Logo

هل تتسع الحرب الإيرانية - الإسرائيلية؟ ومن له مصلحة في ذلك؟

الرأي الثالث 

السؤال المقلق في منطقتنا، وبخاصة في دول الخليج العربية هو: هل يمكن استمرار احتواء الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران؟ ومن قد يسعى إلى توسعة ساحاتها؟

لا تزال الحرب محصورة بين الطرفين، الدول الخليجية دانت العدوان الإسرائيلي على إيران، والولايات المتحدة قالت إن إسرائيل اتخذت قرار الحرب منفردة، وإن أميركا ليست طرفاً فيها، محذرة إيران من الهجوم على أي من قواعدها في المنطقة، دول الخليج والعراق وسوريا والأردن.

لكن مع استمرار الحرب التي اندلعت فجر الجمعة الماضي واستمرار الغارات المتبادلة بين الطرفين لا بد من تقييم موقفهما، بالتالي توقع سعي أي منهما إلى توسعة مجال الحرب.

إيران

تخشى إيران من اتساع رقعة الحرب ودخول أميركا بقواتها التدميرية الهائلة عليها، ومن المنطقي القول إنها تفضل أن تخوض الحرب على جبهة واحدة بدلاً من اتساع الجبهات عليها، 

ومن ثم فليس من مصلحة إيران اتساع رقعتها ودخول الولايات المتحدة الأميركية، وربما أطراف أخرى، للحرب.

ويرى الإيرانيون أن شعور الإسرائيليين بأنهم يقفون لوحدهم في هذه الحرب يؤثر في معنوياتهم ويعزز الانقسام والنقمة على حكومتهم التي ورطتهم بهذه الحرب دون التنسيق مع حلفائها الغربيين وإشراكهم بالدفاع عنهم، 

ويرى الإيرانيون أنهم يمكن أن يمتصوا الصدمة، ويمكنهم الصمود مدة طويلة، فقد تعودوا على الحروب والحصار،

 وأصروا طوال ثماني سنوات على الاستمرار في الحرب على العراق، والتي أشعلها الرئيس الراحل صدام حسين، وأصر الخميني على استمرارها حتى تجرع "كأس السم" وقبل وقف إطلاق النار.

هو أمر يصعب على إسرائيل تحمله، فعلى رغم أن الإيرانيين تكبدوا، ولا يزالون يتكبدون خسائر هائلة في الأرواح والقيادات والعلماء والمنشآت، فإنهم يعتقدون أن بإمكانهم تحمل ذلك وتجاوزه،

 لكن هذا الصمود سيعتمد على تطورات الضربات الإسرائيلية ونوعيتها وأهدافها، فهل تُقدم إسرائيل على ضرب المدن والتجمعات السكنية لإجبار إيران على تجرع "كأس سم" آخر؟ 

ليس ذلك في وارد بنيامين نتنياهو الذي يأمل بألا يستفز الجموع البشرية الإيرانية الهائلة (90 مليوناً)، أملاً في أن تثور على نظامها وتنقلب عليه، لكن تطورات الحرب قد تفرض عليه ذلك.

إسرائيل

تفوقت بالطيران وبالضربة الصدمة النوعية في ساعاتها الأولى، وقتلت قيادات وعلماء وضربت منشآت نووية لم تظهر نتائج أضرارها بعد، لكنها بدأت تتلقى صواريخ إيرانية باليستية فشلت دفاعاتها في صدها وإسقاطها جميعاً، فقتل العشرات وجرح المئات، 

ودُمِّرت مبانٍ عديدة للمرة الأولى داخل المدن الإسرائيلية، وتتكتم على خسائرها وتمنع تسرب أخبارها، وسط حرب معلومات وتمويهات وتسريبات متبادلة في المنطقة بقيادة الطرفين المتحاربين.
 
لكن إسرائيل ستسعى جاهدة إلى جر الولايات المتحدة الأميركية للحرب للتخفيف من خسائرها من جهة، ولحسم المعركة أو الحرب، كما تتوقع، في حال دخول أميركا بالمعركة،

 نتنياهو ومن معه يسعون بكل ما لديهم من قوة داخل الولايات المتحدة لدخولها إلى جانبهم لضرب إيران ضربات قد تؤدي إلى حسم هذه الحرب وإجهاض سيناريو حرب استنزاف طويلة مع إيران.

الإمدادات العسكرية الأميركية والغربية عموماً لم ولن تتوقف عن إسرائيل، وعلى العكس من ذلك، فإن ما تطلقه إيران من صواريخ باليستية يصعب تعويضه بسرعة،

 لكن ذلك لن يكفي إسرائيل، وسوف تعمل على إشراك الغرب، أو في الأقل الولايات المتحدة في حربها على إيران.

ماذا لو؟

اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الولايات المتحدة بالتورط في العدوان على بلاده، وهو مؤشر خطر قد يعني أن هناك سيناريو إيرانياً آخر يريد هدم المعبد على من فيه، أو أنه يهيئ الأجواء لتطور خطر: تفجير نووي إيراني وسلاح نوعي سري إيراني أو ضربة إيرانية للقواعد الأميركية في المنطقة.

وهنا يكون السؤال: ماذا لو قامت إيران بضرب القواعد الأميركية في المنطقة؟ 

ماذا سيكون رد فعل دول الخليج على انتهاك سيادة بلادها والاعتداء عليها؟

 وماذا سيكون رد فعل الحشد الشعبي العراقي التابع لإيران؟ 

وماذا سيكون من تطورات داخل العراق نفسها حال ارتخاء القبضة الإيرانية على الأوضاع العراقية من خلال الحشد الشعبي؟ 

كلها تساؤلات قد تتناولها مقالات قادمة، لكن الإجابة عنها تعتمد على تطورات الحرب واتساع رقعتها من عدمه.

سعد بن طفلة العجمي
 وزير الإعلام السابق في الكويت