الجوار وجاره اليمن!

تلك الآية الكريمة، التي تشكّل ركيزة من ركائز الأخلاق الإسلامية والاجتماعية، لم تجد سبيلها إلى التطبيق في علاقة بعض الجوار باليمن، رغم ما يجمعهم من جغرافيا ودين وتاريخ ومصير مشترك.

بل على العكس، تحوّل القرب الجغرافي إلى ذريعة للهيمنة، والتاريخ المشترك إلى أداة للابتزاز، والمصير الواحد إلى ساحة صراع لا يُراد لليمن فيها إلا أن يكون تابعًا أو ورقة في لعبة المحاور.

اليمن، البلد الجار والشقيق، الذي كان دومًا سندًا لأشقائه، لا يستحق أن يُكافأ بالتفكيك والتجويع والحصار، ولا أن يكون ساحة لمشاريع الوصاية والصراعات الإقليمية.

المعروف أن “المعروف” يتضاعف كلما اقترب الدم والحدود، لكن يبدو أن الحسابات تبدّلت، وأن المعروف لم يعد يُصرف للأقربين، بل استُبدل بالمصالح والصفقات وخطط التقسيم.

لا يطلب الجار من جواره أن يُضحّي، بل أن يُنصف، أن يحفظ كرامة الجوار، ويتعامل بنديّة واحترام، لا باستعلاء وتسلّط.

اليمنيون لا يستجدون إحسانًا، بل يطالبون بعدالة. لا يتوسّلون، بل يصرّون على حقوقهم في علاقة متوازنة عادلة، لا يشوبها الطمع، ولا تحرّكها الهواجس من يمن حرّ ومستقلّ.

لقد آن الأوان أن يراجع الجوار حساباته ويعيد قراءة الآية من جديد:

“وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ”… لا أن يُمنع عنه المعروف، أو يُصرف إليه الجفاء.

*فيصل أمين أبو رأس
 سفير وبرلماني سابق