كيف يؤثر تفجير أي من مفاعلات إيران النووية على دول الخليج؟
أعاد استهداف منشأة نطنز النووية في إيران لتخصيب اليورانيوم، والأضرار التي لحقت بها، المخاوف من خطورة انفجار أي من المفاعلات النووية الإيرانية وتأثيراتها على دول الخليج؛ من خلال تسريب المواد الإشعاعية، وذلك مع استمرار التوتر مع "إسرائيل".
وتهدد المفاعلات والمنشآت النووية الإيرانية دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة الكويت، بسبب افتقار تلك المنشآت لمعايير الأمان الكاملة، إضافة إلى تعرضها لهجمات متكررة بين حين وآخر.
ولا تخفي دول الخليج تخوفها من التأثيرات المتوقع حدوثها في حالة وقوع أي هجوم أو حادث أو زلزال في المنشآت النووية الإيرانية ووصول تأثيرها إلى مدنها وسكانها وبيئتها؛ لكونها قريبة من إيران.
فقد جاء الاستنكار الخليجي للضربة الإسرائيلية سريعاً، حيث أعربت دول مجلس التعاون، في بيانات منفصلة، عن الإدانة الشديدة للهجمات، واعتبرتها "تمثل انتهاكاً ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية".
وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد حذر في مارس الماضي من أن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية من شأنه أن "يلوث بالكامل" مياه الخليج ويهدد الحياة في قطر والإمارات والكويت.
وأوضح في حوار مع الإعلامي الأمريكي تاكر كارلسون، إن من شأن هكذا هجوم أن يترك الخليج "بلا مياه (صالحة للشرب) ولا أسماك ولا شيء… لا حياة".
كما سبق أن حثت دول الخليج طهران على ضرورة ضمان مطابقة منشآتها النووية لمعايير السلامة الدولية والانضمام إلى اتفاقية السلامة النووية.
وشكلت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في عام 2012، لجاناً عليا لتقييم التأثيرات البيئية من مفاعل بوشهر النووي الإيراني على منطقة الخليج العربي، وإجراء الدراسات البيئية الدقيقة حول هذا الجانب.
منشأة نطنز
وتعد منشأة "نطنز"، التي تعرضت لهجوم إسرائيلي صباح الجمعة (13 يونيو)، الكبرى من نوعها في إيران، حيث تبعد 260 كيلومتراً من مدينة كاشان بمحافظة أصفهان الإيرانية،
وسبق أن تعرضت لعدد من الهجمات والحوادث في السنوات الماضية، ولم ترد حتى الآن أنباء عن حصول تلوث نووي بسبب الضربة.
وتضم المنشأة التي تقع في مدينة أصفهان، والمختصة في تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي، نحو 50 ألفاً من أنابيب نقل الغاز المتطورة، مما يسمح بإنتاج كميات من اليورانيوم، وتتكون من 3 مبانٍ كبيرة تحت الأرض.
وسبق لهذه المنشأة أن تعرضت لعدد من الحوادث والهجمات؛ من بينها حريق اندلع العام 2020 في المنشأة، وادعت السلطات الإيرانية حينها أنه نجم عن عملية تخريب "سيبرانية"،
كما تعرضت لهجوم إسرائيلي عام 2021 تسبب بانفجار كبير أدى إلى تدمير كلي لنظام الطاقة الداخلي للمنشأة.
وفي عام 2010 تعرضت المنشأة، إلى جانب منشآت نووية إيرانية أخرى، لهجمات إلكترونية "سيبرانية".
تحديات أمنية
الخبير الأمني والاستراتيجي خالد الصلال، يؤكد أن المنشآت النووية الإيرانية في "نطنز"، والمفاعلات النووية الإيرانية بشكل عام، تعد أكبر التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، وتحديداً دول الخليج الواقعة على الساحل الغربي.
وأما دول الخليج التي تشكل المفاعلات النووية خطراً عليها، فيوضح الصلال، أن الكويت أولها، فهي تبعد فقط 250 كيلومتراً عن أقرب مفاعل نووي إيراني.
وفي حال حدث أي خطأ أو خلل في المفاعلات النووية الإيرانية فستكون، وفق ما يقول الصلال، "أمام تسريب نووي، حيث إن المياه ستحمل الملوثات النووية إلى شواطئ دول الخليج، وأول ما سيطول التلوث هو محطات تقطير المياه".
وتدور حركة مياه الخليج العربي، وفق الصلال، عكس عقارب الساعة، أي من جهة إيران إلى سواحل الخليج.
ولا يستبعد الصلال أن تواجه دول الخليج في حال حدوث تسرب نووي في إيران كارثة حقيقية؛ على رأسها مصدر المياه الوحيد الذي تعتمد عليه دول مجلس التعاون، وهو مياه بحر الخليج.
إجراءات السلامة
وإلى جانب الصلال يؤكد الباحث خالد عبد اللطيف التركي، أن إيران تفتقد خبراء التشغيل المؤهلين الذين يمتلكون الخبرات العالية والمتخصصة،
إضافة إلى أنها ترفض التوقيع والتصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأمن النووي والسلامة النووية، وهو ما يجعل مفاعلات أبرزها منشأة "بوشهر" قابلة وعرضة لكارثة نووية.
وتحتم المفاعلات النووية الإيرانية على دول الخليج، حسب دراسة للتركي نشرها عام 2012، إعداد وتطوير برنامج إقليمي للتعامل والتنسيق؛ مثل تشكيل هيئة عليا خاصة ضمن إطار الأمانة العامة لمجلس التعاون حول الخطورة القادمة من إيران.
ويرى أن دول الخليج تحتاج إلى إطلاق "البروتوكول الخليجي الموحد للتعامل مع الطوارئ الإشعاعية، وذلك للتعامل مع كل السيناريوهات المحتملة؛ لكون التسريب الإشعاعي لا يعرف حدوداً جغرافية ولن يقتصر على دولة بعينها.
كما توصي دراسة التركي دول الخليج بالتعاون والتواصل مع المنظمات الدولية المتخصصة؛ مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الصحة العالمية، خاصة أن لديهم البحوث والبرامج الخاصة بالتعامل مع الإشعاعات النووية.
ولمواجهة الخطر القادم من إيران توضح دراسة التركي أن دول الخليج عليها الاستعانة والاستفادة من الخبرات الدولية المتخصصة، خاصة من تجارب الدول التي عانت سابقاً من مثل تلك الأحداث؛ مثل اليابان وأوكرانيا وبيلاروسيا.
وتطالب دراسة التركي دول الخليج بإعداد خطط طوارئ رسمية طبية وصحية على أعلى مستوى للتعامل مع أي حدث طارئ، وإعداد وتنفيذ برامج تدريبية للأطقم الطبية، وتوفير القاعدة العلمية والبيانات والمدونات والنماذج الخاصة بكل ما يتعلق بالتسمم الإشعاعي وأعراضه المرضية.
وتوصي الدراسة دول الخليج بتنظيم وإجراء مناورة تجريبية عملية حية مشتركة بين دول مجلس التعاون حتى يمكن معرفة وإدراك مدى الجهوزية ومدى التعاون والتواصل والتفاعل البيني الإقليمي الخليجي.